فصل الدال المهملة مع الميم
  قلْتُ: في هذا السِّياقِ قصورٌ بالِغٌ، أمَّا أَوَّلاً: فاقْتِصارُهُ على الضمِّ والجوْهَرِيُّ نَقَلَ فيه الوَجْهَيْن، قالَ: فأَصْحابُ اللُّغَةِ يقُولُونَه بضمِ الدالِ، وأَصْحابُ الحدِيْث يفْتَحُونَها، وأَنْشَدَ للَبيدٍ يَصِفُ بناتَ الدهْرِ:
  وأَعْصَفْنَ بالدُّومِيِّ من رأْسِ حِصْنِهِ ... وأَنْزَلْنَ بالأسْباب ربَّ المُشَقّرِ(١)
  يَعْني أُكَيْدِر، صاحِبَ دُومَةِ الجَنْدَلِ، يقالُ فيه بالضمِّ وبالفتْحِ، ومِثْلُه قوْلُ ابنِ الأَثيرِ فإنَّه قالَ: وَرَدَ ذِكْرُها في الحدِيْث، وتُضَمُّ دالُها وتُفْتَحُ.
  قلْتُ: وكأَنَّه ذَهَبَ إلى قوْلِ بعضٍ مِن تَخْطِئةِ الفَتْح وفيه نظرٌ.
  وثانِياً: فإنَّه لم يبين هذا هل هو مَوْضِعٌ أَو حِصْنٌ.
  ففي الصِّحاحِ: اسمُ حِصْنٍ.
  وقالَ ابنُ الأثيرِ: هو مَوْضِعٌ.
  وقالَ أَبو سَعِيدٍ(٢) الضَّرِير: دَوْمَةُ الجَنْدَلِ في غائِطٍ مِن الأرضِ خَمْسة فراسِخَ، ومن قِبَلِ مغْرِبهِ عَيْنٌ تَثُجُّ فتَسْقي ما به مِن النَّخْلِ والزَّرْعِ؛ ودَوْمَةُ ضاحِيَةٌ بينَ غائِطِها هذا، واسمُ حِصْنِها مارِدٌ، سُمِّيَت بذلِكَ لأَنَّ حِصْنَها مَبْنيٌّ بالجَنْدَلِ.
  وقالَ غيرُهُ: هو مَوْضِعٌ فاصِلٌ بينَ الشأمِ والعِراقِ على سبْعِ مَراحِل مِن دِمَشْق، وقيلَ: فاصِلٌ بينَ الشأمِ والمَدينَةِ قُرْبَ تَبُوك.
  ودَوْمانُ بنُ بَكِيلِ بنِ جُشَمَ بنِ خيران بنِ نوفٍ: أَبو قَبيلَةٍ مِن هَمْدانَ، أَعْقَبَ مِن حِمْيَر وزنْباع ومُعاوِيَة وصَعْب، الأُولَيَان بَطْنان.
  ودَوْمٌ بنُ حِمْيَرَ بنِ سَبَأً بنِ يشجبِ بنِ يَعْرب بنِ قَحْطان، لمِ أَرَهُ عندَ النَّسَّابَةِ.
  والدُّوميُّ، بالضَّمِ، كرُوميٍّ، هو ابنُ قَيْسِ بنِ ذُهْلٍ الكَلْبيّ: صَحابيُّ له وِفادَةٌ؛ ذَكَرَه ابنُ ماكولا عن جَمْهَرةِ النّسَبِ. والدَّامُ: ع، هكذا في النسخِ، والصَّوابُ: وأَدَامُ(٣): مَوْضِعٌ كما هو نَصُّ المُحْكَمِ وأَنْشَدَ لأَبي المُثَلَّمِ:
  لقد أُجْرِي لمصْرَعِهِ تَلِيدٌ ... وساقَتْهُ المَنِيَّةُ من أَدَامَا(٤)
  قالَ ابنُ جنيِّ: يكونُ أَفْعَلَ مِن دامَ يَدُومُ فلا يُصْرَفُ كما لا يُصْرَفُ أَخْزَمُ والأَحْمر، وأَصْلُه على هذا أَدْوَم، قالَ: وقد يكونُ مِن د م ي، وسَيَأْتي ذِكْرُه أَيْضاً.
  قلْتُ: البَيْتُ المَذْكورُ ذُكِرَ مِن قَصِيدَةٍ لصَخْرِ الغَيِّ الهُذَليّ.
  وقالَ الأصْمَعيُّ: هو بَلَدٌ؛ وقيلَ: وادٍ.
  وقالَ ابنُ حازِمٍ(٥): هو مِن أَشْهَر أَوْدِيَة مكَّةَ وذَكَرْته في أَدَمَ أَيْضاً.
  ويَدُومُ، كيَقُولُ: جَبَلٌ(٦)، قالَ الرّاعِي:
  وفي يَدُومُ إذا اغْبَرَّتْ مناكِبُهُ ... وذِرْوة الكَوْرِ عن مَرْوانَ مُعْتَزَلُ(٧)
  أَو وادٍ، وبه فسِّرَ البَيْتُ أَيْضاً.
  وذو يَدُومَ(٨): ة باليَمَنِ مِن أَعْمالِ مِخْلافِ سنحان(٩)؛ قالَهُ ياقوتُ. أَو نَهْرٌ مِن بِلادِ مُزَيْنَةَ يدفَعُ بالعَقِيقِ؛ قالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
(١) ديوانه ط بيروت ٧١ برواية: «وأعوصن» وأعوصن: انقلبن، واللسان.
(٢) في معجم البلدان: أبو سعد.
(٣) على هامش القاموس: قال جرير:
يا حبذا الخرج بين الدام والأدمى
كذا في ياقوت، فقول الشارح: الصواب أدام ليس في محله، اه، مصححه». والدام من بلاد بني سعد، قال الحفصي: الدام والأولى من نواحي اليمامة.
(٤) شرح أشعار الهذليين ٣/ ١٣١٦ في زيادات شعره، والبيت في ديوان الهذليين في شعر صخر الغي ٢/ ٦٢ وفيه «أذاما» قال أبو بكر بن دريد: أذام بالدال والذال جميعاً. وفي معجم البلدان «ادام» منسوباً لصخر الغي أيضاً.
(٥) في معجم البلدان: أبو خازم.
(٦) على هامش القاموس: هو مسكن بني عيصو بن إسحاق، كما في ابن خلدون، وقال: اسمه أدوم. ا هـ، نقله نصر.
(٧) ديوانه ط بيروت ص ١٩٩ واللسان.
(٨) على هامش القاموس عن إحدى نسخه: ود، ويَدُومَ.
(٩) عن معجم البلدان وبالأصل سنجان بالجيم.