تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهمزة مع الواو والياء

صفحة 158 - الجزء 19

  ثلاثَةُ أَقْوالَ قالَ المُفَضّل بنُ محمدٍ مَعْناه ما يُشارِكُ فلانٌ فلاناً؛ وأَنْشَدَ:

  فإنْ يَكْ عَبْدُ الله آسَى ابْنَ أُمِّه ... وآبَ بأسْلابِ الكَمِيِّ المُفاوِز⁣(⁣١)

  وقالَ المُؤَرِّج: ما يُواسِيه ما يُصِيبُه بخيرٍ من قَوْلِ العَرَبِ آسِ فلاناً بخيرٍ، أَي أَصِبْه؛ وقيلَ: ما يُواسِيه مِن مَوَدَّتِه ولا قَرابَتِه شيئاً مَأْخُوذ مِن الأوْسِ وهو العَوْض، قالَ: وكانَ في الأصْلِ ما يُواوِسُه⁣(⁣٢)، فقدَّمُوا السِّين وهي لامُ الفِعْل، وأَخَّرُوا الواوَ وهي عَيْنُ الفِعْلِ، فصارَ يُواسِوُه، فصارَتِ الواوُ ياءً لتَحْرِيكها وانْكِسارِ ما قَبْلها، وهذا في المَقْلوِب.

  قالَ: ويَجوزُ أَنْ يكونَ غَيْر مَقْلوبٍ فيكون يُفاعِل مِن أَسَوْت الجُرحْ.

  ورَوَى المُنْذري عن أَبي طالِبٍ في اشْتِقاقِ المُواسَاة قَوْلَيْن: أَحَدُهما: أَنَّه مَن آسَى يُؤَاسِي مِن الأُسْوَةِ، أَو أَسَاهُ يَأْسُوه إذا دَاوَاهُ، أَو مِن آسَ يَؤُوسُ إذا عاضَ، فأَخَّر الهَمْزَةَ وَلَيَّنَها.

  أَو لا يكونُ ذلكَ إلَّا مِن كفافٍ، فإن كانَ من فَضْلَةٍ فَلَيْسَ بمُواساةٍ، ومنه قَوْلُهم: رَحِمَ اللهُ رجُلاً أَعْطى من فَضْلٍ وواسَى من كَفافٍ.

  وتآسَوْا: آسَى بعضُهم بعضاً؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لسليمان بن قنبه:

  وإِنَّ الأُلَى بالطَّفِّ من آلِ هاشمٍ ... تَآسَوْا فسَنُّوا للكِرامِ التَّآسِيا⁣(⁣٣)

  قالَ ابنُ بَرِّي: وهذا البيتُ تَمَثَّل به مُصْعَب يَوْم قُتِلَ.

  وتَآسَوْا فيه: من المُواسَاةِ، كما ذَكَرَ الجَوْهرِيُّ، لا مِن التَّأَسِّي كما ذَكَرَ المبرِّدُ، فقالَ: تَآسَوْا بمَعْنَى تَواسَوْا، وتَأَسَّوْا بمعْنَى تَعَزَّوا.

  والأسَا: الحُزْنُ؛ ومنه قَوْلُهم: الأُسَا. وقد أَسِيَ على مُصِيبَتِه، كعَلِمَ، يَأْسَى أَسًا: حَزِنَ.

  وهو أَسْوانُ: حَزِينٌ؛ وأَتْبَعوه فقالوا: أَسْوانُ أَتْوان، وأَنْشَدَ الأَصْمعيُّ:

  ماذا هُنا لِكَ في أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ ... وساهِفٍ ثَمِل في صَعْدةٍ حِطَمِ⁣(⁣٤)

  والأُساوَةُ، بالضَّمِّ: الطَّبُّ، هكذا قالَه ابنُ الكَلْبي.

  قالَ الصَّاغانيُّ: والقِياسُ بالكسْرِ.

  وأُسْوانُ، بالضَّمِّ: د بالصَّعيدِ في شَرْقي النِّيل، وهو أَوَّل حُدُودِ بِلادِ النَّوْبةِ، وفي جِبالِه مَقْطعُ العُمْدِ التي بالإسكَنْدَرَيَّة.

  قالَ ياقوتُ: ووَجَدْتُه بخطِّ أَبي سعيدٍ السُّكَّريّ: سُوَان بِغَيْرِ هَمْزةٍ. وبه مِن أَنْواعِ التّمُورِ ما ليسَ بالعِراقِ وقد نُسِبَ إليه خَلْقٌ كَثيرٌ مِن العُلَماءِ.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  يقالُ: هذا الأَمْرُ لا يُؤْسى كَلْمُهُ.

  والمُؤَسِّي: لَقَبُ جزءِ بنِ الحارِثِ مِن حُكَماءِ العَرَبِ، لأنَّه كانَ يُؤَسِّي بينَ الناسِ، أَي يُصْلحُ بَيْنهم ويَعْدِل؛ قالَهُ المُؤَرِّج.

  والتَّأَسِّي في الأُمورِ: القُدْوَةُ.

  وقد تَأَسَّى به: اتَّبَعَ فعْلَه واقَتَدَى به.

  والمُؤَاسَاةُ: المُساوَاةُ.

  وآسَيْتُه بمُصِيبَتِه، بالمدِّ: أَي عَزَّيْته⁣(⁣٥).

  وأَسْوَيْته: جَعَلْت له أُسْوَةً؛ عن ابنِ الأعْرابيِّ، فإن كانَ مِنَ الأُسْوَةِ كما زَعَمَ فَوَزْنُه فَعْلَيْتُ كَدَرْبَيْتُ وجَعْبَيْتُ.

  والأَسْوَةُ، بالفتْحِ: لُغَةٌ في الكسْرِ والضمِّ؛ نَقَلَه شيخُنا وقالَ: حَكَاهُ الرَّاغبُ في بعضِ مصنَّفاتِه.


(١) اللسان وفيه: «المغاور» بدل «المفاوز» والتهذيب أيضاً.

(٢) في التهذيب واللسان: يؤاوسه.

(٣) اللسان والصحاح.

(٤) البيت في شرح أشعار الهذليين ٣/ ١١٣٥ في شعر ساعدة بن جؤية برواية: «من أسوان» واللسان ونسبه لرجل من الهذليين.

(٥) عن اللسان وبالأصل «عريته».