تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة مع الميم

صفحة 465 - الجزء 17

  وِالعَجْماءُ: وادٍ باليَمامَةِ وِالعَجَّامُ، كشَدَّادٍ: الخُفَّاشُ الضَّخْمُ والوَطْواطُ.

  قالَ شيْخُنا: تَقَدَّمَ للمُصنِّفِ تَفْسِير الخُفَّاشِ بالوَطْواطِ وبالعَكْس، وهنا عَطَفَه كأَنَّه مُغايرٌ. والذي عليه أَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الكَبيرَ وَطْواطٌ والصَّغيرَ خُفَّاشٌ.

  وِالعَواجِمُ: الأَسْنانُ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  وِمِن المجازِ: رجُلٌ صُلْبُ المَعْجَمِ، كمَقْعَدٍ، وِالمَعْجَمَةِ، كمَرْحَلَةٍ: أَي عزيزُ النَّفْسِ إذا جَرَّسَتْه الأُمورُ وَجَدَتْه عزيزاً صُلْباً.

  قالَ ابنُ بَرِّي: هو مِن قوْلِكَ: عُودٌ صُلْبُ المَعْجَم.

  وِمِن المجازِ: ناقَةٌ ذاتُ مَعْجَمَةٍ: أَي ذاتُ قُوَّةٍ وسِمَنٍ وبَقِيةٍ على السَّيْرِ، كما في الصِّحاحِ.

  وقيل: ذاتُ صَبْرٍ وصَلابَةٍ وشِدَّةٍ على الدَّعْك.

  وأَنْكَرَ شَمِرٌ قوْلَهم: ذاتُ سِمَنٍ، قالَ المرَّارُ:

  جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمَةٍ ونُوقٌ ... عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً وحُولُ⁣(⁣١)

  وقالَ ابنُ بَرِّي: ناقَةٌ ذاتُ مَعْجَمَةٍ: وهي التي اخْتُبِرَتْ فوُجِدَتْ قَويَّةً على قَطْع الفَلاةِ، قالَ ولا يُرادُ بها السِّمَنُ كما قالَ الجَوْهَرِيُّ، قالَ وشاهِدُهُ قَوْل المتلَمِّسِ:

  جاوَزْتُه بأَمونٍ ذاتِ مَعْجَمة ... تَهْوي بكَلْكَلِها والرأْسُ مَعْكُومُ⁣(⁣٢)

  وِحُروفُ المُعْجَمِ: هي الحُروفُ المُقَطَّعَةُ التي يَخْتَصُّ أَكْثَرُها بالنّقطِ مِن بين سائِرِ حُروفِ الأُمَم. ومعْناهُ حُروفُ الخَطِّ المُعْجَم كما تقولُ مَسْجدُ الجامِعِ وصَلَاةُ الأُوْلَى، أَي مَسْجدُ اليَوْم الجامِعِ، وصلاةُ السَّاعةِ الأُوْلى، وناسٌ يَجْعَلُونَ المُعْجَمِ مِن الإِعْجامِ مَصْدَرٌ كالمُدْخَلِ والمُخْرَجِ، أي مِن شأْنِه أَن يُعْجَمَ، هذا نَصُّ الجَوْهَرِيّ.

