تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لحن]:

صفحة 503 - الجزء 18

  القُرْآنِ، أَي لُغَة العَرَبِ في القُرْآن واعْرِفُوا مَعانِيَه، وكقَوْلِه أَيْضاً: «أُبَيٌّ أَقْرَؤُنا وإنَّا لنَرْغَبُ عن كثيرٍ مِن لَحْنِه»، أَي مِن لُغَتِه وكان يَقْرأُ التابُوه.

  ومنه قَوْلُ أَبي مَيْسَرَةَ في قَوْلِه تعالَى: {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ}⁣(⁣١)، قالَ: العَرِمُ المُسَنَّاةُ بلَحْنِ اليَمَنِ أَي بلُغَتِهم.

  وقد لَحَنَ الرَّجُلُ: تَكلَّمَ بلُغَتِه.

  واللَّحْنُ: الخَطَأُ وتَرْكُ الصَّوابِ في القِراءَةِ والنَّشِيدِ ونَحْو ذلِكَ. وقيلَ: هو تَرْكُ الإعْرابِ، وبه فُسِّر قَوْلُ عُمَرَ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه: تعَلّمُوا اللَّحْنَ والفَرائِضَ.

  وفي حدِيثِ أَبي العالية: «كنتُ أَطُوفُ مع ابنِ عباسٍ، رضِيَ اللهُ تعالى عنهما، وهو يُعلِّمني لَحْنَ الكَلامِ»؛ قالَ أَبو عُبيدٍ: وإنَّما سَمَّاه لَحْناً لأنَّه إذا بَصَّره بالصَّوابِ فقد بَصَّره باللَّحْنِ⁣(⁣٢).

  قالَ شَمِرٌ: وقالَ أبو عدْنان: سأَلْتُ الكِلابِيّينَ عن قَوْلِ عُمَرَ هذا فقالوا: يُريدُ به اللّغْوَ وهو الفاسِدُ مِن الكَلامِ؛ وبه فَسَّر بعضٌ قَوْلَ أَسْماء الفَزَاريّ⁣(⁣٣):

  وحديثٍ أَلَذُّه هو ممَّا ... يَنْعَتُ النَّاعِتُون يُوزَنُ وَزْنا

  مَنْطِقٌ رائِعٌ وتَلْحَنُ أَحْيا ... ناً وخيرُ الحدِيثِ ما كانَ لَحْنا⁣(⁣٤)

  أَي إنَّما تُخْطِئُ في الإعْرابِ وذلِكَ أنَّه يُسْتَمْلَحُ من الجوارِي، ذلكَ إذا كانَ خَفِيفاً، ويُسْتَثْقل منهنَّ لُزومُ مُطْلقِ الإعْرابِ. كاللُّحونِ بالضمِّ، عن أَبي زيْدٍ، واللَّحانةِ واللَّحانيةِ واللَّحَنِ، محرَّكةً. وقد لَحَنَ في كَلامِه، كجَعَلَ، يَلْحَنُ لَحْناً ولُحوناً ولَحانَةً ولَحانِيَةً ولَحَناً، فهو لاحِنٌ: مالَ عن صَحِيحِ المَنْطِقِ.

  ورجُلٌ لَحَّانٌ ولَحَّانَةٌ، بالتَّشْديدِ فيهما، ولُحَنَةٌ، كهُمَزَةٍ⁣(⁣٥): يُخْطِئُ؛ وفي المُحْكَم: كثيرُهُ.

  ولَحَّنَهُ⁣(⁣٦) تَلْحِيناً: خَطَّأَهُ في الكَلامِ.

  وقيلَ: اللُّحْنَةُ⁣(⁣٧)، بالضَّمِّ، من يُلَحَّنُ، أَي يُخَطَّأُ، وكهُمَزَةٍ: مَنْ يُلَحِّنُ النَّاسَ كثيراً؛ ومنه الحدِيثُ: «وكان القاسِمُ رَجُلاً لُحْنَةً»، يُرْوَى بالوَجْهَيْنِ؛ والمَعْروفُ في هذا البِناءِ أَنَّه الذي يَكْثُر منه الفِعْل كالهُمَزةِ واللُّمَزةِ والطُّلَعةِ والخُدَعةِ ونَحْو ذلِكَ.

  واللَّحْنُ: التَّعْرِيضُ والإيماءُ.

  و⁣(⁣٨) قد لَحَنَ له لَحْناً، قالَ له قَوْلاً يَفْهَمَهُ عنه ويَخْفى على غيرِهِ لأنَّه يُمِيلُه بالتَّوْريةِ عن الواضِحِ المَفْهومِ؛ ومنه قَوْلُ القَتَّال الكِلابيِّ:

  ولقد لَحَنْتُ لكم لِكَيْما تَفْهَمُوا ... ووَحَيْتُ وَحْياً ليسَ بالمُرْتابِ⁣(⁣٩)

  وفي الحدِيثِ: «إذا انْصَرَفْتُما فالْحَنَا لي لَحْناً»، أَي أَشِيرَا إليَّ ولا تُفْصِحا وعَرِّضا بما رَأَيْتُما، أَمَرَهُما بذلِكَ لأنَّهما رُبَّما أَخْبرا عن العَدُوِّ بيأْسٍ وقُوَّةٍ فأَحَبَّ أَنْ لا يَقِفَ عليه المُسْلمُونَ؛ وبه فُسِّرَ أَيْضاً قَوْلُ أَسْماء الفَزَارِي المتقدِّمُ.

  واللَّحْنُ: المَيْلُ؛ وقد لَحَنَ إليه إذا نَواهُ ومالَ إليه، ومنه سُمِّي التَّعْريضُ لَحْناً.

  وقالَ الأزْهرِيُّ: اللَّحْنُ ما تَلْحَنُ إليه بلِسانِك، أَي تَمِيلُ إليه بقَوْلِكَ.


(١) سبأ، الآية ١٦.

(٢) في التهذيب واللسان: «اللحن».

(٣) في اللسان: «مالك بن أسماء خارجة الفزاري»، وفي الصحاح: «الفزاري».

(٤) البيتان في اللسان والصحاح، وللثاني رواية أخرى: «منطق صائب» وردت في اللسان والتهذيب، وفي الأساس برواية: «منطق واضح ...... وأحلى الحديث ...»

(٥) قوله: «كهمزة» ليس في القاموس.

(٦) على هامش القاموس عن نسخة: تَلْحيناً.

(٧) على هامش القاموس عن إحدى النسخ: بالضم.

(٨) ليست من القاموس.

(٩) اللسان بهذه الرواية، وثمة رواية أخرى وردت في الصحاح:

«ولقد وحيت لكمت. ... ولحنت لحنات.»