تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أبن]:

صفحة 6 - الجزء 18

  يزلْ يُقَرِّظُ أَحْيَاكم ويُؤَبِّنُ مَوْتَاكُم؛ قالَ رُؤْبَة:

  فامْدَحْ بِلالاً غير ما مُؤَبَّنِ ... ترَاهُ كالبازِي انْتَمَى للْمَوْكِنِ⁣(⁣١)

  يقولُ: غَيْر هالكٍ أَي غَيْر مَبْكِيِّ؛ ومنه قَوْلُ لَبيدٍ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه:

  قُوما تَجُوبانِ مَعَ الأَنْواحِ ... وأَبِّنَا ملاعِبَ الرِّماحِ

  ومِدْرهَ الكَتبيةِ الرَّداحِ⁣(⁣٢)

  وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: غَيْرُ مُؤَبَّنٍ أَي غيرُ مَعِيبٍ.

  والتَّأْبِينُ: اقتِفاءُ أَثَرِ الشَّيءِ، كما في الصِّحاحِ عن الأَصْمَعيّ، ومنه قيلَ لمادِحِ المَيِّتِ: مُؤَبِّنٌ لاتِّباعِه آثارُ فِعَالِه وصَنائِعِه. كالتَّابُّنِ.

  والتَّأْبينْ: تَرَقُّبُ الشَّيءِ.

  وفي الصِّحاحِ: قالَ أَبو زيْدٍ: أَبَنْتُ الشيءَ: رَقَبْتُه؛ قالَ أَوْسٌ يَصِفُ الحِمارَ:

  يقولُ له الراؤُونَ هذاكَ راكِبٌ ... يُؤَبِّنُ شَخْصاً فوقَ عَلياءَ واقِفُ⁣(⁣٣)

  وحَكَى ابنُ بَرِّي قالَ: رَوَى ابنُ الأَعْرابيِّ يُؤَبِّر، قالَ: ومعْناهُ يَنْظُرُ شخصاً ليَسْتَبينَه. ويقالُ: إنَّه ليُؤَبِّرُ أَثراً إذا اقتَصَّه.

  والأَبِنُ، ككَتِفِ: الغَليظُ الثَّخينُ من طعامٍ أَو شَرابٍ، عن ابنِ الأَعْرابيِّ.

  وإِبَّانُ الشَّيءِ، بالكسْرِ وتَشْديدِ الموحَّدَةِ: حِينُه ووَقْتُه.

  يقالُ: كُلِ الفَواكِه في إبّانِها، كما في الصِّحاحِ؛ قالَ الراجزُ:

  أَيَّان تقْضي حاجَتي أَيَّانا ... أَما تَرى لِنُجْحها إِبَّانا⁣(⁣٤)

  أَو إِبَّانُه: أَوَّلُه، وبه فُسِّر قوْلُهم: أَخَذَ الشيءَ بإِبَّانِه، والنُّونُ أَصْليَّة فيكونُ فِعَّالاً، وقيلَ: زائِدَةٌ، وهو فِعْلانُ مِن أَبَّ الشيءُ إذا تَهَيَّأَ للذَّهابِ. وذَكَرَ النقارسيُّ في شرْحِ المنفرجة الوَجْهَيْنِ.

  والآبِنُ من الطَّعَامِ: اليابِسُ، هو بمدِّ الأَلِفِ.

  وأَبَنَ الدَّمُ في الجُرْحِ يَأْبَن أَبناً: اسْوَدَّ.

  وأَبانٌ، كسَحَابٍ: مَصْروفةَ⁣(⁣٥): اسْمُ رجُلٍ، وهو فعالٌ، والهَمْزَةُ أَصْليَّة، كما جَرَى عليه المصنِّفُ وحَقَّقه الدَّمامِيني وابنُ مالِكٍ، وجَزَمَ به ابنُ شبيبٍ الحرانيُّ في جامِعِ الفنونِ وأَكْثَر النُّحّاة والمُحدِّثِيْن على مَنْعِه مِن الصَّرْفِ للعِلْميَّة والوَزْن، وبحثَ المُحقِّقون في الوَزْن لأَنَّه إذا كان ماضِياً فلا يَكونُ خاصّاً أَو اسْم تَفْضِيل، فالقِياسُ في مِثْلِه أبين.

  وقالَ بعضُ أَئِمَّة اللُّغَةِ: من لم يَعْرِف صَرْف أَبان فهو أَتانٌ، نَقَلَه الشهابُ، |، في شَرْحِ الشفاءِ.

  وأبانُ بنُ عَمْرِو، وأَبانُ بنُ سعيدٍ صَحابِيَّانِ.

  وأبانُ بنُ إسْحاق الكُوفيُّ، وابنُ صالِحٍ أَبو بَكْر، وابنُ صَمْعَةَ البَصْريُّ، وابنُ طارِقٍ، وابنُ عُثْمان بنِ عَفَّان، وابنُ أَبي عَبَّاس⁣(⁣٦) العَبْديّ، وابنُ زيْدٍ⁣(⁣٧) العطَّار، مُحَدِّثونَ.


(١) اللسان والأول في الصحاح والتهذيب.

(٢) الرجز في ديوانه ص ٤١ قاله في عمه أبي براء مالك بن عامر للاعب الأسنة، وهي من أراجيز النواح، واللسان، والصحاح ما عدا الأول.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ٦٩ واللسان والمقاييس ١/ ٤٤ والصحاح.

(٤) اللسان.

(٥) على هامش القاموس: قبل: من لم يصرف أبان، فهو أتان ا هـ شهاب على الشفا. قال: وسبب الخلاف أن منهم من قال: وزنه فعال، فتعين صرفه. وقيل: إنه منقول من ماضي أبان يبين وبه جزم ابن مالك، وصاحب التوضيح. وقال القرافي: اتفق المحدثون والنحاة على منع صرفه، ونقله ابن يعيش عن الجمهور بناء على أن وزنه أفعل، بمعنى أوضح فاعل، على خلاف القياس، وبقي على أصله واندفع قول الدماميني: لو كان كذلك، لوجب تصحيحه، لأن أفعل الأجوف الوصفي لا يعل، والصحيح صرفه كما في جامع اللغة، وبه جزم ابن السيد، ا ه.

(٦) في ميزان الاعتدال: «ابن أبي عياش».

(٧) في ميزان الاعتدال والكاشف: «يزيد».