[نجرم]:
  إنَّ الفَقيرَ بينَنا قَاضٍ حَكَمْ ... إنْ تَرِد الماءَ إذا غابَ النُّجُمْ(١)
  وذَهَبَ ابنُ جنيِّ إلى أنَّه جمعَ فَعْلاً على فُعْل ثم ثَقَّل، وقد يَجوزُ أَنْ يكونَ حذفَ الواو تَخْفيفاً.
  قالَ شيْخُنا: وضَبَطَه بعضٌ بضمِّ فسكونٍ، وجَزَمَ قومٌ بأَنَّه مَقْصورٌ مِن نجومٍ.
  وِالنَّجْمُ من النَّباتِ: ما ظَهَرَ على وَجْهِ الأَرضِ وِنَجَمَ على غيرِ ساقٍ وتسطَّحَ فلم يَنْهَض، وقد خُصَّ بذلِكَ كما خُصَّ القائِمُ على الساقِ منه بالشَّجَرِ؛ وبه فُسِّر قَوْلُه تعالَى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ}(٢) ومعْنَى سُجودِهما دَوَرانُ الظلِّ معهما.
  قالَ أَبو إِسْحق: وجائِزٌ أَنْ يُرادَ مِن النَّجْم هنا ما نَجَمَ مِن نُجومِ السَّماءِ.
  وِقالَ أَهْلُ اللغَةِ: اسْمُ النَّجْمِ يَجْمَع الكَواكِبَ كُلَّها.
  قالَ ابنُ سِيْدَه: وقد خَصَّ الثُّرَيَّا فصارَ لها عَلَماً، وهو مِن بابِ الصَّعِق، وكَذلِكَ قالَ سِيْبَوَيْه في ترْجَمةِ هذا الباب: هذا بابٌ يكونُ فيه الشيءُ غالباً عليه اسْمٌ، يكونُ لكلِّ مَنْ كانَ مِن أُمَّتِه أَو صِفَتِه مِن الأَسْماءِ التي تدْخلُها الألِفُ واللامُ، وتكونُ نَكِرتُه الجامِعَةَ لمَا ذَكَرتْ مِن المَعاني ثم مَثَّل بالصَّعِق وِالنَّجْمِ.
  وقالَ الجَوْهرِيُّ: هو اسْمٌ لها عَلَمٌ، وإنْ أَخْرَجْتَ منه الأَلِفَ واللامَ تَنَكَّر؛ قالَ ابنُ بَرِّي: ومنه قَوْل المرَّار:
  وِيومٌ مِن النَّجْمِ مُسْتَوْقِدُ ... يَسوقُ إلى الموت نُورَ الظّباء(٣)
  وقالَ ابنُ يعفر:
  وُلِدْتُ بحادِي النَّجْمِ يَتْلُو قَرِينَه ... وِبالقَلْبِ قَلْبِ العَقْرَبِ المُتَوَقِّدِ(٤)
  وقالَ الرَّاعِي:
  فباتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ في مُسْتَحِيرةٍ ... سريعٍ بأَيدي الآكِلينَ جُمُودُها(٥)
  يعْنِي الثُّرَيَّا لأنَّ فيها ستَّةَ أَنْجُمٍ ظاهِرَةٍ يَتَخَلَّلُها نُجومٌ صِغارٌ خفيَّةٌ، وبه فَسَّر بعضُهم قَوْله تعالَى: {وَالنَّجْمِ إِذا هَوى}(٦)، قالَهُ الزَّجَّاجُ.
  وفي الحَدِيْث: «إذا طلعَ النَّجْمُ ارْتَفَعَتِ العاهَةُ»؛ وفي رِوايَةٍ: «ما طلعَ النَّجْم وفي الأرضِ مِن العاهَةِ شيءٌ»؛ وفي رِوايَةٍ: «ما طلعَ النَّجْم قَط وفي الأرضِ عاهةٌ إلَّا رُفِعت»، أَرادَ بالنَّجْمِ الثُّرَيَّا وبطُلوعِها عندَ الصُّبْح، وذلِكَ في العَشْرِ الأَوْسَط مِن أَيَّارَ، وسقوطُها مع الصُّبْح في العَشْرِ الأَوْسَط مِن تِشْرِينَ الآخِرِ.
  والعَرَبُ تزعمُ أنَّ بينَ طُلوعِها وغُروبِها أَمْراضاً ووَباءً وعاهاتٍ في الناسِ والإِبِلِ والثِّمارِ، ومُدَّةُ مَغِيبِها بحيثُ لا تُبْصَر باللَّيل نَيِّفٌ وخَمْسون ليلةً لأَنَّها تخفَى بقُرْبِها مِن الشمْسِ قَبْلها وبعْدَها، فإذا بعدَتْ عنها ظَهَرَتْ في الشَّرْق وقْتَ الصُّبْح.
  وقالَ الحربيُّ: إنَّما أَرادَ بهذا الحَدِيْثِ أَرضَ الحِجازِ لأنَّ في أيَّارَ يقعُ الحَصادُ بها وتُدْرِك الثِّمارُ، وحينَئِذٍ تُباعُ لأَنَّها قد أُمِنَ عليها مِن العاهَةِ.
  وقالَ القتيبيُّ: أَحْسَبُ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، أَرادَ عاهةَ الثِّمارِ خاصَّةً.
  وِمِن المجازِ: النَّجْمُ الوقْتُ المَضْروبُ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ لأنَّهم يَعْرفُونَ الأَوْقاتَ بطُلوعِ الشَّمْس، ثم نُقِل للوَظِيفَةِ التي تُؤَدَّى في الوقْتِ المَضْروبِ.
  وقوْلُهم: نَجَّمْتُ المالَ إذا وَزَّعْتَهُ كأَنَّك فرضتَ أنْ تَدْفعَه عنْدَ طُلوعِ كلُّ نَجْمٍ، ثم أُطْلِقَ النَّجْمُ على وَقْتِه، ثم على ما يَقَعُ فيه، كما في تَفْسِيرِ الشَّهاب في أَوَّل البَقَرَةِ.
(١) اللسان.
(٢) الرحمن، الآية ٦.
(٣) اللسان وفيه: «نور الظُّبا».
(٤) اللسان.
(٥) ديوانه ط بيروت ص ٩٢ وانظر تخريجه فيه، واللسان والتهذيب.
(٦) الآية الأولى من النجم.