فصل الجيم مع الواو والياء
  فانْتَضَلْنا وابن سَلْمَى قاعِدٌ ... كعَتِيقِ الطيرِ يُغْضِي ويُجَلّ(١)
  أَي ويُجَلِّي.
  وجَلَّى البازِيُّ تَجْلِيَةً وتَجَلِّياً بتشديد(٢) الياء: رَفَعَ رأْسَه ثم نَظَرَ وذلكَ إذا آنسَ الصَّيْدَ؛ قالَ ذو الرُّمَّة:
  نَظَرْتُ كما جَلَّى على رأْسِ رَهْوَةٍ ... من الطيرِ أَقْنَى ينفُضُ الطَّلَّ أَوْرَقُ(٣)
  وقالَ ابنُ حَمْزة: التَّجلِّي في الصَّقْر أَنْ يُغْمِض عَيْنَه ثم يَفْتَحها ليكونَ أَبْصَر له، فالتَّجلِّي هو النَّظَر؛ وأَنْشَدَ لرُؤْبَة:
  جَلَّى بصيرُ العَيْنِ لم يُكَلِّلِ ... فانقَضَّ يَهْوي من بَعيدِ المَخْتَلِ(٤)
  قالَ ابنُ بَرِّي: ويقَوِّي قَوْلَ ابنِ حَمْزة بيتُ لبيدٍ المُتَقدِّم.
  والجَلا، بالفتْحِ مَقْصُورَةً: انْحِسارُ مُقَدَّمِ الشَّعَرِ؛ كتابَتُه بالأَلفِ مِثْل الجَلَه؛ أَو هو أَنْ يَبْلغَ انْحِسارُ الشَّعَرِ نِصْفَ(٥) الرَّأْسِ، أَو هو دُونَ الصَّلَعِ؛ وقد جَلِيَ، كرَضِيَ، جَلَا، والنَّعْتُ أَجْلَى وجَلْواءُ. وفي صفَتِه ﷺ: «أَنَّه أَجْلَى الجَبْهةِ؛ وقد جاءَ ذلِكَ في صفَةِ الدجَّالِ أيْضاً.
  وقالَ أَبو عبيدٍ: إذا انْحَسَرَ الشَّعَرُ عن نصفِ الرأْسِ ونحوِهِ فهو أَجْلَى، وأَنْشَدَ:
  مع الجَلا ولائِحِ القَتِيرِ(٦)
  وجَبْهَةٌ جَلْواءُ واسِعَةٌ.
  وسَماءٌ جَلْواءُ: مُصْحِيَةٌ، كجَهْواء؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ عن الكِسائي. وكَذلِكَ لَيْلَةٌ جَلْواءُ إذا كانتْ مُصْحِيَةٌ مُضِيئَةٌ.
  وقيل: الأَجْلَى الحَسَنُ الوجهِ الأنْزعُ.
  ومِن المجازِ: ابنُ جَلَا الوَاضِحُ الأَمْرِ؛ قالَ سُحَيْم بنُ وَثِيل الرّياحِي:
  أَنا ابنُ جَلا وطَلَّاعُ الثَّنايا ... مَتى أَضَعُ العِمامَةَ تَعْرِفُوني(٧)
  وقدِ اسْتَشْهَدَ الحجَّاجُ بقوْلِه هذا وأَرادَ: أَي أَنا الظاهِرُ الذي لا أَخْفى وكلُّ أَحدٍ يَعْرِفُني. يقالُ ذلكَ للرَّجُلِ إذا كانَ على الشرف بمكانٍ لا يَخْفى؛ ومِثْلُه قَوْلُ القُلاخ:
  أَنا القُلاخُ بنُ جَنابِ بنِ جَلا ... أَخو خَناسِيرَ أَقُودُ الجَمَلا(٨)
  وقالَ سِيْبَوَيْه: جَلا فِعْل ماضٍ، كأنَّه بمعْنَى جَلا الأُمورَ أَي أَوْضَحَها وكَشَفَها.
  وفي الصِّحاحِ: قالَ عيسَى بنُ عُمَر إذا سُمِّي الرجلُ بقَتَلَ أَو ضَرَبَ ونحوِهِما لا يُصْرَف واسْتَدَلّ بهذا البيتِ.
  وقالَ غيرُهُ: يَحْتَمِل هذا البيت وَجْهاً آخَرَ، وهو أنّه لم يُنوِّنه لأنَّه أَرادَ الحِكايَةَ، كأنَّه قالَ: أَنا ابنُ الذي يقالُ له جَلا الأُمور وكَشَفَها فلذلِكَ لم يَصْرِفْه.
  وقالَ ابنُ بَرِّي: قوْلُه لم يُنوِّنْه لأنَّه فِعْلٌ وفاعِلٌ.
  كابنِ أَجْلَى؛ ومنه قوْلُ العجَّاج:
  لاقَوْا بهِ الحجاجَ والإِصْحارَا ... به ابن أَجْلَى وافَقَ الإسْفارَا(٩)
  به أَي بذلك المَكانِ، وقوْلُه الإصْحارَ: أَي وَجَدُوه مُصْحِراً. ووَجَدُوا به ابنَ أَجْلَى كما تقولُ: لَقِيْت به الأسَدَ.
  وابنُ جَلا: رجُلٌ م مَعْروفٌ من بَني لَيْث كان صاحِبَ فتْكٍ يَطْلعُ في الغاراتِ مِن ثَنِيَّةِ الجَبَلِ على أَهْلِها، سُمِّي بذلِكَ لوُضُوح أَمْرِه.
(١) ديوانه ط بيروت ص ١٤٧ واللسان والصحاح.
(٢) كذا نظر لها الشارح والمثبت ضبط القاموس موافقاً لما في اللسان.
(٣) اللسان.
(٤) اللسان.
(٥) في القاموس بالكسر، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى نصبها.
(٦) ديوانه ص ٢٦ واللسان والتهذيب والمقاييس ١/ ٤٦٨.
(٧) اللسان والصحاح والتهذيب والمقاييس ١/ ٤٦٨.
(٨) اللسان وفيه: أبو خناثير.
(٩) اللسان.