تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[منجن]:

صفحة 526 - الجزء 18

  [منجن]: المَنْجَنونُ⁣(⁣١): أَوْرَدَه هنا على أنَّ النونَ الأُوْلى مكرَّرَةٌ زائِدَةٌ، وهو صنْعُ الأزْهرِيّ، فإنَّه ذَكَرَه في الرّباعي. وجَعَلَه سِيْبَوَيْه بمنْزِلَةِ عَرْطَلِيل يذْهَبُ إلى أَنَّه خُمَاسِيٌّ، وأَنَّه ليسَ في الكَلامِ فَنْعَلُولٌ، وأنَّ النونَ لا تُزادُ ثانِيَة إلَّا بثَبَتٍ، فحينَئِذٍ الأَوْلَى ذِكْره بعْدَ تَرْكِيبِ مَنَنَ، وهو صنْعُ صاحِبِ اللِّسانِ وغيرِهِ مِنَ الأَئِمَّة. وذَكَرَه الجوْهرِيُّ في جَنَنَ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: وحَقُّه أن يُذْكَرَ في منجن لأنَّه رُباعيٌّ ميمُه أَصْليَّةٌ وكذا نونُه التي تلِي الميمَ، قالَ: ووَزْنُه فَعْلَلُولٌ مِثْل عَضْرَفُوطٌ.

  وهو الدُّولابُ يُسْتَقَى عليه⁣(⁣٢)؛ أو هي البَكَرَةُ.

  وقالَ ابنُ السِّكِّيت: هي المَحالَةُ يُسنَى عليها، وهي مُؤَنَّثةٌ على فَعْلَلُولٍ؛ وأَنْشَدَ أَبو عليٍّ:

  كأنَّ عَيْنَيَّ وقد بانُوني ... غَرْبانِ في مَنْحاةِ مَنْجَنُونِ⁣(⁣٣)

  وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي في سانية لابنِ مُفَرِّغ:

  وإذا المَنْجَنونُ بالليلِ حَنَّتْ ... حَنَّ قَلْبُ المُتَيَّمِ المَحْزونِ⁣(⁣٤)

  وقالَ الأَزْهرِيُّ: وأَمَّا قوْلُ عَمْرو بنِ أَحْمر:

  ثَمِلٌ رَمَتْه المَنْجَنونُ بسَهْمِها ... ورَمَى بسَهْمِ جَريمةٍ لم يَصْطَدِ⁣(⁣٥)

  فإنَّ أَبا الفَضْلِ حدَّثَ أنَّه سَمِعَ أَبا سعيدٍ يقولُ: هو الدَّهْرُ، كالمَنْجَنِين في الكُلِّ⁣(⁣٦)؛ وأَنْشَدَ الأَصْمعيُّ لعُمَارَة ابن طارِقٍ:

  اعْجَلْ بغَرْبٍ مثْل غَرْبِ طارِقِ ... ومَنْجَنينٍ كالأَتانِ الفارِقِ⁣(⁣٧)

  ورُوِي قَوْلُ ابنِ أَحْمر أَيْضاً مِثْل ذلِكَ؛ ج مَناجِينُ.

  وقالَ ابنُ بَرِّي. قَوْلُ الجوْهرِيِّ والمِيم مِن نفْسِ الحَرْف لمَا ذُكِرَ في مَنْجَنِيق لأنَّه يُجْمَعُ على مَناجِين يَحْتاجُ إلى بيانٍ، أَلا تَرَى أَنَّك تقولُ في جَمْعِ مَضْروبٍ مَضارِيبُ؟ فليسَ ثَباتُ الميمِ في مَضَارِيبِ ممَّا يُكَوِّنُها أَصْلاً في مَضْروبٍ.

  قالَ: وإنَّما اعْتَبَر النّحويُّونَ صحَّةَ كَوْنِ الميمِ فيها أَصْلاً بقَوْلِهم مَناجِين، لأنَّ مَناجِينَ يَشْهدُ بصحَّةِ كَوْنِ النُّونِ أَصْلاً بخِلافِ النّونِ في قَوْلِهم مَنْجَنِيق فإنَّها زائِدَةٌ، بدَليلِ قَوْلِهم مَجانِيق، وإذا ثَبَتَ أنَّ النُّونَ في مَنْجَنُون أَصْلٌ ثَبَتَ أنَّ الاسمَ رُباعيٌّ، وإذا ثَبَتَ أَنَّه رُباعيٌّ ثَبَتَ أنَّ المِيمَ أَصْلٌ، واسْتَحالَ أنْ تَدْخلَ عليه زائِدَةً مِن أَوَّلِه، لأنَّ الأَسْماءَ الرّباعِيةَ لا تَدْخلُها الزِّيادَةُ مِن أَوَّلِها، إلَّا أنْ تكونَ من الأَسْماءِ الجارِيَةِ على أَفْعالِها نَحْو مُدَحْرِج ومُقَرْطِس.

  [محن]: مَحَنَهُ عِشْرينَ سَوْطاً، كَمَنَعَهُ؛ ضَرَبَهُ.

  ومَحَنَهُ: اخْتَبَرَهُ، كامْتَحَنَه، وأَصْلُ المَحْنِ: الضَّرْبُ بالسَّوْطِ؛ والاسمُ المِحْنَةُ، بالكسْرِ، والجَمْعُ المِحَنُ، وهي التي يُمْتَحَنُ بها الإنْسانُ مِن بليةٍ، نَسْتَجِيرُ بكَرَمِ اللهِ تعالى منها.

  وقالَ الليْثُ: المِحْنَةُ مِثْلُ الكَلامِ الذي يُمْتَحَنُ به ليُعْرَفَ بكَلامِه ضَمِير قلْبِهِ.

  وفي حدِيثِ الشعبيِّ: «المِحْنَةُ بِدْعَةٌ»، هي أنْ يأْخُذَ السُّلطانُ الرَّجلَ فيمْتَحِنه ويقولُ: فَعَلْت كذا وكذا، فلا يَزالُ به حتى يقولَ ما لم يَفْعَلْه، أَو ما لا يَجوزُ قَوْله، يعْنِي أنَّ هذا القَوْلَ بِدْعَةٌ.

  وقالَ المُفَضَّلُ: مَحَنَ الثّوْبَ مَحْناً: لَبِسَه حتى أَخْلَقَه.


(١) على هامش القاموس عن نسخة: والمَنْجنِينُ.

(٢) على هامش القاموس عن نسخة: عليها.

(٣) اللسان.

(٤) اللسان.

(٥) اللسان والتكملة وصدره في التهذيب: «منجن» ١١/ ٢٥٨.

(٦) قوله: «كالمنجنين في الكل» مضروب عليه بنسخة المؤلف، أفاده على هامش القاموس.

(٧) اللسان برواية: «ومنجنون» وبعده فيه:

من أثل ذات العرض والمضايق

والشطر الشاهد في الصحاح والتهذيب كرواية اللسان.