فصل الكاف مع الموحدة
  الكِرابُ عَلَى البَقَرِ بالرّاءِ بدل اللّام، وبالوَجْهَيْنِ رواه أَبو عُبيْدٍ البَكْرِيّ، في كتابه فصْل المقال، ناقلاً الوجهَ الأَخيرَ عن الخليل وابْنِ دُرَيْدٍ، وأَثبتهما المَيْدَانيّ في مجمع الأَمثال على أَنهما مَثَلَانِ، كُلُّ واحدٍ منهما على حِدَةٍ في معناه.
  تَرْفَعُهَا على الابتداءِ وتَنْصِبُها بفعل محذوف أَي: أَرْسِلْها عَلَى بَقَرِ الوَحْشِ. ومَعْنَاهُ، على ما قَدَّرَهُ سَيْبَوَيْه: خَلِّ امْرَأً وصِناعَتَهُ(١). قال ابْنُ فارسٍ في المُجْمَل(٢): يُرادُ بهذا الكلام صيدُ البَقَر بالكِلاب، قال: ويُقَالُ: تأْويلُهُ مثلُ ما قاله سِيبَوَيْهِ. وقال أَبو عُبَيْدٍ في أَمثاله: من قِلَّة(٣) المُبالاة قولهم: الكِلاب على البقَر، يُضْرَبُ مثلاً في قلَّة عِنايةِ الرجلِ واهتمامِه بشأْن صاحبه. قال: وهذا المَثلُ مُبْتَذَلٌ في العامَّة، غير أَنّهم لا يَعرِفُون أَصلَه. ونقل شيخُنا عن شروح الفصيح: يجوزُ الرَّفْعُ والنَّصب في الرِّوايتَيْنِ، فالرَّفْعُ على الابتداءِ، وما بَعْدَه خبرٌ. وأَما النَّصْب، فعلى إِضمارِ فعْلٍ، كأَنّه قال: دَعِ الكِلابَ على البَقَر. وكذلك من روى «الكِرابَ» إِنْ شِئتَ نَصَبْتَ فقلتَ: أَي دَعِ الحَرْثَ على البَقَر، وإِنْ شئتَ رَفَعْتَ على الابتداءِ والخَبَر.
  وأُمّ كَلْبَةَ: الحُمَّى، لشدَّةِ ملازمتِها للإِنسان، أُضِيفَت إِلى أُنْثَى الكِلاب.
  وكَلَبَ الرجُلُ يَكلِبُ، من باب ضَرَب، كذا هو مضبوط عندَنا، ومثله الصّاغانيُّ، وفي بعضِ النُّسَخ: من بابِ فَرِحَ. واسْتَكْلَبَ: إِذا كان في قَفْرٍ، ف نَبَحَ، لِتَسْمَعَهُ الكلابُ، فَتَنْبَحَ، فيُستدَلَّ بها عليه أَنَّه قريبٌ من ماءٍ أَو حِلَّة، قال:
  ونَبْحُ الكِلابِ لِمُسْتَكْلِبِ
  وكَلِبَ الكَلْبُ، من باب فَرِحَ، وكذا اسْتَكْلَبَ: ضَرِيَ، وتَعَوَّدَ أَكْلَ النّاسِ، فأَخَذَهُ لِذلك سُعارٌ(٤)، وقد تَقَدّم. ومن المَجَاز: كَلالِيبُ البَازِي: مَخَالِبُهُ، جمعُ كَلُّوب، ويقال: أَنْشَبَ فيه كَلالِيبَه، أَي: مَخَالِبَهُ.
  ومِنَ الشَّجَرِ: شَوْكُهُ. كلُّ ذلك على التَّشبيه بمَخَالِبِ الكِلاب والسِّباع. وقولُ شيخنا: ولهم في الّذِي بعدَهُ نَظَرٌ، منظورٌ فيه.
  وكالَبَتِ الإِبِلُ: رَعَتْهُ، أَي: كَلالِيبَ الشَّجَرِ. وقد تكونُ المُكَالَبَةُ ارْتِعاءَ الحَشِ(٥) اليابِس، وهو منه؛ قال الشّاعرُ:
  إِذا لَمْ يَكُنْ إِلّا القَتَادُ تَنَزَّعَتْ ... مَنَاجِلُهَا أَصْلَ القَتَادِ المُكَالَبِ
  * وممّا يُسْتَدْرَكُ على المؤلّف: الكَلْبُ(٦) من النُّجُومِ بحِذاءِ الدَّلْوِ من أَسْفَلَ، وعلى طريقته نَجْمٌ أَحمرُ(٧) يقالُ له الرّاعِي.
  وكِلابُ الشِّتَاءِ: نُجُومٌ، أَوّلَهُ، وهي الذِّراعُ، والنَّثْرَةُ، والطَّرْفُ والجَبْهَةُ. وكُلُّ هذه إِنَّما سُمِّيَتْ بذلك على التّشبيه بالكِلاب.
  ولِسَانُ الكَلْبِ: نَبْتٌ، عن ابْنِ دُرَيْدٍ.
  والكُلَاب، كغُراب: وادٍ بِثَهْلَان، مُشْرِفٌ، به نَخْلٌ ومِياهٌ لبني العَرْجاءِ من بني نُمَيْرٍ. وثَهْلانُ: جبلٌ لبَاهِلَةَ، وهو غير الّذي ذكرَه المصنِّفُ.
  ودَهْرٌ كَلِبٌ: أَي مُلِحٌّ على أَهْلِه بما يَسُوؤُهم، مُشتَقٌّ من الكَلْبِ الكَلِبِ؛ قال الشاعرُ:
  ما لِي أَرَى النَّاسَ لا أَبَا لَهُمُ ... قد أَكَلُوا لحْمَ نابِحٍ كَلِبِ
  ومن المجاز أَيضاً: دَفَعْتُ عنك كَلَبَ فُلان، أَي: شَرَّهُ وأَذاهُ. وعبارة الأَساس: كَفَّ عنه كِلابَهُ: تَرَكَ شَتْمَهُ وأَذاهُ(٨)، انتهى.
(١) مثل يضرب للأمرين أو للرجلين لا يبالي أهلكاً أو سلماً جمهرة الأمثال ٢/ ١٦٩.
(٢) في المجمل (كرب): يراد: صدنا بالبقر الكلاب.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله من قلة لعل الظاهر في قلة.
(٤) بالأصل: «فأخذ ذلك شعاراً» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله فأخذ ذلك شعاراً كذا بخطه وصوابه فأخذه لذلك سعار وقد تقدمت هذه العبارة آنفاً».
(٥) كذا بالأصل، وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله الحش لعله الحشيش» وفي اللسان: الخشن.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله الكلب هذا مذكور في نسخة المتن المطبوعة» وقد تقدمت في أول المادة.
(٧) اللسان: نجم آخر.
(٨) وشاهده فيه: قال:
ألم ترني سكّنت إليّ لإلكم ... وكفكفت عنكم أكلبي وهي عقر