تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة مع الميم

صفحة 458 - الجزء 17

  نُجُومَ الشِّتاءِ العَاتِماتِ الغَوامِضا⁣(⁣١)

  وِالعُتْمُ، بالضمِّ وبضَمَّتَيْن، هكذا ضبط في الصِّحاحِ معاً، شَجَرُ الزَّيتونِ البَرِّيِّ، زادَ غيرُهُ: الذي لا يَحْملُ شَيئاً.

  وقيلَ: هو ما يَنْبتُ منه في الجِبالِ، وقالَ الجَعْدِيُّ:

  تَسْتَنُّ بالضِّرِّ ومِن بَراقِشَ أَو ... هَبْلانَ أَو ناضِرٍ منَ العُتُم⁣(⁣٢)

  وضَبَطَه ابنُ الأَثيرِ وغيرُهُ بالتَّحريكِ في شرْحِ حدِيْثِ أَبي زيْدٍ الغَافِقيِّ: «الأَسْوِكَةُ ثلاثَةٌ: أَراكٌ فإنْ لم يكنْ فَعَتَمٌ أَو بُطْمٌ»، وفسَّرَه بالزَّيْتونِ، أَو شَجَرٍ يُشْبِهُه يَنْبُتُ بالسَّراةِ، قالَ ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّة الهُذَليُّ:

  من فَوْقه شُعَبٌ قُرٌّ وأَسْفَلُه ... جَيءٌ تَنَطَّقَ بالظَّيَّانِ والعَتَمِ⁣(⁣٣)

  قلْتُ: رأَيْته في شرْحِ دِيوانِ الهُذَلِيِّين بضَمَّتَيْن هكذا كما ضَبَطَه المصنِّفُ ومِثْلُه قولُ أُمَيَّة:

  بَلْكُمْ طَرُوقَتُه واللهُ يَرْفَعها ... فيها العَذَاةُ وفيها يَنْبُتُ العُتُمُ⁣(⁣٤)

  وِالعَيْتوم، كقَيْصومٍ: الجَمَلُ البَطيءُ السَّيْرِ.

  وِأَيْضاً: الرَّجُلُ الضَّخْمُ العَظيمُ الجِسْمِ.

  ونَقَلَ الجَوْهريُّ عن الأَصْمَعيِّ: جَمَل عَيْثوم، بالمُثَلَّثَةِ، كما سَيَأْتي، وأَهْمَلَه المصنِّفُ هناك.

  وِعُتْمٌ، بالضمِّ، صَوابُه بضَمَّتَيْن، يَجوزُ أَنْ يكونَ اسْمَ⁣(⁣٥) رجُلٍ. وِأَنْ يكونَ اسْمَ فَرَسٍ⁣(⁣٥)، وبهما فُسِّر قَوْل الشاعِرِ:

  ارْمِ على قَوْسِك ما لم تَنْهَزِمْ ... رَمي المضاءِ وجوادَ بن عتمْ

  وِالعَتُومُ، كصَبُورٍ: النَّاقَةُ التي لا تُدِرُّ إلَّا عَتَمَةً.

  وقالَ الأَزْهرِيُّ هي ناقَةٌ غَزيرَةٌ يُؤَخَّرُ حِلابُها إلى آخِرِ اللَّيْلِ، قالَ الراعِي:

  أُدِرُّ النَّسا كيْ تَدِرَّ عَتُومُها⁣(⁣٦)

  وِجاءَنا ضَيْفٌ عاتِمٌ، أَي بَطيءٌ مُمْسٍ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي للرَّاجزِ:

  يَبْنِي العُلا ويَبْنَي المَكارِما ... أَقْراهُ للضَّيْفِ يؤُوبُ عاتِمَا⁣(⁣٧)

  وِيقالُ: اسْتَعْتِموا نَعَمَكُم حتى تُفِيقَ، أَي أَخِّروا حَلْبَها حتى يَجْتَمِعَ لَبَنُها، وذلِكَ لأَنَّهم كانوا يُرِيحُون نَعَمَهم بُعَيْدَ المَغْرِب ويُنِيخُونَها في مُراحِها ساعةً يَسْتَفِيقونها، فإِذا أَفاقَتْ وذلِكَ بعدَ مَرِّ قِطْعَة مِن اللَّيْلِ أَثارُوها وحَلَبُوها.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  ضَيْفٌ مُعَتِّمٌ: مُمْسٍ، وقيلَ: مُقِيمٌ. وكَذلِكَ: قِرىً مُعَتِّمٌ أَي بَطِيءٌ.

  وِأَعْتَمَ حاجَتَه: أَخَّرَها، وقد عَتَمَتْ أَبْطَأَتْ، قالَ الطرِمَّاحُ يمدَحُ رَجُلاً:

  متى يَعِدْ يُنْجِزْ ولا يَكْتَبِلْ ... منه العَطايا طُولُ إِعْتامِها⁣(⁣٨)

  وقالَ غيرُهُ:

  مَعاتِيمُ القِرَى سُرُفٌ إذا ما ... أَجَنَّتْ طَخْيةُ الليلِ البَهِيمِ⁣(⁣٩)

  وأَنْشَدَ ثَعْلَب لشاعِرٍ يَهْجُو قَوْماً:

  إذا غابَ عنْكُمْ أَسْوَدُ العَينِ كُنْتمُ ... كِراماً وأَنْتُمْ ما أَقامَ أَلاثِمُ

  تحَدَّثَ رُكْبانُ الحَجِيج بلُؤْمِكُمْ ... وِيَقْرِي به الضَّيْفَ اللِّقَاحُ العَواتِمُ⁣(⁣١٠)


(١) ديوانه ط بيروت ص ١٠٠ من قصيدة صادية، وفيه الغوامصا، بالصاد، والغوامص الواحدة غامصة، ومن غمصت عينه: سال غمصها، وهو وسخ أَبيض يكون في مجرى الدمع، وصدره:

يراقبن من جوعٍ خلال مخافةٍ

(٢) اللسان والمقاييس ٤/ ٢٢٥.

(٣) ديوان الهذليين ١/ ١٩٤ برواية: «شعف» وضبطت والعتم فيه بالتحريك، ومثله في اللسان والتهذيب.

(٤) اللسان، وفيه «العتم» بالتحريك.

(٥) في القاموس: اسمٌ وفرسٌ، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى السياق نصب الأولى وجرّ الثانية وتنوينها.

(٦) ديوانه ط بيروت ص ٢٦٠ واقتصر على عجزه، واللسان والتهذيب وفيه: «إذا لا تدر».

(٧) اللسان.

(٨) ديوانه ص ١٦٣ واللسان والتهذيب.

(٩) اللسان والتهذيب.

(١٠) اللسان.