قالَ الجَوْهرِيُّ: إنْ كَسَرْتَها قَصَرْتَ، وإن فَتَحْتَها مَدَدْتَ.

  * قُلْتُ: ومثْلُه القِرَى والقَراءُ والصَّلى والصَّلاءُ.

  وأَبْلاهُ هو؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للعجَّاجِ:

  والمَرْءُ يُبْلِيهِ بَلأَ السِّرْبالْ ... كرُّ الليالي واخْتِلافُ الأَحْوالْ⁣^(⁣١)

  ويقالُ للمُجِدِّ: أَبْلِ ويُخْلِفُ الله.

  * قُلْتُ: وقَوْلُ العجَّاجِ: بَلأَ السِّرْبالْ، أَي إبْلاء السِّرْبال، أَو فيَبْلى بَلأَ السِّرْبال.

  وبَلَّاهُ، بالتَّشْديدِ؛ ومنه قولُ العُجَيْر السَّلولي:

  وقائِلَةٍ هذا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ ... بهِ أَبْطُنٌ بَلَّيْنَهُ وظُهور

  رَأَتنِي تَجاذَبْتُ العَدَاةَ ومَنْ يَكُنْ ... فَتىً عامَ عامَ عام فَهْوَ كَبير⁣^(⁣٢)

  وأَنْشَدَ ابنُ الأعْرابيِّ:

  قَلُوصانِ عَوْجاوانِ بَلَّى عَليهِما ... دُؤوبُ السُّرَى ثم اقْتِداحُ الهَواجِر⁣^(⁣٣)

  وفلان بلْيُ أَسْفارِ وبلْوُها، بكسْر الباءِ فيهما: أَي بَلَاهُ الهَمُّ والسَّفَرُ والتَّجارِبُ.

  والذي في الصِّحاحِ والأَساسِ: ناقَةٌ بِلْوُ سَفَرٍ وبِلْيُ سَفَرٍ⁣^(⁣٤) للَّتي قد أَبْلَاها السَّفَرُ؛ والجَمْعُ أَبْلاءٌ؛ وأَنْشَدَ الأَصْمعيُّ:

  ومَنْهَلٍ من الأَنِيس نائي ... شَبيهِ لَوْنِ الأَرْضِ بالسَّماءِ

  داوَيْتُه برُجَّعٍ أَبْلاءِ⁣^(⁣٥)

  * قُلْتُ: وهو قَوْلُ جَنْدَل بنِ المُثَنَّى.

  زادَ ابنُ سِيدَه: وكَذلِكَ الرَّجُلُ والبَعيرُ.

  فكأنَّ المصنِّفَ أَخَذَه مِن هنا، وزادَ كابنِ سِيدَه الهَمّ والتَّجارِبَ ولم يَشِرْ إلى الناقَةِ أَو البَعِيرِ، ولا إلى الجَمْعِ وهو قُصُورٌ. كما أنَّ الجَوْهرِيَّ لم يَذْكر الرّجلَ واقْتَصَر على بَلاهُ السَّفَر.

  ورجُلٌ بِلْيُ شَرِّ أَو خَيْرٍ وبِلْوُهُ: أَي قَوِيٌّ عليه مُبْتَلًى به.

  وهو بِلْوٌ وبِلْيٌ* مِن أَبْلاءِ المالِ: أَي قَيِّمٌ عليه؛ يقالُ ذلِكَ للرَّاعي الحَسَنِ الرِّعْيَة، وكَذلِكَ هو حِبْلٌ مِن أَحْبالِها، وعِسْلٌ مِن أَعْسالِها؛ وزِرٌّ مِن أَزْرارِها؛ قالَ عمرُ بن لَجأٍ:

  فصادَفَتْ أَعْصَلَ من أَبْلائِها ... يُعْجِبُه النَّزْعَ إلى ظمائِها⁣^(⁣٦)

  قُلِبَتِ الواوُ في كلِّ ذلِكَ ياءً للكسْرَةِ، وضعْفِ الحاجِزِ فصارَتِ الكسْرَةُ كأَنَّها باشَرَتِ الواوَ.

  قالَ ابنُ سِيدَه: وجَعَلَ ابنُ جنِّي الياءَ في هذا بدلاً مِن الواوِ لضعْفِ حجزِ اللامِ كما سيُذْكَر في قوْلِهم: فلانٌ من عِلْيَةِ الناسِ.

  ويقالُ: هو بِذِي بَلَّى، كحَتَّى، الجارَّةِ، وإلَّا

(١) اللسان وفيه: «وانتقال» بدل «واختلاف» والمقاييس ١/ ٢٩٢ والصحاح والأول في التهذيب، والشطران ليسا في ديوان العجاج.

(٢) اللسان وفيه: «عام عام الماء».

(٣) البيت لذي الرمة، ديوانه ص ٢٩٨ واللسان والمقاييس ١/ ٢٩٣ بدون نسبة.

(٤) هذه عبارة الصحاح، واقتصر في الأساس على «بِلْوُ سفرٍ».

(٥) اللسان الصحاح والتكملة، قال الصاغاني: والإنشاد مختلٌ، والرواية:

ومنهل من الأنيس ناءِ ... مجنة منخرق الهواء

شبيه لون الأرض بالسماء ... قد اكتسى نيماً من الهباء

ثمت يمسى يابس الأنداء ... على أفاعيه من البأساء

والضر سيمى المحل والأقواء ... داويته برجع أبلاء

والرجز لجندل بن المثنى.

(*) بالقاموس: «بلْيٌ» تقديم على: بلْوٌ.

(٦) اللسان.