«فصل القاف»
  قال الجوهريُّ. والمُزَّاءُ عندي مثلُهُما، فمن قال: قُوَبَاءُ [بالتَّحْرِيك](١) قال في تصغيره: قُوَيْبَاءُ؛ ومن سَكَّن، قال: قُوَيْبِيّ.
  قال شيخُنا، بعدَ هذا الكلام: قلتُ تصرَّفَ في المُزَّاءِ في بابه تَصَرُّفاً آخَرَ، فقال: والمُزّاءُ بالضَّمّ: ضَرْبٌ من الأَشْرِبَةِ، وهو فُعَلَاءُ بفتح العين، فأَدْغَمَ؛ لِأَنّ فُعلاءَ ليس من أَبْنيتِهم، ويقال: هو فُعَّالٌ من المهموز، وليس بالوَجْه؛ لأَنّ الاشتقاقَ ليس يدُلُّ على الهمْز، كما دَلّ على القُرّاءِ والسُّلَّاءِ؛ قال الأَخْطَلُ يَعِيبُ قَوماً:
  بِئسَ الصُّحَاةُ وبِئسَ الشَّرْبُ شَرْبُهُم ... إِذا جَرَى فِيهِمُ المُزّاءُ والسَّكَرُ
  وهو اسْمٌ للخمْر. ولو كان نعتاً لها، كان مَزّاءَ، بالفَتح.
  وأَمّا الخُشّاءُ، بالخاءِ والشّين المعجمتَينِ، فأَبقاها على ما ذَكَرَ، وأَلحقها بقُوَبَاءَ، كما يأْتي في الشِّينِ المُعْجَمَةِ.
  انتهى.
  والقُوبِيُّ، بالضَّمِّ: المُولَعُ، أَي: الحَرِيصُ بأَكْلِ الأَقْوَابِ، وهي الفِرَاخُ.
  وأُمُّ قُوبٍ، بالضّمّ: من أَسماءِ الدّاهِيَةِ.
  وعن ابْنِ هانِئٍ: القُوَبُ، أَي: كَصُرَدٍ: قُشُورُ البَيْضِ؛ قال الكُمَيْتُ يَصِفُ بيضَ النَّعَامِ:
  على تَوَائِمَ أَصْغَى من أَجِنَّتِها ... إِلى وَساوِسَ عَنْهَا قابَتِ القُوَبُ(٢)
  قابَتْ: أَي تفَلّقتْ.
  ورَجَلٌ مَلِيءٌ قُوَبَةً، كَهُمَزَةٍ: المُقِيمُ الثّابِتُ الدّارِ، يقال ذلك للّذي لَا يَبْرَحُ من المَنْزِلِ.
  والقَابُ: ما بَيْنَ المَقْبِضِ والسِّيَةِ، المَقْبِضُ، كَمَجْلِسٍ، والسِّيَةُ، بالكسر، ما عُطِفَ من جانِبَيِ القَوْس، ولِكُلِّ قَوْسٍ قابَانِ، وهما ما بَيْنَ المَقْبِضِ والسِّيَةِ. وقال بعضُهم في قولِهِ ø {فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ}(٣): أَرادَ قَابَيّ قَوْسٍ، فَقَلَبَهُ، وإِليه أَشَارَ الجَوْهَرِىُّ.
  والقَابُ: المِقْدارُ، كالقِيبِ، بالكَسر. تقول: بَيْنَهُمَا قابُ قَوْسٍ، وقِيبُ قَوْسٍ، وقادُ قَوْسٍ، وقِيدُ قَوْسٍ، أَيْ: قَدْرُ قَوْسٍ. وقيلَ: {قابَ قَوْسَيْنِ}: طُولَ قَوسَينِ. وقال الفَرّاءُ: {قابَ قَوْسَيْنِ}، أَي: قَدْرَ قَوْسَينِ عَرَبِيّتَيْنِ. وفي الحديث: «لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُم، خَيْرٌ من الدُّنْيا وما فيها».
  قال ابْنُ الأَثيرِ: القابُ، والقِيبُ، بمعنى القَدْرِ، وعَيْنُها واوٌ، من قولهم: قَوَّبُوا في الأَرْضِ، أَيْ أَثَّرُوا فيها، كما سيأْتي. وفي العِنَاية للخَفاجِيّ: قَابُ القَوْسِ، وقِيبُه: ما بَيْنَ الوَتَرِ ومَقْبِضِهِ. وَبَسَطَهُ المفسِّرُونَ في «النَّجْمِ».
  وقَابَ الرَّجُلُ، يَقُوبُ، قَوْباً: إِذا هَرَب. وقابَ أَيضاً: إِذا قَرُبَ نقلَهما الصّاغانيّ، فَهُما ضِدٌّ.
  واقْتَابَهُ: اخْتَارَهُ.
  ويقال قَوَّيْتُ الأَرْضَ، أَي: أَثَّرْتُ فِيها بالوطْءِ، وجَعَلْتُ في مَساقيها عَلامَاتٍ، وقد تقدّمتِ الإِشارةُ إِليهِ من كلامِ ابْنِ الأَثِيرِ؛ وأَنشدَ:
  به عَرَصَاتُ(٤) الحيِّ قَوَّبْنَ مَتْنَهُ ... وجَرَّدَ أَثْبَاجَ الجَرَاثِيمِ حاطِبُهْ
  قَوبن متْنه: أَي أَثَّرْنَ فيه بمَوْطِئِهِم ومَحَلّهم. قال العَجّاجُ:
  من عَرَصَاتِ الحَيِّ أَمْسَتْ قُوَّبَا
  أَيْ: أَمستْ مُقَوَّبَةً وَتَقَوَّبَتِ البَيْضَةُ، أَي: انْقَابَت، وهُما بمعنًى، وذلك إِذا تَفَلَّقتْ عن فَرْخِها.
  * وممّا لم يذكُرْهُ المُؤَلِّفُ: ويُقَال: انْقابَ المَكَانُ، وتقَوَّبَ، إِذا جُرِّدَ فيه مواضِعُ من الشَّجَرِ والكَلإِ.
  وقَوِبَ من الغُبَارِ، أَي اغْبَرَّ، وهذا عن ثعلب.
  والمُقَوَّبَةُ من الأَرَضِينَ: الّتي يُصِيبُهَا المَطَرُ، فيَبْقَى في أَماكنَ منها شَجَرٌ كان بها قَديماً. حكاه أَبو حنيفةَ.
(١) عن اللسان.
(٢) «أصغى» عن اللسان، بالأصل «أصفى» بالفاء. وأصْغَى من أجنتها: يقول لما تحرك الولد في البيض، تسمّع إلى وسواس جعل تلك الحركة وسوسة.
(٣) سورة النجم الآية ٩.
(٤) عن اللسان، وبالأصل «عصبات».