فصل الباء مع الواو والياء
  الاسْتِثْنائِيَّة، ورَضِيِّ ويُكْسَرُ، وبَلَيانٍ، محرَّكةً، وبِذِي بِلِيَّانٍ، بكَسْرَتَيْن مُشددةَ الثَّالثِ، وكذا بتَشْديدِ الثاني وقد مَرَّ في اللامِ؛ وأَنْشَدَ الكِسائيُّ في رجلٍ يطيلُ النَّومَ:
  تَنامُ ويَذْهَبُ الأَقْوامُ حَتَّى ... يُقالَ أَتَوْا على ذي بِلّيانِ(١)
  يقالُ ذلِكَ إذا بَعُدَ عنك حتى لا تَعْرِفَ مَوْضِعَهُ.
  وقالَ الكِسائيُّ في شرْحِ البيتِ المَذْكورِ: يعْنِي أنَّه أَطالَ النَّوْمَ ومَضَى أَصْحابُه في سَفَرِهم حتى صارُوا إلى المَوْضِعِ الذي لا يَعْرِف مَكانَهم مِن طُولِ نَوْمِه.
  قالَ ابنُ سِيدَه: وصَرَفَه على مَذْهَبِه.
  وقالَ ابنُ جنِّي قَوْلُهم أَتَى على ذِي بِلِيَّانَ غَيْر مَصْروفٍ وهو عَلَم البعدِ.
  وفي حدِيث خالِدِ بن الوَلِيدِ: «ولكن ذاكَ إذا كانَ الناسُ بِذِي بِلِّيٍّ وذِي بَلّى».
  قالَ أَبو عبيدٍ: أَرادَ تفرّقَ الناسِ وأَن يكُونوا طَوائِفَ وفِرقاً مَعَ غيرِ إمامٍ يَجْمعُهم، وكَذلِكَ كُلّ مَنْ بَعُدَ عنْكَ حتى لا تَعْرِفَ مَوْضِعَه فهو بذِي بلّيِّ، وجعلَ اشْتِقاقَه مِن بَلَّ(٢) الأَرض: إذا ذَهَبَ، أَرادَ ضِياعَ أُمورِ الناسِ بَعْده؛ وقد ذُكِرَ هذا الحدِيثُ في بثن، وتقدَّمَ زِيادَة تَحْقيق في بلل.
  وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ: يقالُ: فلانٌ بِذِي بِليِّ وذِي بِليَّان إذا كانَ ضائِعاً بعِيداً عن أَهْلِه.
  والبَلِيَّةُ، كغنِيَّةٍ: النَّاقَةُ التي يموتُ رَبُّها فَتُشَدُّ عندَ قبرِهِ فلا تُعْلَفُ ولا تُسْقَى حتى تموتَ جُوعاً وعَطَشاً، أَو يُحْفَرُ لها وتُتْرَكُ فيها إلى أَنْ تَموتَ، لأَنَّهم كانوا يقولونَ: صاحِبُها يُحْشَرُ عليها.
  وفي الصِّحاحِ: كانوا يزْعمُونَ أنَّ الناسَ يُحْشَرُونَ ركباناً على البَلايَا، ومُشاةً إذا لم تُعْكَس مَطايَاهُم عنْدَ قُبورِهم، انتَهَى. وفي حدِيثِ عبْدِ الرزَّاقِ: كانوا في الجاهِلِيَّةِ يَعْقِرُونَ عندَ القَبْرِ بَقَرةً أَو ناقَةً أَو شاةً ويُسمُّونَ العَقِيرَةَ البَلِيَّة.
  وقالَ السَّهيلي: وفي فِعْلِهم هذا دَلِيلٌ على أنَّهم كانوا يرونَ في الجاهِليَّةِ البَعثَ والحَشْرَ بالأَجْسادِ، وهُم الأَقَلّ، ومنهم زُهَيْرٌ.
  وأَوْرَدَ مثْلَ ذلِكَ الخطابيُّ وغيرُهُ.
  وقد بُلِيَتْ، كعُنِيَ، هكذا في النسخِ، والذي في المُحْكَم: قالَ غَيْلان الرَّبعِيّ:
  باتَتْ وباتُوا كَبَلايا الأَبْلاءُ ... مطلنفئين عِندَها كالأَطْلاء(٣)
  يَصِفُ حَلْبَة قادَها أَصْحابُها إلى الغايَةِ، وقد بُلِيَتْ، فقَوْلُه: وقد بُلِيَتْ إنَّما مرْجعُ ضَمِيره إلى الحَلْبة لا إلى البَلِيَّة كما زَعَمَه المصنِّف، فتأَمَّل ذلِكَ.
  وبَلِيٌّ، كرَضِيِّ؛ قالَ الجَوْهرِيُّ: فَعِيل؛ قَبيلَةٌ م مَعْروفَةٌ، وهو ابنُ عَمْرو بن الحافي بن قُضاعَةَ، وهو بَلَوِيٌّ، كعَلَوِيِّ، منهم في الصَّحابَةِ، ومن بعْدِهم خَلْقٌ كَثيرٌ يُنْسَبُونَ هكذا.
  وبَلْيانَةُ، بفتْحٍ فسكونٍ: د بالمَغْرِبِ. وضَبَطَه الصَّاغانيُّ بالكسْرِ، وقالَ: بالأَنْدَلُسِ.
  وابْتَلَيْتُهُ: اخْتَبَرْتُه وجَرَّبْتُه.
  وابْتَلَيْتُ الرَّجُلَ فأَبْلانِي: أَي اسْتَخْبَرْتُه فأَخْبَرَني.
  قالَ ابنُ الأعْرابيِّ: أَبْلَى بمعْنَى أَخْبَرَ؛ ومنه حدِيثُ حذيفَةَ: «لا أُبْلي أَحداً بَعْدَك أَبَداً»، أَي لا أُخْبِرُ، وأَصْلُه مِن قَوْلِهم: أَبْلَيْتُ فلاناً يَمِيناً.
  وابْتَلَيْتُه: امْتَحَنْتُه واخْتَبَرْتُه؛ هكذا في النسخِ والصَّوابُ: اخْتَرْتُه؛ ومنه حدِيثُ حذيفَةَ: «أَنَّه أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فتَدَافَعُوها فتَقَدَّمَ حديفةُ فلمَّا سَلَّم مِن صلاتِهِ قال: لتَبْتَلُنَّ لها إماماً أَو لتُصَلُّنَّ وُحْداناً».
  قالَ شَمِرٌ: أَي لتَخْتارُنَّ لها إماماً، وأَصْلُ الابْتِلاءِ
(١) اللسان والتهذيب والمقاييس ١/ ٢٩٥.
(٢) في اللسان: بلّ في الأرض.
(٣) اللسان وعجزه:
مطلنفئين عندها كالأطلاء