تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قرم]:

صفحة 562 - الجزء 17

  [قرم]: القَرَمُ، محرَّكةً: شِدَّةُ شَهْوَةِ الإِنْسَانِ إلى اللَّحْمِ؛ ومنه الحَديث: «كانَ يَتعوَّذُ مِن القَرَم».

  وقد قَرِمَ إلى اللَّحْمِ؛ وِقَرِمَ اللَّحْمَ، حَكَاه بعضُهم.

  وفي حدِيْثِ الضحيَّة: «هذا يومٌ اللّحْمُ فيه مَقْرُومٌ»، كذا في رِوايَةٍ تَقْديرُهُ: مَقْرومٌ إليه فحذفَ الجارّ.

  قالَ ابنُ سِيْدَه: وكَشُرَ حتى قيلَ في الشوْقِ إلى الحَبيبِ على المَثَلِ يقالُ: قَرِمْت إلى لِقائِكَ، وأَنا قَرِمٌ إليك.

  وِالقَرْمُ، بالفتْحِ: الفَحْلُ الذي يُنْزلُ⁣(⁣١) مِن الرّكوبِ والعَمَل ويُودَعُ للفِحْلةِ. أَو هو الفَحْلُ ما لم يَمَسَّه حَبْلٌ؛ ومنه حدِيْثُ عليٍّ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه: «أَنا أَبو حَسَن القَرْم»؛ أَي أَنا فيهم بمنْزِلَةِ الفَحْلِ في الإِبِلِ.

  قالَ الخطَّابيُّ: وأَكْثَر الرِّواياتِ القَوْم بالواوِ، قالَ: ولا معْنَى له، وإنَّما هو بالرَّاءِ، أَي المقدَّمُ في المَعْرفةِ وتَجارِب الأُمُورِ؛ كالأَقْرَمِ.

  وِقوْلُ الجوهريِّ: الأَقْرَمُ في الحديثِ لغةٌ مجهولةٌ.

  نَصُّ الجَوْهرِيِّ: وأَمَّا الذي في الحديثِ: «كالبَعيرِ الأَقْرَم»، فلغةٌ مجهولةٌ يُشِيرُ إلى ما رَوَاه دُكَيْن بنُ سَعيدٍ قالَ: «أَمَرَ النبيُّ ، عُمَرَ أنْ يُزوِّد النُّعْمان بن مُقرِّن المُزَنيّ وأَصْحابَه ففتَحَ غُرْفَة له فيها تَمْرٌ كالبَعيرِ الأقْرمِ».

  قالَ أَبو عُبَيْدٍ: قالَ أَبو عَمْرٍو: لا أَعْرِفُ الأَقْرَمَ ولكن أَعْرِفُ البَعيرَ المُقْرَمَ؛ فالجَوْهرِيُّ نَظَرَ إلى هذا القَوْل وهو خَطَأٌ فإنَّ الزَّمَخْشرِيَّ قالَ: فَعِلَ وأَفْعَلَ يَلْتَقِيان كَثِيراً كوَجِلَ وأَوْجَلَ وتَبِعَ وأَتْبَع في الفِعْل، وخَشِنٍ وأَخْشَنَ وكَدِرٍ وأَكْدَرَ في الاسْمِ، ج قُرومٌ؛ قالَ:

  يابْنَ قُروم لَسْنَ بالأَحْماضِ⁣(⁣٢)

  وِالقَرْمُ مِن الرِّجالِ: السَّيِّدُ المُعَظَّمُ على المَثَلِ بذلِكَ.

  وِقالَ أَبو حنيفَةَ: القُرْمُ، بالضَّمِّ، نَبْتٌ كالدُّلْبِ غِلَظاً في سُوقِه، وبَياضاً في قشْرِهِ، ووَرَقُه مِثْل وَرَقِ اللَّوْزِ والأرَاكِ، يَنْبُتُ في جَوْفِ البَحْرِ، وماءُ البَحْرِ عَدُوُّ كلّ شَيءٍ من الشَّجَرِ إلَّا القُرْمِ والكَنْدَلاءِ فإنَّهما يَنْبُتان به.

  وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ⁣(⁣٣): القُرْمُ ضَرْبٌ مِن الشَّجَر، ولا أَدْرِي أَعَربيٌّ هو أَمْ دَخِيلٌ.

  وِأَقْرَمَه: جَعَلَه قَرْماً، فهو مُقْرَمٌ أَكْرَمَهُ عن المهْنَةِ.

  وقالَ ابنُ السِّكِّيت: أَقْرَمْتُ الفَحْلَ، فهو مُقْرَمٌ، هو أَن يُودَعَ للفِحْلةِ مِن الحَمْلِ والرَّكوبِ.

  وقالَ الزَّمَخْشرِيُّ: قَرِمَ البَعيرُ، فهو قَرِمٌ، وقد أَقْرَمَهُ صاحِبُه، فهو مُقْرَمٌ إذا تَرَكَه للفِحْلةِ.

  وفي سِياقِ المصنِّفِ غُموضٌ لا يَخْفَى.

  وِقَرَمَهُ قَرْماً: قَشَرَهُ.

  وِقَرَمَ فلاناً قَرْماً: سَبَّهُ وعابَهُ.

  وِقَرَمَ الطَّعامَ يَقْرِم قَرْماً: أَكَلَهُ ما كانَ؛ وقيلَ: أَكْلاً ضَعِيفاً.

  وِقَرَمَ البَعيرُ؛ وفي الصِّحاحِ: البَهْمُ، يَقْرِمُ قَرْماً وِقُروماً ومَقْرَماً وِقَرَماناً، محرَّكةً: تَناوَلَ الحَشيشَ وذلِكَ في أَولِ أَكلِهِ، وهو أَدْنَى التَّناوُل، وكَذلِكَ الفَصِيلُ والصَّبيُّ.

  أَو هو أَكْلٌ ضَعيفٌ، كما في الصِّحاحِ.

  وقالَ أَبو زَيْدٍ: يقالُ للصَّبيِّ أَوّل ما يأْكُلُ: قد أَقْرَمَ⁣(⁣٤) يَقْرِم قَرْماً وِقُروماً.

  كتَقَرَّمَ؛ يقالُ، هو يَتَقَرَّمُ تَقَرُّم البَهِيمةِ⁣(⁣٥).

  وِقَرمَ فلاناً: حَبَسَهُ، فهو مَقْرومٌ؛ هكذا في النُّسخِ، والصَّوابُ: قَرَّمَه، أَي الفِرَاش بالمِقْرمةِ، أَي حَبَسَه بها.

  وِالمِقْرمةُ: مَحْبِس الفِراشِ. وِقَرَمَ البَعيرَ يَقْرِمُه قَرْماً: قَطَعَ من أَنْفِهِ جِلْدَةً لا تَبينُ وجَمَعَها عليه، كذا في المُحْكَمِ. أَو قَطَعَ جِلْدَةً من فَوْقِ خَطْمِهِ لتَقَعَ على مَوْضِعِ الخِطامِ وليَذِلَّ؛ أو إِنَّما تكونُ هذه للسِّمَةِ. وتلْكَ السِّمَةَ


(١) اللسان: يترك.

(٢) اللسان وفيه: بالأحفاض.

(٣) الأصل والتكملة بالضم، وفي اللسان بالقلم بالفتح.

(٤) في اللسان والتهذيب: قَرَمَ.

(٥) في اللسان والتهذيب والأساس: البهمة.