  وهذا القَوْلُ ذَهَبَ إليه محمدُ بنُ يَزيد المبرِّدُ وصَوَّبَه، كما نَبَّهَ عليه ابنُ بَرِّي وغيرُهُ وقالوا: هو أَسَدُّ وأَصْوبُ مِن أَنْ يُذْهَب إلى قوْلِهم: إنَّه بِمنْزِلَةِ صلاةُ الأُوْلى ومَسْجد الجامِعِ، فالأُوْلى غيرُ الصَّلاةِ في المعْنَى والجامِعُ غيرُ المَسْجدِ في المعْنَى. وإنَّما هُما صِفتانِ حُذِفَ مَوْصُوفَاهُما وأُقِيما مُقامَهما، وليسَ كَذلِكَ حُروفُ المُعْجَم لأَنَّه ليسَ معْناه حُروفَ الكَلامِ المُعْجَم ولا حُروفَ اللَّفْظِ المُعْجَم، إنَّما المعْنَى أَنَّ الحُروفَ هي المُعْجمةُ فصارَ مِن بابِ إضافَةِ المَفْعولِ إلى المَصْدَرِ، كقَوْلِهم: هذه مَطِيَّةُ رُكُوبٍ، أَي مِن شأْنِها أَنْ تُرْكَبَ، وهذا سَهْمُ نِضالٍ أَي مِن شأْنِه أَنْ يُناضَلَ به، وكَذَلِكَ حُروفُ المُعْجَم أَي مِن شأْنِها أَنْ تُعْجَمَ، فإنْ قيلَ إنَّ جَمِيعَ هذه الحُروف ليسَ مُعْجماً إنَّما المُعْجمُ بَعْضُها فكيفَ اسْتَجازُوا تَسْميةَ جَمِيعها مُعْجَماً؟

  قيلَ: إنَّما سُمِّيَتْ بذلِكَ لأنَّ الشَّكْلَ الواحِدَ إذا اخْتَلَفَتْ أَصْواتُه فأَعْجَمْتَ بَعْضَها وتَركْتَ بعضَها، فقد عُلِمَ أَنَّ هذا المَتْروكَ بغيرِ إعْجامٍ هو غيرُ ذلِك الذي مِن عادَتِه أَنْ يُعْجَمَ، فقد ارْتَفَعَ أَيْضاً بما فَعَلُوا الإِشْكال والاسْتِبْهام عنهما جَمِيعاً، ولا فرْقَ بينَ أَنْ يَزُولَ الاسْتِبهامُ عن الحرْفِ بإعْجامٍ عليه، أَو يقومُ مَقامَ الإعْجامِ في الإيضاحِ والبَيانِ.

  وسُئِلَ أَبو العبَّاسِ عنها فقالَ: أَمَّا أَبو عَمْرو الشَّيْبانيُّ فيَقولُ أَعْجَمْتُ أَبْهَمْت، وأمَّا الفرَّاءُ فيَقولُ: هو مِن أَعْجَمْتُ الحُروفَ، قالَ: وسَمِعْتُ أَبا الهَيْثَم يقولُ: مُعْجم الخَطِّ هو الذي أَعْجَمَه كاتِبُه بالنقَطِ.

  وقالَ اللَّيْثُ: سُمِّيَتْ لأَنَّها أَعْجَمِيَّة، إذا قلْت كتابٌ مُعَجَّمٌ فإنَّ تعْجِيمَه تَنْقِيطُه لكَيْ تَسْتَبِينَ عُجْمَتُه وتَتَّضِحَ.

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: والذي قالَهُ أَبو العبَّاس وأَبو الهَيْثَم أَبينُ وأَوْضَحُ.

  وِصلاةُ النَّهارِ عَجْماءُ لأَنَّه لا يُجْهَرُ فيها بالقِراءَةِ وهو مجازٌ، وهُما صَلاتَا الظُّهْرِ والعَصْرِ.

  وِالعَجْمَةُ، بالفتْحِ وضَبَطَه في اللّسانِ بالتَّحريكِ، والنَّخْلَةُ التي تَنْبُتُ من النَّواةِ، وَالصَّوابُ فيه التَّحريك.

  وِالعَجْمَةُ: الصَّخرَةُ الصُّلْبَةُ تَنْبُتُ في الوَادِي، ج عَجَماتٌ، محرَّكةً، قالَ أَبو دُواد يَصِفُ رِيقَ جارِيَةٍ بالعُذوبَةِ:

  عَذْبٌ كماءِ المُزْنِ أَنْ ... زَلَه مِنَ العَجَماتِ بارِدْ⁣(⁣٣)


(١) اللسان والتهذيب.

(٢) اللسان.

(٣) اللسان والتهذيب.