تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غبب]:

صفحة 272 - الجزء 2

  وغَبَّتْ غِبَّاً، ورجل مُغِبٌّ، رُوِي عن أَبي زَيْد على لَفْظِ الفَاعِل.

  والغَبُّ بالفَتْح: مَصْدَر غبَّت المَاشِيَةُ تَغِبُّ بالكَسْر إِذا شَرِبَت غِبَّاً، كالغُبُوبِ بالضَّم، وقد أَغَبَّهَا صَاحِبُها، وإِبِل بَنِي فُلانٍ غَابَّةٌ وغَوابُّ وذَلِكَ إِذا شَرِبَت يَوْماً وغَبَّت يَوْماً، قالَه الأَصْمَعيُّ.

  وقال ابنُ دُرَيْدٍ: الغُبُّ بالضَّم: الضَّارِبُ مِنَ البَحْرِ حَتَّى يُمْعِنَ في الأَرْض، ونَصُّ ابْنِ دُرَيْد في البَرِّ، قال: وهو مِنَ الأَسْمَاء التي لا تَصْرِيف لهَا، وجَمْعُه غُبَّانٌ كما يَأْتي، والغُبُّ: الغَامِضُ مِنَ الأَرْض. قال:

  كأَنَّها في الغُبِّ ذي الغِيطانِ ... ذِئَابُ دَجْنٍ دَائِمُ التَّهْتَانِ

  ج: أَغْبَابٌ وغُبُوبٌ بالضَّم وغُبَّانٌ. ومن كلامهم: أَصابَنَا مطرٌ سَالَ منه الهُجَّان والغُبَّان. والهُجَّانُ مَذْكُورٌ في مَحلِّه.

  وأَغَبَّ الزَّائِرُ القَوْمَ بالنَّصب مَفْعُولُ أَغبَّ أَي جَاءَهم يَوْماً وَتَرَك يَوْماً، كَغَبَّ عَنْهُم، ثُلَاثيًّا، وهما من الغَبّ بمَعْنَى الإِتْيانِ في اليَوْمَيْن ويَكُون أَكْثَرَ، وأَغَبَّت الإِبلُ، إِذَا لم تَأْتِ كُلَّ يَوْم بلَبَن. وفي الحَديث «أَغِبُّوا في عِيَادَةِ المَرِيضِ وأَرْبِعُوا» يقول: عُدْ يَوْماً ودَعْ يَوْماً أَو دَعْ يَوْمَيْن وعُد اليَومَ الثَّالِث، أَي لا تَعودُوه⁣(⁣١) في كُلِّ يَوْمِ لِمَا يَجِدُه من ثِقَل العُوَّاد. وقال الكِسَائِيُّ: أَغْبَبْتُ القَوْمَ وغَبَبْتُ عنْهُم من الغِبّ: جِئتُهم يوْماً وتَرَكْتُهُم يَوْماً فإِذا أَردْتَ الدَّفْعَ قلت: غَبَّبْتُ عنه⁣(⁣٢)، بالتَّشْدِيد، كما يأْتي. وفي التَّهْذِيب: أَغَبَّ اللَّحْمُ إِذا أَنْتَنَ كغَبَّ ثُلَاثِيّاً. وفي حَدِيثِ الغِيبَة: «فقَاءَتْ لَحْماً غَابّاً» أَي مُنْتِناً.

  وفي لِسَانِ العَرَبِ: يُقَال: غَبّ الطَّعَامُ والتَّمْرُ يَغِبُّ غَبًّا وغِبًّا وغُبُوباً وغُبُوبَةً فهو غَابٌّ: باتَ لَيْلَةً، فَسَد أَو لم يَفْسُد، وخَصَّ بَعْضُهم اللَّحْمَ. وقيل: غَبَّ الطَّعَامُ: تَغَيَّرتْ رَائِحَتُه، ثم قال: ويُسَمَّى اللحْمُ البَائِتُ غَابًّا وغَبِيباً⁣(⁣٣). وقال جَرِيرٌ يَهْجُو الأَخْطَل:

  والتَّغلَبِيَّةُ حِينَ غَبَّ غَبِيبُهَا ... تَهْوِي مشافِرُها بِشَرِّ مَشَافِرِ

  أَرَاد بقوله: غَبَّ غَبِيبُهَا: ما أَنْتَنَ من لُحُومِ مَيْتَتِها وخَنَازيرِها.

