فصل الحاء المهملة مع الميم
  * وممّا يُسْتدركُ عليْه:
  مِن أَسْمائِهِ تعالَى: الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ وهو أَحْكَمُ الحاكِمِينَ، ﷻ.
  قالَ ابنُ الأَثيرِ: الحَكِيمُ فَعِيلٌ بمعْنَى فاعِلٍ، أَو هو الذي يُحْكِمُ الأَشْياءَ ويُتْقنُها، فهو بمعْنَى مُفْعِلٍ، وقيل: الحَكِيمُ ذو الحِكْمَةِ، والحِكْمَةُ عبارَةٌ عن معْرِفَةِ أَفْضَل الأَشياءِ بأَفْضَل العُلومِ.
  ويقالُ لمَنْ يُحْسِنُ دَقائِق الصِّناعات ويُتْقنُها: حَكِيمُ.
  وقال الجوْهَرِيُّ: الحُكْمُ الحِكْمَةُ مِن العِلم، والحَكِيمُ العالِمُ وصاحِبُ الحِكْمَةِ. وقد حَكُمَ، ككَرُمَ: صارَ حَكِيماً، قالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَب:
  وأَبْغِض بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً ... إِذا أَنْتَ حاوَلْتَ أَن تَحْكُما(١)
  أَي إِذا حاوَلْتَ أَن تكونَ حَكِيماً، ومنه أَيْضاً قَوْلُ النابِغَةِ:
  واحْكُمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ إِذ نَظَرَتْ ... إِلى حَمامِ شِراعٍ وارد الثَّمَدِ(٢)
  حَكَى يَعْقوبُ عن الرُّواةِ أَنَّ معْنَى هذا البَيْتِ: كُنْ حَكِيماً كفَتَاةِ الحَيِّ، أَي إِذا قلْتَ فأَصِبْ كما أَصابَت هذه المرأَةُ إِذ نَظَرَتْ إِلى الحمامِ فأَحْصَتْها ولم تُخطِئ عَدَدَها.
  وقالَ الراغِبُ: الحكْمُ أَعَمُّ مِن الحِكْمَة، فكلُّ حِكْمَة حُكْم ولا عكْس، فإِنَّ الحَكِيم(٣) له أَن يقْضِي على شيءٍ بشيءٍ فيقولُ هو كذا وليسَ بكذا، ومنه الحدِيْثِ: إنَّ مِن الشِّعْرِ لحُكْماً، أَي قَضِيَّة صادِقَةً، انتَهَى.
  وقالَ غيرُه في مَعْنَى الحَدِيْث أَي إِنَّ في الشِّعْرِ كَلاماً نافِعاً يَمْنَعُ مِن الجَهْلِ والسَّفه ويَنْهى عنهما، قيلَ: أَرادَ به المَواعِظَ والأَمْثالَ التي يَنْتفِعُ بها الناسُ، ويُرْوَى: إِنَّ مِن الشِّعْرِ لِحكمَةً.
  والحُكْمُ أَيْضاً: العِلْمُ والفقهُ في الدِّيْن. وفي الحَدِيثْ: «الخِلافَةُ في قُرَيْش والحُكْم في الأَنْصار»، خصَّهم بالحُكمِ لأَنَّ أَكْثَر فُقهاء الصَّحابَةِ فيهم منهم: معاذُ بنُ جَبَلٍ وأُبيّ بنُ كَعْبٍ وزيدُ بنُ ثابِتٍ وغيرُهم.
  وقالَ اللَّيْثُ بَلَغَني أَنَّه يسمى(٤) الرجُلُ حَكِيماً.
  ورَدَّه الأَزْهَرِيُّ.
  وقد سَمَّى الأَعْشَى قَصِيدَتَه المُحْكمَةَ حَكِيمَةً، أَي ذاتُ حِكْمَة، فقالَ:
  وغَرِيبَةٍ تَأْتي المُلوكَ حَكِيمَةً ... قد قُلْتُها ليُقالَ مَن ذا قالَها؟(٥)
  وفي صفَةِ القُرآنِ: وهو الذِّكْرُ الحَكِيم أَي الحَاكِمُ لكُم وعليكم، أَو هو المُحْكَمُ الذي لا اخْتِلاف فيه ولا اضْطِرَاب.
  واحْتَكَمُوا إِلى الحاكِمِ كتَحَاكَمُوا، نَقَلَه الجوْهَرِيُّ.
  والحَكَمَةُ، محرَّكةً: القُضاةُ. وأَيْضاً: المُسْتَهزِئُونَ.
  وحاكَمْناهُ إِلى اللهِ: دَعَوْناه إِلى حُكْمِ اللهِ.
  وحَكَمَ الرجُلُ يَحْكُمُ حُكْماً: بَلَغَ النِّهايَةَ في معْناهُ مَدْحاً لازِماً.
  وقالَ أَبو عَدْنان: اسْتَحْكَمَ الرجُلُ إِذا تَنَاهَى عمَّا يضُرُّه في دِينِه ودُنّياه، قالَ ذو الرُّمَّةِ:
  لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مؤمِنٌ ... من القومِ لا يَهْوى الكَلامَ اللَّوَاغِيا(٦)
  واحْتَكَمَ الأَمْرُ واسْتَحْكَمَ: وَثُقَ.
  وحَكَمْتُ الفَرَسَ وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه: قَدَعْتَه وكَفَفْتَهُ.
  وحَكَمٌ، محرَّكةً: أَبو حَيٍّ مِن اليَمَنِ، وهو ابنُ سَعْدِ العَشِيرَةِ مِن مذحج. وفي الحَدِيْث: «شَفاعَتِي لأَهْلِ الكبَائِرِ مِن أُمَّتي حتى حَكَم وحاءَ».
  قالَ ابنُ الأَثيرِ: وهُما قِبِيلَتَان جَافِيَتَان مِن وَرَاء رَمْل يَبْرِين.
(١) اللسان والتهذيب والصحاح.
(٢) ديوانه ط بيروت ص ٣٤ وفيه: «احكم ..» واللسان والتهذيب والأساس والصحاح والمفردات للراغب.
(٣) في المفردات: الحكم.
(٤) في التهذيب: بلغني أنه نُهي أن يسمى الرجل حَكَماً (في اللسان: حكيماً).
(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٥١ واللسان والأساس والتهذيب.
(٦) ديوانه ص ٦٥٥ واللسان والتهذيب.