فصل النون مع الميم
  العَيْشِ والغِذاءِ المُتْرَفَةُ، ومنه الحدِيْث: «إِنَّها لَطَيْرٌ ناعِمَةٌ»، أَي سِمانٌ مُتْرَفةٌ.
  وِنَبْتٌ ناعِمٌ وِمُناعِمٌ وِمُتَناعِمٌ سَواءٌ؛ قالَ الأَعْشَى:
  وِتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا كأَنّه ... ذُرا أُقْحُوانٍ نَبْتُه مُتناعِمُ(١)
  وِالتَّنْعيمةُ: شَجرةٌ ناعِمَةُ الوَرَقِ، ورقُها كوَرَقِ السِّلِّقِ، ولا تنبتُ إلَّا على ماءٍ، ولا ثَمَرَ لها وهي خَضْراءُ غَليظَةُ السَّاقِ.
  وِثَوْبٌ ناعِمٌ: ليِّنٌ، ومنه قَوْل بعضِ الوُصَّاف: وعليهم الثِّيابُ الناعِمَةُ؛ وقالَ:
  وِنَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً ... عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَرِيرُ(٢)
  وِكلامٌ مُنَعَّمٌ، كمُعَظَّمٍ: لَيِّنٌ.
  وِالنِّعْمَةُ، بالكسْرِ: المَسَرَّةُ.
  قالَ شيْخُنا: وفي الكشافِ أَثْناء المزمَّلِ: النَّعْمَةُ، بالفتْحِ: التَّنَعُّم؛ وبالكسْرِ: الأَنْعامُ، بالضمِّ: المَسَرَّةُ.
  وهكذا صَرَّحَ به غيرُ واحِدٍ ممَّنْ تكلَّم على المُثَلَّثاتِ.
  * قُلْتُ: وهو حينَئِذٍ مَصْدَر نَعِمَ اللهُ بك عَيْناً كالغُلْمَةِ من غَلِمَ والنُّزْهَةِ مِن نَزِهَ.
  وِالنِّعْمَةُ: اليَدُ، كما في الصِّحاحِ؛ زادَ ابنُ سِيْدَه: البَيْضاءُ الصَّالِحَةُ والصَّنِيعةُ والمِنَّة وما أُنْعِم به عليك، كما في الصِّحاحِ. وفيه إشارَةٌ إلى أنَّه اسْمٌ مِن أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إِنْعاماً وِنِعْمةً، أُقِيم الاسْمُ مُقامَ الإِنْعام، كقَوْلِكَ: أَنْفَقْتُ عليه إِنْفاقاً ونَفَقَةً بمعْنًى واحِدٍ، كالنُّعْمَى، بالضَّمِّ مَقْصوراً، وِالنَّعْماءِ، بالفتحِ مَمْدودَةً قالَ الجَوْهرِيُّ: ومِثْلُه النَّعِيمُ؛ ج، أَي جَمْعُ النِّعْمةِ، وظاهِرُ سِياقِه أَنَّه جَمْعُ الأَلْفاظِ المَذْكورَةِ وليسَ كَذلِكَ، وكأَنَّه قدِ احْتَرَز مِن هذا الإِيهامِ في أَوَّلِ الترْكِيبِ ثم كرَّرَ وَقَعَ فيه؛ أَنْعُمٌ وِنِعَمٌ، وقد تَقَدَّمَ ذِكْرُهما، وِنِعِمَاتٌ، بكسْرَتَيْنِ وتُفْتَحُ العَيْنُ، الإِتْباعُ لأَهْلِ الحِجازِ.
  وحَكَاه اللَّحْيانيُّ قالَ: وقَرَأَ بعضُهم: أَنَّ الفُلْكَ تَجْرِي في البَحْرِ بنَعِمات اللهِ(٣)، بفتْح العَيْنِ وكَسْرِها، قالَ: ويجُوز تَسْكِين العَيْن؛ وهذه قد أَغْفَلَها المصنِّفُ؛ فأمَّا الكَسْرُ فَعَلَى مَنْ جمعَ كِسْرَة كِسِرات، ومَنْ قَرَأَ بنِعَمات فإنَّ الفَتْحَ أَخَفُّ الحَرَكاتِ وهو أَكْثَر في الكَلامِ.
  وِأَنْعَمَها اللهُ تعالى عليه وِأَنْعَمَ بها إِنْعاماً؛ ومنه قَوْلُه تعالَى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ}(٤).
  قالَ الزَّجَّاجُ: معْنَى إِنْعامِ اللهِ تعالى عليه هِدايتُه إِلى الإِسْلامِ، ومعْنَى إِنْعام النبيِّ ﷺ، عليه إِعْتاقُهُ إِيَّاه مِن الرِّقِّ.
  وقالَ الرَّاغبُ: الإِنْعامُ: إيصالُ الإِحْسانِ إلى الغيْرِ، ولا يقالُ ذلِكَ إلَّا إذا كانَ المُوصَلُ إليه مِن الناطِقِيْن.
  وِنَعِيمُ اللهِ تعالَى: عَطِيَّتُه الكَثِيرَةُ الوَافرَةُ؛ وقَوْلُه تعالَى: و {لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}(٥)، أَي عن كلِّ ما اسْتَمْتَعْتُم به في الدُّنْيا.
  وِفي الصِّحاحِ: نَعِمَ اللهُ تعالى بِكَ، كسَمِعَ، وِنَعِمَكَ عَيْناً نُعْمَةً، مِثْل غَلِمَ غُلْمةً ونَزِهَ نُزْهَةً؛ وِكَذلِكَ أَنْعَمَ اللهُ بِكَ عَيْناً، أَي أَقَرَّ اللهُ بِكَ عَيْنَ من تُحِبُّهُ، كما في المُحْكَمِ.
  أَو أَقَرَّ عَيْنَكَ بمَنْ تُحِبُّهُ، كما في الصِّحاحِ؛ أَنْشَدَ ثَعْلَب:
  أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ ... سِلِ والحاملِ الرسالَة عَيْنا(٦)
  الرَّسولُ هنا: الرِّسالةُ.
  وفي حَدِيْث مطرِّفٍ: «لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بِكَ عَيْناً، فإنَّ
(١) ديوانه ط بيروت ص ١٧٧ واللسان.
(٢) اللسان بدون نسبة.
(٣) لقمان، الآية ٣١ وفي الآية {بِنِعْمَتِ}.
(٤) الأحزاب، الآية ٣٧.
(٥) التكاثر، الآية ٨ وفيها: {ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ}.
(٦) اللسان.