فصل الهمزة مع الواو والياء
  وآكَلْتَ ووَاكَلْتَ، ووَجْهُ ذَلِكَ مِن جهَةِ القِياسِ هو حَمْلُ الماضِي على المُسْتَقْبلِ إذ كانوا يَقولُونَ: تُواخِي، بقَلْبِ الهَمْزةِ واواً على التَّخْفيفِ، وقيل: هي بَدَلٌ.
  قالَ ابنُ سِيدَه: وأَرَى الوِخاءَ عليها والاسمُ الأُخُوَّةُ، تقولُ: بَيْني وبَيْنه أُخُوَّةٌ وإِخاءٌ.
  وفي الحدِيثِ: آخَى بينَ المُهاجِرِين والأَنْصَار، أَي أَلَّفَ بينهم بأُخُوَّةِ الإسْلامِ والإِيمانِ.
  وقالَ اللَّيْثُ: الإِخاءُ والمُواخاةُ والتأَخِّي والأُخُوَّةُ قَرابَةُ الأَخِ.
  وتأَخَّيْتُ الشَّيءَ: تَحَرَّيْتُهُ تَحَرِّي الأَخِ لأَخِيهِ؛ ومنه حدِيثُ ابنِ عُمَر: «يتَأَخَّى مُتأَخ(١) رَسُولِ اللهِ»، أَي يَتَحرَّى ويَقْصِدُ، ويقالُ فيه بالواوِ أَيْضاً وهو الأكْثَرُ.
  وتأَخَّيْتُ أَخاً: اتَّخَذْتُهُ أَخاً، أَو دَعَوْتُهُ أَخاً.
  وقَوْلُهم: لا أَخَا لَكَ بفلانٍ، أَي ليسَ لَكَ بأَخٍ؛ قالَ النابِغَةُ:
  أَبْلغْ بَني ذُبيانَ أنْ لا أخا لَهُمْ ... بعبْسٍ إذا حَلّوا الدِّماخَ فأَظْلَمَا(٢)
  ويقالُ: تَرَكْتُه بأَخِ(٣) الخَيْرِ، أَي بشَرِّ؛ وأَخِ(٣) الشَرِّ: أَي بَخيرٍ؛ وهو مجازٌ.
  وحَكَى اللَّحْيانّي عن أَبي الدِّينارِ وأَبي زِيادٍ: القوْمُ بأَخِي الشَّرِّ، أَي بشَرِّ.
  وأُخَيَّانِ، كعُلَيَّانِ: جَبَلانِ في حقِ ذي العرْجاءِ، على الشبيكةِ، وهو ماءٌ في بَطْنِ وادٍ فيه رَكايَا كَثيرَةٌ؛ قالَهُ ياقوتُ.
  * وممَّا يُسْتَدركُ عليه:
  قالَ: بعضُ النّحويِّين: سمِّي الأَخُ أَخاً لأنَّ قَصْده أَخِيهِ، وأَصْلُه مِن وَخَى أَي قَصَدَ فقُلِبَتِ الواوُ هَمْزةً.
  والنِّسْبةُ إلى الأَخِ أَخَوِيٌّ، وكَذَلِكَ إلى الأُخْت لأنَّك تقولُ أَخَوَات؛ وكانَ يونُسُ يقولُ أُخْتِيٌّ، وليسَ بِقياسٍ.
  وقالوا: الرُّمْحُ أَخُوكَ ورُبَّما خانَكَ.
  وقالَ ابنُ عرفَةَ: الإخْوَةُ إذا كانتْ في غيرِ الوِلادَةِ كانت المُشاكَلَةُ، والاجتماعُ في الفعْلِ، نَحْو هذا الثّوْبُ أَخُو هذا؛ ومنه قَوْلُه تعالى: {كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ}(٤)، أَي هُمْ مُشاكِلُوهُم.
  وقَوْلُه تعالى: {إِلّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها}(٥).
  قالَ السَّمين: جَعَلَها أُخْتها لمُشارَكَتِها لها في الصحَّةِ والصدْقِ والإنابَةِ، والمعْنَى أنَّهنَّ أَي الآيات مَوْصُوفات بكبْر لا يكدن يَتفَاوَتْن فيه.
  وقَوْلُه تعالى: {لَعَنَتْ أُخْتَها}(٦) إشارَةٌ إلى مُشارَكتِهم في الوِلايَةِ.
  وقوُلُه تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(٧)، إشارَةً إلى اجْتِماعِهم على الحقِّ وتَشارِكهم في الصفَّةِ المُقْتضيةِ لذلِكَ.
  وقالوا: رَمَاهُ اللهُ بلَيْلةٍ لا أُخْتَ لها، وهي لَيْلَة يَمُوت.
  وتآخَيَا على تَفاعَلا: صارَ أَخَوَيْن.
  والخُوَّةُ، بالضمِّ: لُغَةٌ في الأُخُوَّةِ؛ وبه رُوِي
  الحدِيثُ: «لو كنتُ مُتَّخِذاً خليلاً لاتَّخَذْتُ أَبا بكْرٍ خَليلاً»، ولكن خُوَّة الإسلامِ.
  قالَ ابنُ الأثيرِ: هكذا رُوِي الحدِيثُ.
  وقالَ الأَصْمَعيُّ في قوْلِهم: لا أُكَلِّمهُ إلَّا أَخا السِّرارِ، أَي مثْل السِّرار.
  ويقالُ: لَقِيَ فلانٌ أَخا المَوْتِ، أَي مثل المَوْتِ.
  ويقالُ: سَيْرُنا أَخُو الجَهْدِ، أَي سَيْرُنا جاهِدٌ.
  ويقالُ: آخَى فلانٌ في فلانٍ آخِيَة فكَفَرَها، إذا اصْطَنَعه
(١) في اللسان: «مناخ» والأصل كالنهاية.
(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٠٩ واللسان.
(٣) في اللسان والأساس: بأخي ... وأخي.
(٤) سورة الإسراء، الآية ٢٧.
(٥) سورة الزخرف، الآية ٤٨.
(٦) سورة الأعراف، الآية ٣٨.
(٧) سورة الحجرات، الآية ١٠.