  ثم قَال: وغبَّ فلانٌ عنْدَنَا غِبُّا، وأَغَبَّ: بَاتَ. ومنه سُمِّيَ اللحمُ البَائِت غَابًّا. ومنه قَوْلُهم: رُوَيْدَ الشِّعْرِ يَغِبّ، ولا يكُونُ يَغِبّ، ومعْنَاه دَعْه يَمْكُثْ يوماً أَو يَوْمَيْن.

  والتَّغْبِيبُ في الحَاجَةِ تَرْكُ. وفي بَعْضِ الأَمَّهَات: عَدَمُ المُبَالَغَة فيهَا. و: أَخْذُ الذِّئْبِ بحَلْقِ الشَّاةِ. يقال: غَبَّبَ الذّئْبُ [على الغنم]⁣(⁣٤)، إِذَا شَدَّ على الغَنَم فَفَرَسَ، وغَبَّب الفرَسُ: دقَّ العُنُقَ. والتَّغْبِيبُ أَيضاً: أَن يَدَعها وبِهَا شَيْءٌ مِن حيَاة، كذا في لسان العرب. والتَّغْبِيب⁣(⁣٥) عَن القَوْمِ: الدَّفْعُ عَنْهُم قاله الكِسَائِيُّ وثَعْلَب، وقد أَشرنا لَهُ آنِفاً.

  والمُغِبُّ، على صِيغَة اسْمِ الفَاعِل: من أَسْمَاء الأَسَد، نقله الصَّاغَانِيّ.

  والغَبْغَبُ كجَعْفَر: صَنَمٌ⁣(⁣٦) كان يُذْبَح علَيْهِ في الجَاهِليَّة، وقيل: هو حَجَرٌ يُنْصَب بين يَدَيِ الصَّنَمِ كان لِمنَافٍ مُسْتَقْبلَ رُكْنِ الحَجَر الأَسْوَد وكَانَا اثْنَيْن. قال ابْنُ دُرَيْد، وقال قَوْمٌ: هو العَبْعَبُ، بالمُهْمَلَة، وقد تَقَدَّم ذِكْرُه. وفي التَّهْذِيب: قال أَبُو طَالبٍ في قوْلِهِم: «رُبَّ رَمْيَةٍ من غيْر رَامٍ» أَوَّلُ منْ قاله الحَكمُ بْنُ عبد يَغُوثَ، وكان أَرْمَى أَهْل زمَانِه، فآلى لَيَذْبَحَنَّ⁣(⁣٧) على الغَبْغَبِ مَهاةً فحَمَل قوسَه وكِنانَتَه فلم يَصْنَع شَيْئاً، فقال: لأَذْبَحَنَّ⁣(⁣٨) نَفْسِي، فقال له أَخُوهُ: اذْبَحْ⁣(⁣٥) مَكَانَها عَشْراً من الإِبِل، ولا تَقْتُلْ نَفْسَكَ.

  فقال: لا أَظْلِم عَاتِرَةً، وأَتْرُكُ النَّافِرَةَ، ثم خَرج ابنُه مَعَه فَرَمَى بَقَرَةً فَأَصَابَهَا فقال أَبُوهُ «رُبَّ رَمْيَةٍ منْ غَيْر رَام».

  وغَبْغَبَ، إِذَا خَانَ في شِرَائه وبَيْعِه، قاله أَبُو عَمْرو.

  وعن الأَصْمَعِيّ: الغَبْغَبُ: هو اللَّحْمُ المُتَدلِّي تَحْتَ الحَنَك⁣(⁣٩)، كالغَبَب مُحَرَّكة. وقال الليثُ: الغَبَبُ للبَقَر


(١) اللسان: لا تعده.

(٢) اللسان: عنهم.

(٣) كذا بالأصل واللسان والمجمل، وفي المقاييس: ولحم غابٌّ إذا لم يؤكل لوقته، بل ترك وقتاً وفترة.

(٤) زيادة عن اللسان.

(٥) عن اللسان، وبالأصل «الغبّ».

(٦) في اللسان: نصب.

(٧) عن اللسان، وبالأصل «ليدجن».

(٨) عن اللسان، وبالأصل «لأدرجن ... دج مكانها».

(٩) في اللسان: الجلد الذي تحت الحنك.