تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين مع الهاء

صفحة 46 - الجزء 19

  يُحْسِنُ الإِملاء ولا يَدْرِي كيفَ هو، ولو كانَ جاهِلاً في أَحْوالِه كُلِّها ما جازَ له أَنْ يُداينَ.

  وقالَ ابنُ سِيدَه: مَعْناه إنْ كانَ جاهِلاً أَو صَغِيراً.

  وقالَ اللَّحْيانيُّ: السَّفِيهُ الجاهِلُ بالإِملاء.

  قالَ ابنُ سِيدَه: وهذا خَطَأٌ لأنَّه قد قالَ بعْدَ هذا {أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ}.

  وقالَ الرَّاغبُ: هذا هو السَّفَهُ الدِّنْيويُّ، وأَمَّا السَّفَهُ الأُخْرَويُّ فكَقْولِه تعالى: {وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً}⁣(⁣١)، فهذا هو السَّفَه في الدِّيْن.

  وسَفَّهَهُ تَسْفِيهاً: جَعَلَه سَفِيهاً، كسَفِهَهُ، كعَلِمَهُ؛ عن الأخْفَش ويُونُسَ، وعليه خَرَّج {سَفِهَ نَفْسَهُ} كما تقدَّمَ.

  أَو سَفَّهَهُ تَسْفِيهاً: نَسَبَه إِليه، أَي إلى السَّفَهِ؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ.

  وتَسَفَّهَه عن مالِهِ: إِذا خَدَعَه عنه؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ.

  وتَسَفَّهَتِ الرِّيحُ الغُصونَ: أَمالَتْها، أَو مالَتْ بها، أَو اسْتَخَفَّتْها فحرَّكَتْها؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لذي الرُّمَّة:

  جَرَيْنَ كما اهْتَزَّتْ رِماحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعالِيَها مَرُّ الرِّياحِ النَّواسِمِ⁣(⁣٢)

  وسافَهَه مُسافَهَةً: شاتَمَهُ؛ ومنه المَثَلُ: سَفِيهٌ لم يَجِدْ مُسافِهاً؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ.

  وسافَهَ الدَّنَّ أَو الوَطْبَ: فاعَدَهُ فَشَرِبَ منه ساعَةً بعد ساعَةٍ؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ.

  ومِن المجازِ: سافَهَ الشَّرابَ إِذا أَسْرَفَ فيه فَشَرِبَهُ جُزافاً؛ قالَ الشمَّاخُ:

  فَبِتُّ كأَنَّني سافَهْتُ صِرْفاً ... مُعَتَّقَةٌ حُمَيَّاها تَدُورُ⁣(⁣٣)

  وقالَ اللَّحْيانيُّ: سافَهْتُ الماءَ شَرِبْتَه بغيرِ رِفْقٍ.

  وفي الأساسِ: شَرِبْتَه جُزافاً بِلا تَقْديرٍ؛ كَسَفِهَهُ، كفَرِحَ، وهذا قد تقدَّمَ قَرِيباً فهو تكْرارٌ.

  ومِن المجازِ: سافَهَتِ النَّاقَةُ الطَّريقَ إِذا لازَمَتْهُ بسَيْرٍ شَدِيدٍ.

  وفي الأساسِ: إِذا أَقْبَلَتْ على الطريقِ بشِدَّةِ سَيْرٍ⁣(⁣٤).

  وقالَ غيرُه: إذا خَفَّتْ في سيرِها؛ قالَ الشاعِرُ:

  أَحْدُو مَطِيَّاتٍ وقَوْماً نُعَّساً ... مُسافِهاتٍ مُعْمَلاً مُوَعَّسا⁣(⁣٥)

  أَرادَ بالمُعْمَلِ المُوَعَّسِ الطريقَ المَوْطُوء.

  وسَفِهْتُ، كَفَرِحْتُ ومَنَعْتُ: شَغَلْتُ أَو تَشَغَّلْتُ، كذا في النسخِ والصَّوابُ شُغِلْتُ أَو شَغَلْتُ. وسَفِهْتُ نَصِيبِي، كفَرِحْتُ: نَسِيتُه؛ عن ثَعْلَب.

  ومِن المجازِ: ثَوْبٌ سَفِيهٌ: أَي لَهْلَهٌ رَدِيءُ النُّسْجِ؛ كما يقالُ: سَخِيفٌ.

  و⁣(⁣٦) مِن المجازِ: زِمامٌ سَفيهٌ: مُضْطَرِبٌ، وذلِكَ لمرحِ الناقَةِ ومُنازَعَتِها إِيَّاهُ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لذي الرُّمَّة يَصِفُ سَيْفاً:

  وأَبْيَضَ مَوْشِيِّ القَمِيصِ نَصَبْتُه ... على ظَهْرِ مِقْلاتٍ سَفِيهٍ زِمامُها⁣(⁣٧)

  ووادٍ مُسْفَهٌ، كمُكْرَمٍ: مَمْلوءٌ، كأَنَّه جازَ الحدَّ فسَفُهَ، فَمُسْفَه على هذا مُتَوهَّم مِن بابِ أَسْفَهْتُه وَجَدْتُه سَفِيهاً وهو مجازٌ؛ قالَ ابنُ الرِّقاعِ:


(١) الجن، الآية ٤.

(٢) ديوانه ص ٦١٦ واللسان وفيه: «مشين كما اهتزت» والتهذيب، والصحاح والمقاييس ٣/ ٧٩ وفيها: «مشين ... الرواسم» والتكملة والأساس. قال الصاغانيّ: والرواية: «رويداً كما اهتزت ... أعاليها مرضى للرياح»

(٣) اللسان والتهذيب والأساس.

(٤) كذا، وفي الأساس: يسيرٍ شديدٍ.

(٥) اللسان والتهذيب والأساس.

(٦) عبارة القاموس: ووادٍ مُسْفَةٌ، كمكرمٍ: مملوءٌ. وزمامٌ سفيهٌ: مضطرب. وناقة سفيهةٌ الزمام ...

(٧) ديوانه ص ٥٥٣ وفيه: «سفيه جديلها» والبيت في اللسان والأساس وفيها: «مقلاق» والتكملة وفيها: «مقلاب». وعجزه في الصحاح، وجزء من عجزه في التهذيب والمقاييس ٣/ ١٣٣.