تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جفي]:

صفحة 289 - الجزء 19

  قالَ الفرَّاءُ: إذا جَلَّى الظُّلْمةَ فجازَتِ الكِنايَةُ عن الظُّلْمَةِ ولم تذكر في أَوَّلِه لأَنَّ معْناها مَعْروف، أَلَا تَرى أَنَّك تقولُ: أَصْبَحتْ باردةً وأَمْسَتْ عَرِيَّةً وهَبَّتْ شمالاً؛ فكنّ⁣(⁣١) مُؤَنَّثاتٍ لم يَجْرِ لهنَّ ذكْر لأنَّ معْناهنَّ مَعْروفٌ.

  وقالَ الزجَّاجُ إذا بيَّنَ الشمسَ لأنَّها تبين إذا انْبَسَطَ.

  وجَلَّى عنه وقَدِ انْجَلَى الهمّ والأَمْر وتَجَلَّى. يقالُ: انْجَلَتْ عنه الهُمُوم كما تَنْجلي الظُّلْمةُ.

  وفي حديثِ الكُسوف: حتى تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، أَي انْكَشَفَتْ وخَرَجَتْ من الكسوفِ.

  وقالَ الرّاغبُ: التَّجَلِّي قد يكونُ بالَّذاتِ نَحْوَ: {وَالنَّهارِ إِذا تَجَلّى}⁣(⁣٢)؛ وقد يكونُ بالأَمْرِ والفِعْلِ نَحْو {فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ}⁣(⁣٣).

  * قلت: قال الزجَّاجُ: أَي ظَهَرَ وبانَ، قالَ: وهذا قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وقالَ الحَسَنُ: تَجَلَّى بالنُّورِ العَرْش.

  وجَلَا بثَوْبِه جَلْواً: رَمَى به؛ عن الزجَّاج.

  وجَلَا: إذا عَلَا؛ عن ابنِ الأعْرابيِّ.

  وجَلَا العَرُوسَ على بَعْلِها جَلْوَةً، ويُثَلَّثُ، واقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ على الكسْرِ، وجِلاءَ، ككِتابٍ⁣(⁣٤)، نَقَلَه الجوْهرِيُّ عن أَبي نَصْر، وكَذلِكَ اجْتَلَاها: أَي عَرَضَها عليه مَجْلُوَّةً، وقد جُلِيَتْ على زَوْجِها.

  وفي الصِّحاحِ: جَلَوْتُ العَرُوسَ جِلاءً وجَلْوَةً واجْتَلَيْتُها: نَظَرْتُ إليها مَجْلُوَّةً.

  وجَلَاها وجَلَّاها زَوْجُها وَصِيفةً أَو غيرَها: أَعْطاها إِيَّاها في ذلك الوَقْتِ؛ التّخْفيفُ عن الأصمعيّ.

  وجِلْوَتُها، بالكسْرِ: ما أَعْطاها مِن غُرَّةٍ أَو دَراهِمَ؛ ومن التَّشْديدْ حَديثُ ابنِ سِيْرِين: كَرِهَ أَنْ يَجْلِيَ امْرَأَتَه شيئاً ثم لا يَفِيَ به.

  ويقالُ: ما جِلْوَتُها؛ فيقالُ: كذا وكذا. واجْتَلاهُ: نَظَرَ إليه؛ ومنه اجْتِلاء الزَّوْج العَرُوس.

  والجَلاءُ، كسَماءِ: الأَمْرُ الجَلِيُّ البَيِّنُ الواضِحُ؛ تقولُ منه: جَلَا لي الخَبرُ أَي وَضَح؛ هكذا ضَبَطَهُ الجوْهرِيُّ وأَنْشَدَ لزهيرٍ:

  فإنَّ الحقَّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ ... يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ⁣(⁣٥)

  قالَ يُريدُ الإقْرارَ.

  * قُلْتُ: وضَبَطَه الأزْهريُّ بكسْرِ الجيمِ، وأَرادَ به البَيِّنةَ والشُّهودَ من المُجالاةِ، وقد تقدَّمَ بيانُه في قطع.

  ومِن المجازِ: أَقَمْتُ عنْدَه جَلاءَ يَوْمٍ، أَي بياضَه؛ عن الزجَّاجِ؛ قالَ الشاعِرُ:

  ما ليَ إنْ أَقْصَيْتَنِي من مَقْعدِ ... ولا بهَذِي الأرْضِ من تَجَلُّدِ

  إلَّا جَلاءَ اليومِ أَو ضُحَى غَدِ⁣(⁣٦)

  والجِلاءُ، بالكسْرِ: الكُحْلُ، وكتابَتُه بالألِفِ عن ابنِ السِّكِّيت. وفي حدِيثِ أُمِّ سَلمة: «أَنَّها كَرِهَتْ للمُعِدِّ أَنْ تَكْتَحِلَ بالجِلاءِ»، هو الإثْمدُ.

  أَو كُحْلٌ خاصٌّ يَجْلُو البَصَرَ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لبعضِ الهُذَلِيِّين، هو أَبو المُثَلِّم:

  وأَكْحُلْكَ بالصابِ أَو بالجَلاء ... ففَتِّحْ لذلك أَو غَمِّض⁣(⁣٧)

  وجَلَّى ببَصَرِهِ تَجْلِيةً: إذا رَمَى⁣(⁣٨) به كما يَنْظُرُ الصَّقْر إلى الصَّيْدِ؛ قالَ لبيدٌ:


(١) في التهذيب: فكنى عن مؤنثات.

(٢) سورة الليل، الآية ٢.

(٣) سورة الأعراف، الآية ١٤٣.

(٤) قوله: «ككتاب» في القاموس، وقد سها عنها الشارح، فاعتبرها خارجة.

(٥) ديوانه ص ٧٥ واللسان والتهذيب والتكملة والصحاح.

(٦) اللسان والتهذيب وفيه: «ضحى الغد».

(٧) شرح أشعار الهذليين ١/ ٣٠٧ في شعر أبي المثلم برواية: «أو بالجلا ففقح» واللسان منسوباً فيه للمتنخل الهذلي، وقد ذكر في شرح أشعار الهذليين ٣/ ١٣٤٧ في زيادات شعر المتنخل، والصحاح لبعض الهذليين، وفي التهذيب بدون نسبة، وصحح ابن بري نسبته ولأبي المثلم.

(٨) على هامش القاموس عن نسخة: به.