[منن]:
  الأسْبابِ والأنْسابِ، رَوَى عنه أبو بكْرٍ الخَطِيبُ، ماتَ بمِصْرَ سَنَة ٤١١(١)، ¦.
  [منن]: مَنَّ عليه يَمُنُّ مَنَّا ومِنِّينَى، كخلِّيفَى: أنْعَمَ وأَحْسَنَ؛ فالمَنُّ الإنْعامُ مُطْلقاً عنْدَه؛ وقيلَ: هو الإحْسانُ إلى مَنْ لا يَسْتَثِيبُه ولا يَطْلبُ الجَزاءَ عليه؛ وأنْشَدَ ابنُ بَرِّي للقُطاميِّ:
  وما دَهْري بمِنِّينَى ولكنْ ... جَزَتْكم يا بَني جُشَمَ الجَوَازي(٢)
  ومَنَّ عليه: اصْطَنَعَ عندَهُ صَنيعَةً.
  ومَنَّ عليه مِنَّةً مِثْل امْتَنَّ عليه، والمِنِّينَى الاسمُ مِنَ المَنِّ والامْتِنانِ.
  وقالَ أبو بكْرٍ: المَنُّ يَحْتَمِلُ تأْوِيلَيْن: أَحدُهما: إحْسانُ المُحْسِن غيْرَ مُعْتَدٍّ بالإحْسانِ، يقالُ: لَحِقَتْ فلانَ مِن فلانٍ مِنَّةٌ إذا لَحِقَتْه نعمةٌ باسْتِنْقاذٍ مِن قَتْلٍ أَو ما أَشْبَهَهُ، والثانِي: مَنَّ فلانٌ على فلانٍ إذا عَظَّمَ الإحْسانَ وفَخَرَ به وأَبْدَأَ فيه وأَعادَ حتى يُفْسِدَه ويُبَغِّضَه، فالأوَّلُ حَسَنٌ، والثاني قَبيحٌ.
  وقالَ الرَّاغِبُ: المِنَّةُ: النعمةُ(٣)، ويقالُ ذلكَ على وَجْهَيْن:
  أَحَدُهما: أنْ يكونَ ذلِكَ بالفِعْل فيُقالُ مَنَّ فلانٌ على فلانٍ إذا أَثْقَلَه بنعمِهِ الثَّقِيلةِ، وعلى ذلِكَ قَوْلُه، ø: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}(٤)، و {لكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ}(٥)، ونَحْو ذلِكَ، وذلِكَ في الحَقِيقَةِ لا يكونُ إلَّا للهِ، ø.
  والثاني: أنْ يكونَ ذلِكَ بالقَوْلِ، وذلِكَ مُسْتَقْبَحٌ فيمَا بينَ الناسِ إلَّا عنْدَ كفْرَانِ النعْمةِ، ولقُبحِ ذلِكَ قالوا: المِنَّةُ تَهْدمُ الصَّنِيعَةَ، ولذلِكَ قالَ اللهُ، ø: {لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى}(٦)؛ ولحسنِ ذِكْرِها عنْدَ الكفْرَانِ قيلَ: إذا كَفَرتِ النِّعمةُ حَسُنَتِ المِنَّةُ؛ وقوْلُه، ø: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ}(٧)؛ فالمِنَّةُ منهم بالقَوْلِ ومِنَّةُ اللهِ، ø، عليهم بالفِعْلِ وهو هِدايَتُه إيَّاهُم لمَا ذَكَرَ(٨). وأَمَّا قوْلُه، ø: {فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً}(٩)، فالمَنُّ إشارَة إلى الإطْلاقِ بِلا عَوَضٍ؛ وقوْلُه، ø: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}(١٠)، قيلَ: هو المِنَّةُ بالقَوْلِ وذلِكَ أن تَمَنَّ به وتَسْتَكْثِره، وقيلَ: لا تُعْطِ شيئاً مقدَّراً لتَأْخُذَ بَدَلَه ما هو أَكْثَر منه(١١).
  ومَنَّ الحَبْلَ يَمُنُّه مَنَّا: قَطَعَه.
  ومَنَّ النَّاقَةَ يَمُنُّها مَنَّا: حَسَرَها، أَي هزلَها مِنَ السَّفَرِ.
  ومَنَّ السَّيْرُ فلاناً: أَضْعَفَه وأَعْياهُ وذَهَبَ بمُنَّتِه، أَي بقوَّتِه؛ قالَ ذُو الرُّمَّةِ: منه السَّيْرُ أحَمقَ: أي أَضْعَفَهُ السَّيْرَ كأَمَّنَهُ إمْناناً وتَمَنَّنَهُ ومنّ الشَّيُّء: نَقَىَ. قال لبيد:
  شيلمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تنازعَ شِلْوَهُ ... غُبْسٌ كوَاسِبُ لا يُمَنُّ طَعامُها(١٢)
  أَي لا ينقص، وقيلَ: لا يقطع، وهذا البَيْتُ أنْشَدَ الجوْهرِيُّ عَجزَهُ وقالَ: غُبْساً(١٣)، والرِّوايَةُ ما ذَكَرْنا.
  * وفي نسخةِ ابنِ القطَّاعِ مِنَ الصِّحاحِ:
  حتى إذا يَئِسَ الرُّماةُ وأَرْسَلوا ... غُبْساً
  الخ.
  قالَ ابنُ بَرِّي: وهو غَلَطٌ، وإنَّما هو في نسْخَةِ
(١) في معجم البلدان واللباب سنة ٤١٢، وقيدها ابن الأثير بالحروف.
(٢) اللسان.
(٣) في المفردات: النعمة الثقيلة.
(٤) آل عمران، الآية ١٦٤.
(٥) إبراهيم، الآية ١١.
(٦) البقرة، الآية ٢٦٤ والعبارة من ولذلك قال الله إلى هنا ليست في المفردات.
(٧) الحجرات، الآية ١٧.
(٨) في المفردات: «كما ذكر».
(٩) محمد، الآية ٤.
(١٠) المدثر، الآية ٦.
(١١) عبارة المفردات: وقيل: معناه لا تعط مبتغياً به أكثر منه.
(١٢) ديوانه ط بيروت ص ١٧٠ واللسان والصحاح، وبالأصل: «فهد».
(١٣) في الصحاح المطبوع: «مادة: منن» البيت بتمامه، وفيه: غبسٌ».