تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حلكم]:

صفحة 173 - الجزء 16

  هذا حِمامُ الموتِ قد صَلِيَتْ

  أَي قَضاؤُه.

  وقالَ غيرُه: أَنْشَدَنا غيرُ واحِدٍ مِن الشيوخِ:

  أَخلاي لو غير الحِمام أَصابَكم ... عتبتُ ولكن ما على الموتِ مُعْتَب

  والحُمامُ، كغُرابٍ: حُمَّى الإِبِلِ وجَميعِ الدَّوابَّ، جاءَ على عامَّةِ ما يجِيءُ عليه الأَدْواءُ. يقالُ: حُمَّ البَعيرُ حُماماً.

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ عن ابنِ شُمَيْل: الإِبلُ إذا أَكَلَتِ النَّدَى أَخَذَها الحُمامُ والقُماحُ، فأَمَّا الحُمامُ فيَأْخُذُها في جلْدِها حِرٌّ حتى يُطْلَى جَسَدُها بالطِّيْنِ فتدع الرَّتْعَةَ ويَذْهَبُ طِرْفها⁣(⁣١)، يكونُ بها الشهر ثم يَذْهَبُ.

  والحُمامُ: السَّيِّدُ الشَّريفُ.

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: أُرَاهُ في الأَصْلِ: الهُمامُ، فقُلِبَت الهاءُ حاءً، قالَ الشاعِرُ:

  أَنا ابنُ الأَكْرَمينَ أَخو المَعالي ... حُمامُ عَشِيرتي وقِوامُ قَيْسِ⁣(⁣٢)

  والحُمَامُ: اسمُ رجُلٍ⁣(⁣٣).

  وذو الحُمَامِ بنُ مالِكٍ: حِمْيَرِيٌّ.

  والحَمَامُ، كسَحابٍ: طائِرٌ بَرِّيٌّ لا يأْلَفُ البُيوتَ، م مَعْروفٌ، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه.

  قالَ: وهذه التي تكونُ في البُيوتِ فهي اليَمامُ.

  وذَكَرَ ارسطو الحكيم: أَنَّ الحَمامَ يَعِيشُ ثَمَانِيْن سَنَة.

  أَو اليَمامُ ضَرْبٌ مِن الحَمامِ بَرِّيٌّ: وأَمَّا الحَمامُ فإنَّه كلُّ ذي طَوْقٍ مِثْل القُمْريُّ والفاخِتَة وأَشْباهِها، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ.

  وزادَ الجوْهَرِيُّ بعْدَ الفاخِتَة وساقِ حُرٍّ والقَطا والوَراشِيْن، قالَ: وعنْدَ العامَّةِ أَنَّها الدَّواجِنُ فقط. ثم قالَ: وأَمَّا الدَّواجِنُ التي تُسْتَفْرَخُ في البُيوتِ هي حَمامٌ أَيْضاً، وأَمَّا اليَمامُ فهو الحَمامُ الوحْشيُّ، وهو ضَرْبٌ مِن طيرِ الصَّحْراء، قالَ: هذا قولُ الأصْمَعيّ، وكان الكِسائيُّ يقولُ: الحَمامُ هو البَرِّيُّ، واليَمامُ هو الذي يأْلَفُ البُيوتَ.

  قلْتُ: وإليه ذَهَبَ ابنُ سِيْدَه، وإِيَّاهُ تَبع المصنِّفُ، وبه يَظْهَرُ سُقوطُ اعْتِراضِ شيْخِنا على المصنِّفِ.

  ورَوَى الأزْهَرِيُّ عن الشافِعِيّ: كلُّ ما عَبَّ وهَدَرَ فهو حَمامٌ يدْخُلُ فيها⁣(⁣٤) القَمارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَواخِتُ، سواءٌ كانت مُطَوَّقَةً أَو غَيْر مُطَوَّقة، آلِفةً أَو وَحْشيَّةً.

  قالَ: ومعْنَى عَبَّ شَرِبَ نَفَساً نَفَساً حتى يَرْوَى، ولم يَنْفُر الماءَ نَقْراً كما تَفْعَله سائِرُ الطيرِ، والهَديرُ: صَوْتُ الحَمامِ كُلِّه.

  وتَقَعُ واحِدَتُه، التي هي حَمامَةٌ، على الذَّكَرِ والأُنْثَى كالحَيَّةِ والنَّعامَةِ ونحْوِها، ج حَمائِمُ، ولا تَقُلْ للذَّكَرِ حَمامٌ، هذا كُلُّه سِياقُ ابنِ سِيْدَه في المُحكَمِ.

  وقالَ الجوْهَرِيُّ: الحَمامُ يقَعُ على الذَّكَرِ والأُنْثَى، لأنَّ الهاءَ إنَّما دَخَلَتْه على أَنَّه واحِدٌ مِن جنْسِ لا للتَّأْنِيثِ.

  وقالَ: جَمْعُ الحَمامَةِ حَمامٌ وحَمامَات وحَمائِمُ، ورُبَّما قالوا: حَمامٌ للواحِدِ.

  قالوا: مُجاوَرَتُها في البُيوتِ أَمانٌ من الخَدَرِ، وفي بعضِ النسخِ: الجدرى والأُوْلَى الصَّوابُ، والفالِجِ والسَّكْتَةِ والجُمودِ والسُّباتِ، وخَصَّ بعضُهم به الحَمامَ الأَحْمر، ولَحْمُه باهِيٌّ يَزيدُ الدَّمَ والمَنِيَّ، ووَضْعُها مَشْقوقَةً وهي حَيَّةٌ على نَهْشةِ⁣(⁣٥) العَقْربِ مُجَرَّبٌ للبُرْءِ، ودَمُها يَقْطَعُ الرُّعافَ عن تجْربَةٍ.

  ومحمدُ بنُ يَزِيدَ الحَمَامِيُّ، هكذا في النسخِ وهو غَلَطٌ، والصَّوابُ: محمدٌ بنُ بدرٍ⁣(⁣٦) وهو أبو الحَسَنِ محمدُ بنُ أَبي النَّجْمِ بدر الكَبير، مَوْلَى المُعْتَضد، الحَمامِيُّ، حَدَّثَ عن أَبيهِ وبكْرِ بنِ سَهْل الدّمْياطيّ، وعنه أَبو نُعَيْم الحافِظُ والدَّارْقُطنيُّ، وَليَ بِلادَ فارِسَ بعْد أَبيهِ وكان ثِقَةً صَحِيحَ السماعِ، مَاتَ سَنَة ثلثمائة وأَرْبَع وسِتِّيْن، وأَبوه أَبو النَّجْم


(١) عن التهذيب وبالأصل «طرفها» بالفاء.

(٢) اللسان والتهذيب والتكملة، ولم ينسبوه.

(٣) في القاموس بالضم منونة، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى الجر.

(٤) في التهذيب: «فيه».

(٥) على هامش القاموس: الأولى: لدغة، لأن النهش بالفم، والعقرب تلدغ بإبرتها، اه، نصر.

(٦) ومثله في التبصير ٢/ ٥١٢.