فصل الكاف مع الموحدة
  ويقال: سَلَّمَ وَلَدَهُ إِلى المَكْتَبِ كَمقعَدٍ، أَي: مَوْضِعُ الكِتَابِ والتَّعْلِيمِ أَي: تعليمهِ الكِتَابة.
  والمُكْتِبُ: المُعَلِّمُ، والكُتَّابُ: الصِّبيان، قاله المُبَرِّدُ.
  وقَوْلُ اللَّيْثِ، وتَبِعَهُ الجَوْهَرِيّ: إِنّ الكُتَّابَ بوزن رُمَّان، والمَكْتَبَ كمَقْعَدٍ، واحِدٌ، وهما مَوضعُ تعليمِ الكِتابِ، غَلَطٌ: وهو قولُ المُبَرِّدِ، لأَنّه قال: ومَن جعَلَ الموضِعَ الكُتّابَ، فقد أَخْطَأَ. وفي الأَساس: وقيل الكُتَّابُ: الصِّبْيانُ، لا المَكَانُ. ونقل شيخُنا عن الشِّهابِ في شرح الشِّفاءِ أَنَّ الكُتَّابَ للمَكْتَبِ وارِدٌ في كلامِهم كما في الأَساس وغيرِهِ، ولا عِبرة بمن قالَ إِنه مُوَلَّدٌ. وفي العِنَايَة: أَنَّه أَثْبَته(١) الجوهريّ، واستفاضَ استعمالُه بهذا المعنى، كقوله:
  وأَتَى بكُتَّابٍ لَو انْبَسَطَتْ يَدِي ... فيهِمْ رَدَدْتُهُمُ إِلى الكُتَّابِ
  وأَوّلُهُ:
  تَبّاً لِدَهْرٍ قد أَتَى بِعُجابِ ... ومَحَا فُنونَ العِلْمِ والآداب
  والأَبيات في تاريخ ابْنِ خِلِّكان. وأَصلُه جمع كاتِبٍ، مثل كَتَبَة، فأَطْلِقَ على مَحَلِّه مَجَازاً للمجاورة، وليس موضوعاً ابتداءً كما قال. وقال الأَزْهَرِيُّ، عن اللَّيْثِ: إِنّه لُغَةٌ. وفي الكَشْف: الاعتمادُ على قول الليث، ونَقَلَهُ الصّاغانيّ أَيضاً، وسَلَّمَه؛ ونقلَه ابْنُ حَجَرٍ في شرح المِنْهَاجِ عن الإِمامِ الشّافِعيّ، وصَحَّحَهُ البَيْهَقِيُّ وغيرُهُ، ووافقه الجماهيرُ، كصاحب التَّهْذِيب والمُغْرِبِ والعُبَابِ. انتهى الحاصِلُ من عبارته. ولكنّ عَزْوَهُ إِلى الأَساس ولسان العرب وغيرِهِما، مَحَلُّ نَظَرٍ، فإِنّهما نَقَلا عِبَارَةَ المُبَرِّدِ، ولم يُرَجِّحَا قَولَ اللَّيْثِ، حتى يُسْتَدَلّ بمرجوحيّة قولِ المُبَرِّدِ، كما لا يَخْفَى.
  ج* كتَاتِيبُ، ومَكَاتِيبُ. وهذا من تَتِمَّة عِبارة الجَوْهَرِيّ، فالأَوّل جَمْعُ كُتّابٍ، والثّاني جَمْعُ مَكْتَبٍ. وقد أَخلّ المُصَنِّفُ بذكر الثّاني، وذَكَرَه غيرُ واحدٍ، قال شيخنا: وفي عبارة المُصَنِّفِ قَلَقٌ.
  قلت: وذلك لأَنّ كتاتَيبَ إِنّمَا هو جَمْعُ كُتَّابٍ، على رأْي الجَوْهَرِيّ واللَّيْثِ، وهو قد جعله خطأً، فما معنى ذِكْرِه فيما بَعْدُ؟ نَعَم، لو قَدَّمَ ذِكْرَهُ قبل قوله «خطأ»، لَسَلِمَ من ذلك، فتأَمّلْ.
  والكُتَّابُ: سَهْمٌ صَغِيرٌ، مُدَوَّرُ الرَّأْسِ، يَتَعَلَّمُ بهِ الصَّبِيُّ الرَّمْيَ وبالثاءِ أَيضاً، والثّاءُ(٢) المُثَلَّثة في هذا الحرفِ أَعلَى من التّاءِ الفَوْقِيْة، كما سيأْتي. وفي عبارةِ شيخِنا هنا قَلقٌ عجيبٌ.
  والكُتّابُ أَيضاً: جَمْعُ كاتِبٍ، مثل كَتَبة، وقد تقدّمتِ الإِشارة إِليه.
  واكْتَتَبَ الرَّجُلُ: إِذا كَتَبَ نَفْسَهُ في دِيوانِ السُّلْطَانِ، وفي الحَدِيثِ «قالَ له رَجُلٌ: إِنّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حاجَّةً، وإِنِّي اكْتَتَبْتُ(٣) في غَزْوَةِ كذا وكذا»، أَي: كَتَبْتُ اسْمِي في جُمْلَةِ الغُزَاةِ. وفي حديث ابْنِ عُمَرَ: «من اكْتَتَبَ زَمِناً(٤)، بَعَثَهُ اللهُ زَمِناً(٥) يَوْمَ القِيَامَةِ».
  ومن المجاز: اكْتَتَبَ هو: أُسِرَ. واكْتَتَبَ بَطْنُهُ: حُصِرَ، وأَمْسَكَ، فهو مُكْتَتِبٌ ومُكْتَتَبٌ عليه ومكتوبٌ عليه نَقله الصاغانيُّ.
  والمُكْتَوْتِبُ: المُنْتَفِخُ المُمْتَلِئُ ممّا كان: نقله الصّاغانيّ.
  ومن المجازِ: كَتَّبَ الكَتِيبَةَ جَمَعَهَا، وهي الجَيْشُ.
  وَتَكَتَّبَ الجَيْشُ: تَجمَّعَ.
  وكَتَّبَ الجَيْشَ: جَعَلَهُ كَتائِبَ.
  أَو هِي الجَمَاعَةُ المُسْتَحِيزَةُ مِن الخَيْلِ، أَوْ هي جَمَاعَةُ الخَيْلِ إِذَا أَغارَتْ على العَدُوِّ، من المِائَةِ إِلَى الأَلْفِ.
  وكَتَّبَها تَكْتِيباً، وكَتَبَها: هَيَأَهَا، قال ساعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله أثبته الجوهري كذا بخطه ووقع بالمطبوعة: اشتبه على الجوهري» النسخة المطبوعة من التاج يعني النسخة الناقصة.
(٦) (*) عن القاموس: «و» ج كتاتيب.
(٢) في الصحاح: والتاء في هذا الحرف أعلى من الثاء.
(٣) في النهاية: كُتِبَ.
(٤) في النهاية: «ضمناً». والزَّمِنُ والضَّمِنُ بمعنى واحد.
(٥) زيد في النهاية: أي من كتب اسمه في ديوان الزمنى ولم يكن زمناً.