تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الدال المهملة مع الميم

صفحة 260 - الجزء 16

  وفي الصِّحاحِ: الدُّهَيْماءُ تَصْغيرُ الدَّهْماء، وهي الدَّاهِيَةُ، سُمِّيَت بذلِكَ لإِظْلامِها؛ والدُّهَيْمُ وأُمُّ الدُّهَيْم: من أَسْماءِ الدَّواهِي.

  والدُّهَيْمُ: الأحْمَقُ.

  وأَيْضاً: اسمُ ناقَةِ⁣(⁣١) عَمْرِو بنِ الرَّيَّانِ⁣(⁣١) بنِ مُجالِدٍ الذُّهْلِيِّ، قُتِلَ هو وإِخْوتُهُ وكانوا خَرَجُوا في طَلَبِ إِبِلِ لهم، فلَقِيَهم كثيفُ بنُ زُهَيْرٍ فضَرَبَ أَعْناقَهم، وحُمِلَتْ رُؤُوسُهمُ في جَوالِقٍ وعُلِّقَتْ عليها في عُنُقِها ثم خُلِّيَتِ الإِبِلُ فرَاحَتْ على الرَّيَّان⁣(⁣٢) فقالَ لمَّا رَأَى الجَوالِقَ: أَظُنُّ بَنِيَّ صادُوا بَيْضَ نَعامٍ، ثم أَهْوى بيدِهِ فأَدْخَلَها في الجَوالِقِ فإذا رأْسٌ، فلما رَآه قالَ: آخِرُ البَزِّ على القَلُوصِ، فذَهَبَتْ مَثَلاً، فقيلَ: أَثْقَلُ مِن حِمْل الدُّهَيْم وأَشْأَمُ مِن الدُّهَيْمِ؛ نَقَلَه شَمِرٌ قالَ: سَمِعْتُ ابنَ الأَعْرَابيِّ يَرْوِي عن المُفَضَّلِ هكذا.

  قلْتُ: وقوْلُ الكُمَيْت حجَّة له، وهو قوْلُه:

  أَهَمْدانُ مَهْلاً لا يُصَبِّح بُيوتَكُمْ ... بِجُرْمِكُمُ حِمْلُ الدُّهَيْمِ وما تَزْبي⁣(⁣٣)

  وقيلَ: غَزا قَوْمٌ مِن العَرَبِ قَوْماً فقُتِل منهم سَبْعَةُ إخْوة فحُمِلُوا على الدُّهَيْم، فصارَ مَثَلاً في كلِّ دَاهِيَةٍ.

  ودَهَّمَتِ النَّارُ القِدْرَ تَدْهِيماً: سَوَّدَتْها، عن ابنِ شُمَيْلٍ.

  وقالَ الأَزْهرِيُّ: المُتَدَهَّمُ⁣(⁣٤)، والمُتَدَأَّمُ، والمُتَدَثِّرُ: هو المَجْبوسُ المَأْبونُ.

  وكزُبَيْرٍ: ثَوابَةُ بنُ دُهَيْمٍ عن أَبي محمدٍ الدَّارميِّ؛ والقاسِمُ بنُ دُهَيْمٍ البَيْهقيّ رَحَلَ إلى عبدِ الرَّزَّاقِ: مُحَدِّثانِ؛ وابنُ الأَخيرِ محمدُ بنُ القاسِمِ رَوَى عنه يَعْقوبُ بنُ محمدٍ الفَقِيهُ شيخُ الحاكِمِ.

  وكغُرابٍ وأَحْمدَ وعُثْمانَ: أَسْماءٌ؛ ومِن الثاني: والِدُ الإمام الزَّاهِد إبْراهيم بن أَدْهَم الحَنْظليّ، ¥ ونَفَعَنا به. ومِن المجازِ: حَديقَةٌ دَهْماءُ ومُدْهامَّةٌ: أَي خَضْراءُ تَضْرِبُ إلى السَّوادِ نَعْمَةً ورِيّاً.

  وقد ادْهامَّ الزَّرْعُ: عَلاهُ السَّوادُ رِيّاً؛ ومنه قوْلُه تعالَى: {مُدْهامَّتانِ}⁣(⁣٥) أَي سَوداوَان مِن شِدَّةِ الخضْرَةِ مِن الرِّيِّ؛ يقولُ: خَضْراوَان إلى السَّوادِ مِن الرَّيِّ.

  وقالَ الزَّجاجُ: أَي تَضْرِبُ خُضْرتُهما إلى السَّوادِ، وكلُّ نَبْتٍ خضر⁣(⁣٦) فتَمامُ خِصْبِه ورِيِّهِ أَن يَضْرِبَ إلى السَّوادِ.

  والدُّهْمَةُ عنْدَ العَرَبِ: السَّوادُ، وإِنَّما قيلَ للجَنَّة مُدْهامَّةٌ لشِدَّةِ خُضْرتِها.

  يقالُ: اسْوَدَّتِ الخُضْرَة أَي اشْتَدَّتْ. وفي حدِيْث قُسٍّ: «ورَوْضةٌ مُدْهامَّةٌ»، أَي شَديدَةُ الخضْرَةِ المُتَناهِيَة فيها كأَنَّها سَوْداءُ لشِدَّةِ خُضْرَتِها، والعَرَبْ تقولُ لكلِّ أَخْضَرَ أَسْوَدُ، وسُمِّيَت قُرَى العِراقِ سَواداً لكَثْرَةِ خُضْرتها.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  الدَّهْمُ: الجماعَةُ الكَثيرَةُ؛ والجَمْعُ الدُّهومُ؛ قالَهُ اللَّيْثُ، وأَنْشَدَ:

  جِئْنَا بدَهْمٍ يَدْهَمُ الدُّهُوما ... مَجْرٍ كأَنَّ فوقَهُ النُّجوما⁣(⁣٧)

  وهو في الصِّحاحِ كذلِكَ، ولكنَّه قالَ: العَدَدُ الكَثيرُ، ومِثْلُه في التَّهْذِيبِ، ومنه قوْلُ أَبي جَهْلٍ: «ما تَسْتطِيعُونَ يا مَعْشر قُرَيْشٍ، وأَنْتم الدَّهْمُ، أَن يَغْلِبَ كلُّ عشرةٍ منكُم واحِداً منهم»، قالَهُ لمَّا نزلَ قوْله تعالَى: {عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ}⁣(⁣٨).

  وجاءَ دَهْمٌ مِن الناسِ: كَثيرٌ. وفي الحدِيْث: «محمدٌ في الدَّهْمِ بهذا القَوْر».

  وفي حدِيْثٍ آخَر لبَشِير بنِ سَعْدٍ: «فأَدْرَكَه الدَّهْمُ عندَ اللَّيْلِ».

  ويقالُ: أَتَتْكُمُ الدَّهْماءُ أَي الدَّاهِيَةُ السَّوداءُ المُظْلمةُ.


(١) في القاموس ضبطت بالضم، بالقلم، والكسر ظاهر.

(٢) في اللسان والتهذيب: «الزبان» والأصل كالصحاح.

(٣) اللسان والتهذيب.

(٤) ضبطت اللفظتان في التكملة بالقلم بفتح الهاء في الأول والهمزة في الثانية، والمثبت ضبطه كضبط التهذيب.

(٥) الرحمن الآية ٦٤.

(٦) في اللسان والتهذيب: أخضر.

(٧) اللسان والصحاح والأول في التهذيب.

(٨) المدثر الآية ٣٠.