تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قوب]:

صفحة 344 - الجزء 2

  فقائِبَةٌ ما نَحنُ يَوْماً وأَنْتمُ ... بَنِي مَالِكٍ إِنْ لم تَفِيؤوا وقوبُها

  يُعاتِبُهُمْ على تَحوُّلهِم بنَسبِهم إِلى اليَمَن، يقولُ: إِن لم تَرجِعُوا إِلى نَسَبكم، لم تَعودوا إِليه أَبَداً، فكانت ثَلْبَةَ⁣(⁣١) ما بيننا وبينكم، وسُمِّيت⁣(⁣٢) البَيْضَةُ قُوباً لانْقِيابِ الفَرْخِ عنها.

  ووَقعَ في شِعْرِ الكُمَيْتِ:

  لَهُنَّ وللمَشِيبِ ومَنْ عَلَاهُ ... مِن الأَمْثَالِ قَائِبةٌ وقُوبٌ

  مَثَّلَ هَرَبَ النِّسَاءِ من الشُّيُوخ بهَربِ القُوب، وهو الفرُخُ، من القائِبَة، وهي الْبَيضة، فيقول: لا تَرْجِعُ الحسناءُ إِلى الشَّيْخ كما لا يَرْجِعُ الفرْخُ إِلى البَيضة. وفي حديثِ عُمَرَ، ¥ «أَنَّه نَهَى عن التَّمَتُّعِ {بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}، وقال: إِنّكُم إِنِ اعْتَمَرْتُم في أَشْهُرِ الحَجّ، رأَيْتُمُوهَا مُجْزِئَةً من⁣(⁣٣) حجِّكُمْ، فَرَغَ⁣(⁣٤) حَجُّكُمْ، وكَانَتْ قائِبَةً من قُوبٍ»⁣(⁣٥) ضرب هذا مثلاً لِخَلاءِ⁣(⁣٦) مكَّةَ من المعتمِرينَ سائرَ السَّنَةِ.

  والمعنى: أَنَّ الفرخَ إِذا فارَقَ بَيْضَتَهُ لم يَعُدْ إِليها، وكذلك إِذا اعتمَرُوا في أَشْهُرِ الحجِّ لم يَعودُوا إِلى مَكَّةَ. قال الأَزْهَرِيُّ: وقيل للْبَيضةِ قائبةٌ، وهي مَقُوبَةٌ، أَراد أَنَّهَا ذاتُ فَرْخٍ، ويقال إِنّها⁣(⁣٧) قَاوِبَة إِذا خَرَجَ منها الفَرْخُ، والفَرْخُ الخارِج يُقال له القُوبُ والقُوبِيُّ. هذه نصوصُ أَئمّةِ اللّغةِ في كُتبهم.

  ونقل شيخُنا عن أَبي عليّ القالي ما نصُّه: ويقولون: لا والّذي أَخرَجَ قائبةً من قُوبٍ، يَعْنُونَ فَرْخاً من بَيضةٍ قال: فهذا مُخَالفٌ لِمَا ذكرناه، وقد اعترضَه أَبو عُبَيْدٍ البَكْرِيُّ، وقال إِنَّه قلب.

  والمُتَقَوِّب: المُتَقَشِّرُ.

  والأَسْوَدُ المُتَقَوِّب: هو الَّذِي سَلَخَ جِلْدَهُ من الحَيَّاتِ. والمُتَقَوِّبُ: مَن تَقَشَّرَ⁣(⁣٨) عن جِلْدِهِ الجَرَبُ، وقال اللَّيْث: الجَرَبُ يُقَوِّبُ جِلْدَ البعير، فترى فيه قُوباً قد انجردتْ من الوَبَر، وانْحَلَقَ شَعرُهُ عنه، وهي القُوبَةُ بالضَّمّ مع تسكين الواو، والقُوَبَة، بتحريك الواو، وكلاهما عن الفراءِ، والقُوبَاءُ، والقُوَباءُ بالمَدِّ فيهما، وقال ابْنُ الأَعْرَابيِّ: القُوباءُ واحدةُ القُوبَةِ والقُوَبَةِ. قال ابن سِيدَهْ: ولا أَدري كيف هذا، لأَنّ فُعْلَةً وفْعَلَة، لا يكونانِ جمعاً لفُعْلاءَ، ولا هما من أَبنية الجَمْع. قال: والقُوَبُ جمعُ قُوبَةٍ وقُوَبَةٍ.

