فصل العين مع النون
  عليها لحُومَ الأضاحِي والهَدْي التي يُعْطَوْنَها، ففَسَّر قوْلَ الأعْشى بمَا رأَى، ولو شاهَدَ العَرَبَ في بادِيَتِها لَعَلِمَ أنَّ العُنَّةَ هي الحِظارُ مِن الشَّجَرِ.
  والعُنَّةُ: مِخْلافٌ باليمنِ؛ واسمُ رجُلٍ(١) نُسِبَ إليه المِخْلافُ المَذْكورُ.
  والعَنانُ، كسَحابٍ: السَّحابُ؛ ومنه الحدِيثُ: «لو بَلَغَتْ خَطِيئتُه عَنانَ السَّماءِ»، وقيَّدَه بعضٌ بالمُعْتَرضِ في الأُفُقِ؛ أَو التي(٢) تُمْسِكُ الماءَ، واحِدَتُه بهاءٍ.
  قالَ شيْخُنا، ¦: قوْلُه هذا يُنافِي قوْلَه أَوَّلاً أَو التي، فكانَ الأَوْلى واحِدَتها، وإرادة واحِد اللفْظِ عنانة بعيد.
  وفي حدِيثِ ابنِ مَسْعودٍ، رضِيَ الله تعالى عنه: كان في أَرضٍ له إذ مَرَّتْ به عَنَانَةٌ تَرَهْيَأْ، أي سَحابَة.
  وعَنانُ: وادٍ بدِيارِ بَنِي عامِرٍ، أَعْلاهُ لبَني جَعْدَةَ وأَسْفَلُهُ لبَنِي قُشَيْرٍ.
  * قلْتُ: الصَّوابُ فيه ككتاب، وهكذا ضَبَطَه نَصْر في مُعْجَمِهِ وتَبِعَه ياقوتُ، وقد نبَّهنا عليه آنِفاً.
  والأَعْنانُ: أَطرافُ الشَّجَرِ ونَواحِيه.
  والأَعْنانُ مِن الشَّياطِينِ: أَخْلاقُها.
  وفي الحدِيثِ: «لا تُصَلّوا في أَعْطَانِ الإبِلِ لأنَّها خُلِقَتْ مِن أَعْنانِ الشَّياطِينِ.
  وفي حدِيثٍ آخر: سُئِلَ عن الإبِلِ فقالَ: أَعْنانُ الشَّياطِينِ؛ أَرادَ أَنَّها على أخْلاقِ الشَّياطِينِ، وحَقِيقةُ الأَعْنانِ النَّواحِي.
  قالَ ابنُ الأثيرِ، ¦: كأنَّه قالَ كأنَّها لكثْرَةِ آفاتِها مِن نواحِي الشَّياطِينِ في أَخلاقِها وطبائِعِها.
  والأَعْنانُ من السَّماءِ: نَواحِيها. وقيلَ: صَفائِحُها وما اعْتَرَضَ مِن أَقْطارِها كأَنَّه جَمْعُ عَنَنٍ أَو عنّ؛ وبه رُوِي أَيْضاً الحدِيثُ المَذْكورُ: لو بَلَغَتْ خَطِيئتُه أَعْنانَ السماءِ.
  قالَ يونس بنُ حبيبٍ: أَعْنانُ كلِّ شيءٍ نَواحِيَه.
  وقالَ أَيْضاً: ليسَ لمنْقُوصِ البيانِ بَهاءٌ ولو حَكَّ بيافُوخِه أَعْنانَ السماءِ؛ والعامَّةُ تقولُ: عَنان السماءِ.
  وقالَ غيرُهُ عِنانُها، بالكسْرِ: ما عَنَّ، أي بدَا لَكَ منها إذا نَظَرْتَها.
  * قلْتُ: الصَّوابُ فيه عَنان بالفتْحِ كما صرَّحَ به غيرُ واحِدٍ. وكذا في عَنانِ الدَّارِ، وقد نبَّه على الأوّل شيْخُنا ¦.
  والعَنانُ مِن الدَّارِ: جانِبُها الذي يَعُنُّ لك أي يَعْرِضُ.
  وعُنْوانُ الكِتابِ وعُنْيانُهُ، بضمِّهما، بقَلْبِ الواوِ في الثانِيَةِ ياءً، ويُكْسَرانِ.
  قالَ اللّيْثُ: والعُلْوانُ لُغَةٌ غيرُ جَيِّدةٍ.
  والذي يُفْهَم مِن سِياقِ ابنِ سِيْدَه أنَّ العِنْوانَ بالضمِّ والكَسْر، وأَمَّا العِنْيان فبالكَسْر فقط؛ قالَ أبو داود:
  لمن طَلَلٌ كعُنْوانِ الكِتابِ ... ببَطْنِ أُواقَ أَو قَرَنِ الذُّهابِ؟(٣)
  وقالَ أَبو الأَسْودِ الدُّؤَليُّ:
  نَظَرْتُ إلى عِنْوانِه فنبَذْتُه ... كنَبْذِكَ نَعْلاً أَخْلَقتْ مِن نِعالِكا(٤)
  سُمِّيَ به لأنَّهُ يَعِنُّ له، أي الكِتابِ، مِن ناحِيَتَيْه(٥)، أي يَعْرضُ، وأَصْلُه عُنَّانٌ، كرُمَّانٍ، فلمَّا كَثُرَتِ النُّونات قُلِبَتْ إحْداها واواً؛ ومَن قالَ عُلْوانُ الكِتابِ جَعَلَ النُّون لاماً لأنَّه أَخَفّ وأَظْهَر مِن النّونِ.
(١) في القاموس «رجلٌ» بالرفع منونة، وأضافها الشارح فاقتضى كسرها.
(٢) الأولى «الذي» لأن كلامه في الجمع، بدليل قوله: واحدته بهاء ا هـ قرافي، أفاده على هامش القاموس.
(٣) اللسان.
(٤) اللسان.
(٥) في القاموس «نناحيته».