تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهمزة مع الواو والياء

صفحة 143 - الجزء 19

  فَقُلْنا أَسْلموا إِنَّا أَخُوكُمْ ... فقد سَلِمَتْ من الإِحَنِ الصُّدورُ⁣(⁣١)

  وآخاءٌ، بالمدِّ، كآباءٍ، حكَاهُ سِيْبَوَيْه عن يونُسَ؛ وأَنْشَدَ أَبو عليِّ:

  وَجَدْتُم بَنيكُم دُونَنا إذ نُسِبْتُمُ ... وأَيُّ بَني الآخاءِ تَنْبُو مَناسِبُهُ⁣(⁣٢)

  ويُجْمَعُ أَيْضاً على إخْوانٍ، بالكسْرِ، مِثْل خَرَبٍ وخِرْبان؛ وأُخْوانٌ، بالضَّمِّ؛ عن كُراعٍ والفرَّاء؛ وإِخْوَةٌ⁣(⁣٣) بالكسْرِ.

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: هُم الإِخْوةُ إِذا كانوا لأبٍ، وهُم الإِخْوان إِذا لم يكونوا لأبٍ.

  قالَ أَبو حاتِم: قالَ أَهْلُ البَصْرَةِ أَجْمَعونَ: الإِخْوةُ في النَّسَبِ، والإِخْوان في الصَّداقَةِ.

  قالَ الأَزْهرِيُّ: وهذا غَلَطٌ، يقالُ للأَصْدِقاءِ، وغَيْر الأَصْدِقاءِ إِخْوةٌ وإِخْوان؛ قالَ اللهُ، ø: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}⁣(⁣٤)، ولم يَعْنِ النَّسَبَ؛ وقالَ {أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ}⁣(⁣٥)، وهذا في النَّسَبِ.

  وأُخْوَةٌ، بالضَّمِّ. عن الفَّراء. وأَمَّا سِيْبِوَيْه فقالَ: هو اسمٌ للجَمْعِ وليسَ بجَمْعٍ، لأنَّ فَعْلاً ليسَ ممَّا يُجْمَع على فُعْلة.

  وأُخُوَّةٌ وأُخُوٌّ، مُشَدَّدَيْنِ مَضْمومينِ، الأُولى حَكَاها اللَّحْيانيُّ.

  قالَ ابنُ سِيدَه: وعنْدِي أنَّه أُخُوٌّ على مثَالِ فُعُول، ثم لَحِقَت الهاءُ لتَأْنيثِ الجَمْعِ كالبُعُولةِ والفُحُولَةِ.

  والأُخْتُ: للأُنْثى، صيغَةٌ على غيرِ بناءِ المُذَكَّر، والتَّاءُ بَدَلٌ مِن الواوِ، وزنها فَعَلَة فَنقلُوها إلى فُعْل وأَلْحَقَتْها التَّاءُ المُبْدَلةُ من لامِها بوزْنِ فُعْل، فقالوا أُخْت. وليسَ للتَّأْنيثِ كما ظَنَّ مَنْ لا خبْرَةَ له بهذا الشأْنِ، وذلِكَ لسكونِ ما قَبْلها؛ هذا مَذْهَبُ سِيْبَوَيْهِ، وهو الصَّحيح، وقد نَصَّ عليه في بابِ ما لا يَنْصرِفُ فقالَ: لو سمَّيت بها رَجُلاً لصَرَفْتها مَعْرِفة، ولو كانتْ للتَّأْنيثِ لمَا انْصَرَفَ الاسمُ، على أَنَّ سِيْبَوَيْه قد تسمَّح في بعضِ أَلْفاظِه في الكِتابِ فقالَ: هي علامَةُ تأْنِيثٍ، وإِنَّما ذلكَ تَجوُّزٌ منه في اللَّفْظ لأنَّه أَرْسَلَه غُفْلاً، وقد قيَّده في بابِ ما لا يَنْصَرِف، والأخْذُ بقَوْلِه المُعلَّل أَقْوى مِنَ الأَخْذ بقَولِه الغُفْل المُرْسَلِ، ووَجْه تجوُّزه أَنَّه لمَّا كانتِ التاءُ لا تُبْدَلُ مِن الواوِ فيها إلَّا مع المُؤَنَّث صارَتْ كأنَّها علامَةُ تأْنيثٍ، وأَعْنِي بالصِّيغَةِ فيها بتائِها على فُعْل وأَصْلُها فَعَل، وإِبْدالُ الواوِ فيها لازِمٌ لأنَّ هذا عَمَلٌ اخْتصَّ به المُؤَنَّث، ج أَخوَاتٌ.

  وقالَ الخَليلُ: تأْنِيثُ الأَخِ أُخْتٌ، وتَاؤُها هاء، وأُخْتان وأَخَوات.

  وقالَ اللَّيْثُ: الأُخْتُ كانَ حَدُّها أَخَه، فصارَ الإِعْرابُ على الخاءِ والهاءِ في مَوْضِع رَفْع، ولكنها انْفَتَحَتْ بحالِ هاءِ التأْنِيثِ فاعْتَمدَتْ عليه لأنَّها لا تَعْتمدُ على حَرْفٍ تحرَّكَ بالفتْحَةِ وأُسْكِنَتْ الخاءُ فحوِّل صَرْفُها على الأَلِفِ، وصارَتِ الهاءُ تاءً كأَنَّها مِن أَصْلِ الكَلِمَةِ، وَوَقَعَ الإِعْرابُ على التاءِ وأُلْزِمَت الضمةُ التي كانتْ في الخاءِ الأَلَفَ.

  وقالَ بعضُهم: أَصْلُ الأُخْت أَخوة فحُذِفَتِ الواوُ كما حُذِفَتْ مِن الأَخر، وجُعِلَتِ الهاءُ تاءً فننُقِلَتْ ضمَّةُ الواوِ المَحْذوفَةِ إلى الأَلفِ فقيلَ أُخْتُ، والواوُ أُخْتُ الضمَّةِ.

  وما كنْتَ أَخاً، ولقد أَخَوْتَ أُخُوَّةً، بالضمِّ وتَشْديدِ الواوِ، وآخَيْتُ، بالمدِّ، وتأَخَّيْتُ: صِرْتُ أَخاً.

  ويقالُ: آخَوْتُ عشرةً: أَي كنتُ لهم أَخاً.

  وآخاهُ مُؤاخاةً وإِخاءً وإِخاوَةً، وهذه عن الفرَّاء، ووِخاءً، بكسْرِهنَّ، ووَاخاهُ، بالواوِ لُغَةٌ ضَعيفَةٌ قيلَ: هي لُغَةُ طيِّيءٍ.

  قالَ ابنُ بَرِّيِ: وحَكَى أَبو عبيدٍ في غرِيبِ المصنَّفِ، ورَوَاهُ عن اليَزِيدي: آخَيْتَ ووَاخَيْتَ وآسَيْتَ ووَاسَيْتَ


(١) ديوانه ط بيروت ص ٧١ برواية: «وقد برئت من الإحن» والمثبت كروايةِ اللسان.

(٢) اللسان.

(٣) على هامش القاموس عن نسخة: بالكسر.

(٤) سورة الحجرات، الآية ١٠.

(٥) سورة النور، الآية ٦١.