تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كبه]:

صفحة 86 - الجزء 19

  أَرى الناسَ اتَّفقُوا على الحرْفِ الذي في سُورَةِ البَقَرةِ خاصَّةً إِلَّا أَنَّه اسمٌ، وبَقِيَّة القُرْآنِ مَصادِرُ.

  أَو بالضَّمِّ: ما أَكْرَهْتَ نَفْسَكَ عليه. وبالفتْحِ: ما أَكْرَهَكَ غيرُكَ عليه. تقولُ: جِئْتُكَ كُرْهاً، وأَدْخَلْتَنِي كَرْهاً؛ هذا قَوْلُ الفرَّاء.

  قالَ الأَزْهرِيُّ: وقد أجْمَعَ كثيرٌ مِن أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الكَرْهَ والكُرْهَ لُغتانِ، فبأَيِّ لُغَةٍ وَقَعَ فجائِزٌ، إِلَّا الفرَّاء فإِنَّه فَرَّقَ بَيْنَهما بما تقدَّمَ.

  وقالَ ابنُ سِيدَه: الكَرْهُ الإِباءُ والمشَقَّةُ تُكَلَّفُها فَتَحْتَمِلُها؛ وبالضمِّ: المشَقَّةُ تَحْتَمِلُها من غيرِ أَن تُكَلَّفَها؛ يقالُ: فَعَلَ ذلكَ كُرْهاً وعلى كُرْهٍ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: ويدلُّ لصحَّةِ قَوْل الفرَّاء قوْلُ اللهِ، ø: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً}⁣(⁣١)؛ ولم يَقْرأْ أَحَدٌ بضمِّ الكافِ؛ وقالَ سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}⁣(⁣٢)، ولم يَقْرَأْ أَحَدٌ بفتْحِ الكافِ فيَصِيرَ الكَرْه بالفتْحِ فعْلَ المُضْطَرّ، والكُرْه بالضمِّ فعْلُ المُخْتارِ.

  وقالَ الراغِبُ: الكَرْهُ، بالفتْحِ، المشَقَّةُ التي تنالُ الإِنْسانَ مِن خارجٍ ممَّا يَحْملُ عليه بإكْراهِ، وبالضمِّ ما ينالُهُ مِن ذاتِهِ، وهي ما يعافه وذلكَ إِمَّا مِن حيْثُ العَقْلِ أَو الشَّرْعِ، ولهذا يقولُ الإِنْسانُ في شيءٍ واحِدٍ أُريدُه وأَكْرَهَهُ، بمعْنَى أُرِيدُه مِن حيثُ الطَّبْعِ وأَكْرَهُه من حيثُ العَقْل أَو الشَّرْعِ⁣(⁣٣).

  كَرِهَهُ، كسَمِعَهُ، كَرْهاً، بالفتْح ويُضَمُّ، وكَراهَةً وكَراهِيَةً، بالتّخْفِيفِ ويُشَدَّدُ، ومَكْرَهَةً، كمَرْحَلَةٍ وتُضَمُّ رَاؤُه كمَكْرُمَةً، وتَكَرَّهَهُ بمعْنَى واحِدٍ.

  وشيءٌ كَرْهٌ، بالفَتحِ، وكَرِهٌ كخَجِلٍ وأَميرٍ: أَي مَكْروهٌ. وكَرَّهَهُ إِليه تَكْريهاً: صَيَّرَهُ كَرِيهاً إِليه، نَقِيضُ حَبَّبَهُ إِليه؛ وما كانَ كَرِيهاً فَكَرُهَ، ككَرُمَ، كَراهَةً.

  وأَتَيْتُكَ كَراهِينَ أَنْ تَغْضَبَ: أَي كراهة⁣(⁣٤) أَنْ تَغْضَبَ، عن اللّحْيانيِّ، قالَ الحُطَيْئة:

  مُصاحِبَةٍ على الكَراهينِ فارِكِ⁣(⁣٥)

  أَي على الكَراهَةِ، وهي لُغَةٌ نَقَلَها اللّحيانيُّ.

  والكَرْهُ: الجَمَلُ الشَّديدُ الرأْسِ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ؛ قالَ الرَّاجزُ:

  كَرْه الحَجاجَيْنِ شَدِيدُ الأرْآد⁣(⁣٦)

  والكَراهَةُ، كسَحابَةٍ: الأرضُ الغَليظَةُ الصُّلْبَةُ، مثْل القفِّ وما قارَبَهُ.

  والذي في التهْذِيبِ: هي الكَرْهَةُ، وهو الصَّوابُ، ومثْلُه بخطِّ الصَّاغانيّ.

  والكَرِيهُ: الأسَدُ لأنَّه يُكْرَهُ.

  ومِن المجازِ: شَهِدَ الكَرِيهَةَ، أَي الحَرْبَ أَو الشِّدَّةَ في الحَرْبِ.

  وأَيْضاً: النَّازِلَةَ. وكَرائِهُ الدَّهْرِ: نَوازِلُهُ.

  ومِن المجازِ: ضَرَبْتُه بذي الكَرِيهَةِ. ذُو الكَرِيهَةِ: السَّيفُ الصَّارِمُ الذي يمضِي على الضَّرائبِ الشِّدادِ لا يَنْبُو عن شيءٍ منها.

  وقالَ الأصْمعيُّ: مِن أَسْماءِ السُّيوفِ ذُو الكَرِيهَةِ، وهو الذي يمضِي في الضَّرائبِ.

  قالَ الزَّمَخْشريُّ: وكَرِيهَتُه بادِرَتُه التي تُكْرَهُ منه.

  والكَرْهاءُ بالمدِّ ويُضَمُّ مَقْصوراً، وهذه عن الصَّاغانيّ؛ قالَ شيْخُنا: فالقَصْرُ خاصٌّ بالضمِّ، لأنَّ الضمَّ والمدَّ لا قائِل به مع قلَّةِ نَظِيرِه في الكَلامِ؛ أَعْلَى النُّقْرَةِ؛ هُذَليَّةٌّ؛ أَرادَ نُقْرَةَ القَفَا.


(١) آل عمران، الآية ٨٣.

(٢) البقرة، الآية ٢١٦.

(٣) عبارة الراغب في المفردات: وهو يعافه وذلك على ضربين والذي ذكره أحدهما، وأما الثاني فهو: ما يُعافُ من حيث الطبع.

(٤) في القاموس: كَراهيةَ.

(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٣٤ وصدره:

وبكر فلاها عن نعيم غريرةِ

والبيت في التكملة وعجزه في اللسان والتهذيب.

(٦) اللسان والتهذيب بدون نسبة.