  قال: وهذا بَيِّنٌ، لأَنّ فُعَلاً جمعٌ لِفُعْلَة وفُعَلَةٍ.

  وقَوَّبَهُ، أَي: الشَّيْءَ تَقْوِيباً: قَلَعَهُ من أَصلِه، فَتَقَوَّبَ: انقلعَ من أَصله، وتَقَشَّر. ومنه القُوبَاءُ والقُوَبَاءُ، وهو الَّذِي يَظْهَرُ في الجَسَدِ ويَخْرُجُ عليهِ. وقالَ الجَوْهَرِيُّ: داءٌ معروفٌ، يَتَقَشَّرُ ويَتَّسِع، يُعالَجُ بالرِّيقِ؛ وهي مؤنَّثَةٌ لا تَنصرف، وجمعُها قَوْبٌ: قال [ابن قنان].

  يا عَجَباً لِهذِه الفَلِيقَهْ ... هَلْ تَغْلِبَنَّ القُوَباءَ الرِّيقَهْ⁣(⁣٩)

  الفَلِيقَة: الدّاهيةُ. والمعنى أَنَّه تَعَجَّبَ من هذا الحُزاز الخبيث كيف يُزِيلُهُ الرِّيق، ويقال إِنّه مختصٌّ برِيقِ الصائمِ، أَو الجائع. وقد تُسَكَّنُ الواوُ منها، استثقالاً للحركة على الواو، فإِنْ سَكَّنْتَهَا، ذَكَّرْتَ وصَرَفْت، والياءُ فيه للإِلْحاق بقِرْطَاسٍ، والهمزةُ منقلِبةٌ منها.

  وقال الفَرَّاءُ: القُوباءُ تُؤنَّثُ، وتُذَكّرُ، وتُحَرَّك، وتُسَكَّنَ، فيقال: هذه قُوَباءُ، فلا تُصْرَفُ في معرفةٍ ولا نكرةٍ، ويُلْحَقُ⁣(⁣١٠) بباب فُقَهاءَ، وهو نادر: وتقولُ في التَّخْفِيف هذهِ قُوباءُ فلا تُصْرَفُ في المعرفة، وتُصْرَفُ في النَّكِرَة؛ وتقول: هذِه قُوباءٌ، تَنصرف في المعرفةِ والنَّكْرَةِ، وتُلْحَقُ ببابِ طُومارٍ.

  قال ابْنُ السِّكِّيتِ: ولَيْسَ في الكَلامِ فُعْلاءُ مضمومَة الفاء ساكِنَةَ العَيْنِ ممدودةً⁣(⁣١١) غيَرَها، والخُشَّاءِ وهو العَظْمُ النّاتِئ وراءَ الأُذُنِ، قال: والأَصلُ فيهما تحريكُ العينِ خُشَشَاءُ وقُوَباءُ.


(١) في التهذيب «بلية».

(٢) في اللسان: «وسمي الفرخ قوباً لانقياب الفرخ عنها».

(٣) النهاية: عن.

(٤) النهاية: «فقرع» أي خلت أيام الحج من الناس واجتزأوا بالعمرة.

(٥) النهاية: قائبة قوب عامها.

(٦) النهاية: لخلو.

(٧) اللسان: ويقال لها.

(٨) في القاموس: «ومن تقلَّع» ومثله في اللسان.

(٩) في التهذيب «ينفعنّ» بدل «تغلبن» وفي المقاييس: هل تذهبنّ.

(١٠) اللسان: وتلحق.

(١١) في اللسان: ممدودة الآخر.