تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أري]:

صفحة 151 - الجزء 19

  يقالُ: إنَّ في صَدْرِكَ عليَّ لأَرْياً، أَي لَطَخاً مِن حِقْدٍ.

  وأَرَتِ الدَّابَّةُ إلى الدَّابَّةِ تَأْرِي أَرْياً: انْضَمَّتْ إليها وأَلِفَتْ مَعَها مَعْلَفاً واحِداً؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.

  وآرَيْتُها أَنا؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للبيدٍ يَصِفُ ناقَتَه:

  تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُوأَرْ بها ... شُعْبَة السَّاقِ إذا الظِّلُّ عَقَلْ⁣(⁣١)

  * قُلْتُ: قالَ اللَّيْثُ: لم يُوأَرْ بها أَي لم يُشْعَرْ بها؛ قالَ: وهو مَقْلوبٌ مِن أَرَيْتُه أَي أَعْلَمْتُه، قالَ: ووَزْنُه الآن لم يُلْفَعْ، ويُرْوى لم يُورَا، على تَخْفِيفِ الهَمْزةِ.

  قالَ الجَوْهرِيُّ: ويُرْوَى: لم يُؤْرَ بها⁣(⁣٢).

  * قُلْتُ: أَي بِوَزْنِ لم يُعْرِ، مِن الأَرْي أَي لم يَلْصَق بصَدْرِه الفَزَعُ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: ورَوَى السِّيرافي: لم يُؤْوَر مِن أُوارِ الشمْسِ، وأَصْلُه لم يُوأَرْ، ومَعْناه لم يُذْعَرْ أَي لم يُصِبْه حَرُّ الذُّعْرِ.

  والأَرْيُ: ما لَزِقَ بأَسْفَلِ القِدْرِ شِبْه الجُلْبَة وبَقِي فيه مِن ذلِكَ؛ المَصْدرُ والاسمُ فيه سواءٌ.

  وقالَ ابنُ الأَعْرابيّ: قُرارَةُ القِدْر وكُدادَتها وأَرْيُها بمعْنَى واحِدٍ.

  والأَرْيُ العَسَلُ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للبيدٍ:

  بأَشْهَبَ مِنْ أَبكارِ مُزْنِ سَحابةً ... وأَرْيِ دَبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ⁣(⁣٣)

  أَو هو ما تَجْمَعُه النَّحْلُ في أَجْوافِها أَو أَفْواهِها مِن العَسَلِ ثم تَلْفِظُه، أَي تَرْمِيه؛ وهو إشارةٌ إلى أنَّ الأرِيَ يُطْلَقُ على عَمَلِ النَّحْلِ أَيْضاً؛ كما في الصِّحاحِ.

  أَو هو ما لَزِقَ من العَسَلِ في جَوْفِ؛ كذا في النسخِ والصَّوابُ: في جَوانِبِ؛ العسَّالَةِ. وقيلَ: هو عَسَلُها حينَ تَرْمي به مِن أَفْواهِها.

  والأَرْيُّ من السَّحابِ: دِرَّتُه؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.

  وقيلَ: أَرْيُ السَّماءِ: ما أَرَتْه الريحُ تَأَرِيه أَرْياً فصَبَّتْه شيئاً بَعْد شيءٍ؛ وهو مجازٌ.

  والأَرْيُ من الرِّيحِ: عَمَلُها وسَوْقُها السَّحابَ؛ قالَ زُهَيْر:

  يَشِمْنَ بُرُوقَها ويَرُشُّ أَرْيَ الْ ... جَنُوب على حَواجِبِها العَماءُ⁣(⁣٤)

  قالَ الأَزْهرِيُّ: أَرْيُ الجَنُوبِ ما اسْتَدَرَّتْه الجَنوبُ مِن الغَمامِ إذ مَطَرَتْ.

  وفي الأساسِ: ومِن المجازِ: تَسْمِيةُ المَطَر أَرْيَ الجَنُوبِ، وأَنْشَدَ بيتَ زُهَيْر.

  وقالَ اللَّيْثُ: أَرادَ زُهَيْرٌ النَّدَى والطَّلَّ يَقَعُ على الشَّجَرِ والعُشْب فلم يَلْزَق بعضُه ببعضٍ ويَكْثُر.

  والأَرْيُ: لُطاخَةُ ما تَأْكُلُه؛ عن أَبي حَنيفَةَ.

  وتَأَرَّى عنه: تَخَلَّفَ⁣(⁣٥).

  وتَأَرَّى بالمَكانِ: احْتَبَسَ، كائْتَرَى؛ كما في المُحْكم.

  وفي الصِّحاحِ: تَأَرَّيْتُ بالمَكانِ: أَقَمْتُ به؛ قالَ أَعْشى باهِلَةَ:

  لا يَتَأَرَّى لمَا في القِدْرِ يَرْقُبُه ... ولا يَعَضُّ على شُرْسُوفِهِ الصِّفَر⁣(⁣٦)


(١) ديوانه ط بيروت ص ١٣٩ واللسان والصحاح وصدره في التهذيب.

(٢) الذي في الصحاح: ويروى: لم يورأ.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٣٢ واللسان، وبالأصل «بأسهب» وعجزه في الصحاح.

(٤) ديوانه ص ٥٧ واللسان والأساس والمقاييس ١/ ٨٨ وشرح أشعار الهذليين ١/ ٤٩ والتهذيب.

(٥) عن القاموس وبالأصل «تحلف».

(٦) من قصيدة له في جمهرة أشعار العرب، واللسان والصحاح والمقاييس ١/ ٨٨ والتكملة، قال الصاغاني: وهكذا وقع في أكثر كتب اللغة. وأخذ بعضهم عن بعض، والرواية:

لا يتارى لما في القدر يرقبه ... ولا يزال أمام القوم يقتفرُ

لا يغمز الساق من أينٍ ملى ولا نصبٍ ... ولا يعضّ على شرسوفه الصفر