فصل العين مع النون
  واحِدٍ مِن الشَّرِيكَيْن دِنانِيرَ أَو دَرَاهِم مِثْل ما يُخْرجِ صاحِبُه ويَخْلِطاها(١)، ويأْذَنَ كلُّ واحِدٍ منهما لصاحِبِه أنْ يتَّجِرَ فيه، ولم يَخْتلِفِ الفُقَهاءُ في جوازِهِ، وأَنَّهما إن رَبِحا في المالَيْنِ فبَيْنهما، وإن وُضِعا فعلى رأْسِ مالِ كلِّ واحِدٍ منهما؛ وأمَّا شِرْكَةُ المُفاوَضةِ: فأَنْ يَشْتَرِكَا في كلِّ شيءٍ في أَيْدِيهما، أَو يَسْتَفِيدانه من بَعْدُ، وهذه الشِّرْكةُ عنْدَ الشافِعِيّ، رضِي اللهُ تعالى عنه، باطِلَةٌ، وعنْدَ أَبي حَنيفَةَ وصاحِبَيْه، رضِيَ اللهُ تعالَى عنهم، جائِزَةٌ.
  أَو هو أنْ تُعارِضَ رجلاً في الشِّراءِ فتقولَ له: أَشْرِكْنِي مَعَكَ وذلك قبلَ أنْ يَسْتَوْجِبَ الغَلَقُ، أَو هو أن يكونا سواءً في الشَّرِكَةِ فيما أَخْرَجاه مِن عَيْنٍ أَو وَرَقٍ، مأْخُوذٌ مِن عِنانِ الدابَّةِ، لأنَّ عِنانَ الدابَّةِ طاقَتانِ مُتَساوِيتانِ، وسُمِّيت هذه الشَّركةُ شَرِكَةَ عِنانٍ لمُعارَضَة كلّ واحدٍ منهما صاحِبه بمالٍ مِثْل مالِ صاحِبَه، وعَمَلَه فيه مِثْل عَمَلِه بَيْعاً وشِراءً.
  وعِنانٌ: ع.
  وقالَ نَصْر: هو وادٍ في دِيارِ بَني عامِرٍ، أَعْلاه لبَنِي جَعْدَةَ وأَسْفَلَه لقُشَيرٍ.
  وعِنانُ: امرأَةٌ شاعِرَةٌ.
  ويقالُ: رجلٌ طَرِقُ(٢) العِنانِ، أي خَفِيفٌ؛ وهو مجازٌ.
  وأَبو عِنانٍ؛ وحَفْصُ بنُ عِنانٍ اليمانيُّ عن أَبي هُريرَةَ، رضِي الله تعالى عنه، وعن ابنِ عُمَرَ؛ وعنه ابْنُه عُمَر الأوزاعي، ثقَةٌ، تابِعيَّانِ.
  والعُنَّةُ، بالضَّمِّ: الحظيرةُ من خَشَبٍ، أَو شَجَرٍ تُجْعَلُ للإبِلِ والغَنَمِ تُحْبَس فيها.
  وقَيّد في الصِّحاحِ(٣) فقالَ: لتَتَدرَّأَ بها من بَرْدِ الشَّمالِ. وقالَ ثَعْلَب: العُنَّةُ: الحَظِيرَةُ تكونُ على بابِ الرَّجُلِ فيكون فيها إبِله وغَنَمه.
  ومِن كَلامِهم: لا يَجْتَمِع اثْنان في عُنَّةٍ؛ ج عُنَنٌ، كصُرَدٍ وعِنانٌ: مِثْلُ جِبالٍ، كقُبَّةٍ وقِبابٍ؛ قالَ الأعْشى:
  تَرَى اللّحْمَ من ذابِلٍ قد ذَوَى ... ورَطْبٍ يُرَفّعُ فَوْقَ العُنَنْ(٤)
  والعُنَّةُ: دِقْدانُ القِدْرِ(٥).
  قالَ شيْخُنا، ¦: الدِّقْدانُ لا ذِكْرَ له في هذا الكتابِ على جهَةِ الأَصالَةِ ولا على جهَةِ الاسْتِطْرادِ، قيلَ: ولعلَّ المُرادُ به الغَلَيان ا ه.
  * قلْتُ: وهذا رجمٌ بالغيبِ وقَوْلٌ في اللّغَةِ بالقِياسِ، وهي مُعَرَّبَة فارِسِيَّتُها ديك دان اسمٌ لمَا يُنْصَبُ عليه القِدْرُ، وَقَعَ تفْسِيرُها هكذا في المُحْكَم وغيرِهِ مِنَ الأُصُولِ؛ ومنه قوْلُ الشاعِرِ:
  عَفَتْ غيرَ أنْآءٍ ومَنْصَبِ عُنَّةٍ ... وأَوْرَقَ من تحتِ الخُصاصَةِ هامِدُ(٦)
  والعُنَّةُ: الحَبْلُ؛ كأنَّه يُشِيرُ بذلِكَ إلى قوْلِ البُشْتِيِّ حيثُ فَسَّرَ العُنَنَ في بيتِ الأعْشَى بحِبالٍ تُشَدُّ ويُلْقَى عليها القَدِيدُ.
  وقد رَدَّ عليه الأزْهرِيُّ وقالَ: الصَّوابُ في العُنَّةِ والعُنَنِ ما قالَهُ الخَلِيلُ وهو الحَظِيرَةُ؛ قالَ: ورأَيْتُ حَظِيرَاتِ الإبِلِ في البادِيَةِ يسمُّونَها عُنَتاً لاعْتِنانِها في مَهَبِّ الشَّمالِ لتَقِيها بَرْدَ الشَّمالِ، قالَ ورأَيْتُهم يَشُرُّونَ اللّحْمَ المُقَدَّدَ فوْقَها إذا أَرادُوا تَجْفيفَه.
  قالَ ولسْتُ أَدْرِي عمَّن أَخَذَ البُشْتِيُّ ما قالَ في العُنَّةِ إنَّه الحَبْلُ الذي يُمَدُّ، ومَدُّ الحَبْلِ مِن فِعْلِ الحاضِرَةِ، قالَ: وأُرَى قائِلَه رأَى فُقراءَ الحَرَمِ يَمُدُّونَ الحِبالَ بمِنًى فيُلْقُون
(١) في التهذيب: ويخلطانها.
(٢) في القاموس: «طرفُ».
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقيد في الصحاح الخ هذا ساقط من نسخ الصحاح المطبوعة» وهي مثبتة في اللسان عن الصحاح.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ٢٠٩ واللسان والصحاح والمقاييس ٤/ ٢١.
(٥) على هامش القاموس: اعلم أن الدقدان لم يتقدم له ذكر، ولعل المراد به: الغليان ا هـ قرافي، والذي في اللسان: الدقدان: أثافي القدر.
(٦) اللسان.