تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حزن]:

صفحة 138 - الجزء 18

  {وَلا تَحْزَنْ}⁣(⁣١)، ليسَ بذلِكَ، نَهْي عن تَحْصِيلِ الحُزْنِ، فالحُزْنُ لا يَحْصَلُ باخْتِيارِ الإنْسانِ، ولكنَّ النَّهْي في الحَقِيقَةِ إنَّما هو عن تَعاطِي ما يُورِثُ الحزنَ واكْتِسابه، وإلى معْنى ذلِكَ أَشارَ القائِلُ:

  ومن سَرَّه أَنْ لا يَرى ما يَسُوءُهُ ... فلا يتَّخِذ شيئاً يَخافُ له فَقْدا⁣(⁣٢)

  وفي النِّهايَةِ: قوْلُه تعالَى: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}⁣(⁣٣)؛ قالوا فيه: الحَزَنُ هَمُّ الغَداءِ والعَشاءِ، وقيلَ: هو كُلُّ ما يَحْزُن مِنْ هَمِّ مَعاشٍ أَو حَزَنِ عَذابٍ أَو حَزَنِ موْتٍ.

  أَو أَحْزَنَهُ⁣(⁣٤): جَعَلَهُ حَزِيناً، وحَزَنَهُ: جَعَلَ فيه حُزْناً، كأَفْتَنَه: جَعَلَه فاتِناً، وفَتَنَه: جَعَلَ فيه فِتنَةً، قاله⁣(⁣٥) سِيْبَوَيْه.

  وفي الحَدِيْثِ: «كان إذا حَزَنَه أَمْرٌ صلَّى»، أَي أَوْقَعَه في الحُزْنِ، ويُرْوَى بالباءِ وقد تقدَّمَ؛ فهو مَحْزونٌ، مِن حَزنَه الثُّلاثيّ.

  وقالَ أَبو عَمْرو: يَقولُونَ: أَحْزَنَني فأَنا مُحْزَنٌ وهو مُحْزِنٌ، ويَقولُونَ: صَوْتٌ مُحْزِنٌ وأَمْرٌ مُحْزِنٌ، ولا يَقولُونَ: صَوْتٌ حازِنٌ.

  ورجُلٌ حَزِينٌ وحَزِنٌ، بكسْرِ الزَّاي على النَّسَبِ وضَمِّهما، ج حِزانٌ، بالكسْرِ، كظَرِيفٍ وظِرافٍ، وحُزَناءُ ككَرِيمٍ وكُرَماء.

  وقد خَلَطَ المصنِّفُ، ¦، بينَ اسْمِ فاعِلٍ ومَفْعولٍ وبينَ المَأْخُوذِ مِن الثّلاثِي والرّباعي، وفي المَجْموعِ، ولا يَكادُ يُحَرِّرُه إلّا الماهِرُ بالعُلومِ الصَّرْفيَّةِ، فتأَمَّلْه.

  وعامُ الحُزْن، بالضمِّ: العامُ الذي ماتَتْ فيه خَديجَةُ، رَضِيَ اللهُ تعالى⁣(⁣٦) عنها، وعَمُّه أَبو طالِبٍ، هكذا سَمَّاه رَسُولُ اللهِ ؛ حَكَى ذلك ثَعْلَبُ عن ابنِ الأَعْرابيِّ، قالَ: وماتَا قَبْل الهِجْرةِ بثلاثِ سِنِيْنَ.

  والحُزانَةُ، بالضَّمِّ: قَدْمَةُ العَرَبِ على العَجَمِ في أَوَّلِ قُدومِهِم الذي اسْتَحَقُّوا به ما اسْتَحَقّوا من الدُّورِ والضِّياعِ؛ كذا في المُحْكَمِ.

  وقالَ الأَزْهرِيُّ: هو شَرْطٌ كانَ للعَرَبِ على العَجَمِ بِخُراسان إذا أَخَذُوا بَلداً صُلْحاً أَنْ يكون إذا مَرَّ بهم الجيوش أَفْذاذاً أَو جَماعاتٍ أَنْ يُنْزلوهم ثم يَقْرُوهم، ثم يُزَوِّدونَهم إلى ناحيةٍ أُخْرى.

  وحُزانَتُكَ: عِيالُكَ الذينَ تَتَحزَّنُ لأَمْرِهِم وتَهْتَم بهم، فيقولُ الرَّجُل لصاحِبِه: كيفَ حَشَمُك وحُزانَتُك؟.

  ومِن سَجَعاتِ الأَساسِ: فلانٌ لا يُبالي إذا شَبِعَتْ خِزَانَتُه أَنْ تَجوعَ خُزَانَتُهُ.

  والحَزونُ: الشَّاةُ السَّيِّئَةُ الخُلُقِ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.

  والحَزْنُ، بالفتْحِ: ما غَلُظَ من الأَرضِ؛ كما في الصِّحاحِ.

  وقالَ أَبو عَمْرٍو: الحَزْنُ والحَزْمُ: الغَلِيظُ مِن الأَرضِ.

  وقالَ غيرُهُ: الحَزْمُ ما احْتَزم مِن السَّيْل مِن نَجَوات المُتُونِ، والحَزْنُ ما غَلُظ مِن الأَرْض في ارْتِفاعٍ، والجَمْعُ حُزُومٌ وحُزُونٌ.

  وقالَ ابنُ شُمَيْل: أَوَّلُ حُزُونِ الأَرْضِ قِفافُها وجِبالُها ورَضْمُها، ولا تُعَدُّ أَرضٌ طَيِّبَةٌ، وإن جَلُدَتْ حَزْناً.

  كالحَزْنَةِ: لُغَة في الحَزْنِ؛ وأَحْزَنَ: صار فيها، كأَسْهَلَ: صَارَ في السَّهْلِ.

  والحَزْنُ: حَيٌّ⁣(⁣٧) من غَسَّان م مَعْرُوفٌ، وهُم الذينَ ذَكَرَهم الأَخْطَلُ في قَوْلِه:


(١) الحجر، الآية ٨٨، والنحل، الآية ١٢٧، وطه، الآية ٤٠، والنحل، الآية ٧٠، والقصص، الآية ١٣، والعنكبوت، الآية ٣٣.

(٢) مفردات الراغب.

(٣) فاطر، الآية ٣٤.

(٤) قوله: «أو أحزنه» مضروب عليه بنسخة المؤلف، أفاده على هامش القاموس.

(٥) بالأصل: «قال».

(٦) قوله: «تعالى» ليس في القاموس.

(٧) في القاموس: «وحيٌ م من غسان».