تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الواو والياء

صفحة 290 - الجزء 19

  فانْتَضَلْنا وابن سَلْمَى قاعِدٌ ... كعَتِيقِ الطيرِ يُغْضِي ويُجَلّ⁣(⁣١)

  أَي ويُجَلِّي.

  وجَلَّى البازِيُّ تَجْلِيَةً وتَجَلِّياً بتشديد⁣(⁣٢) الياء: رَفَعَ رأْسَه ثم نَظَرَ وذلكَ إذا آنسَ الصَّيْدَ؛ قالَ ذو الرُّمَّة:

  نَظَرْتُ كما جَلَّى على رأْسِ رَهْوَةٍ ... من الطيرِ أَقْنَى ينفُضُ الطَّلَّ أَوْرَقُ⁣(⁣٣)

  وقالَ ابنُ حَمْزة: التَّجلِّي في الصَّقْر أَنْ يُغْمِض عَيْنَه ثم يَفْتَحها ليكونَ أَبْصَر له، فالتَّجلِّي هو النَّظَر؛ وأَنْشَدَ لرُؤْبَة:

  جَلَّى بصيرُ العَيْنِ لم يُكَلِّلِ ... فانقَضَّ يَهْوي من بَعيدِ المَخْتَلِ⁣(⁣٤)

  قالَ ابنُ بَرِّي: ويقَوِّي قَوْلَ ابنِ حَمْزة بيتُ لبيدٍ المُتَقدِّم.

  والجَلا، بالفتْحِ مَقْصُورَةً: انْحِسارُ مُقَدَّمِ الشَّعَرِ؛ كتابَتُه بالأَلفِ مِثْل الجَلَه؛ أَو هو أَنْ يَبْلغَ انْحِسارُ الشَّعَرِ نِصْفَ⁣(⁣٥) الرَّأْسِ، أَو هو دُونَ الصَّلَعِ؛ وقد جَلِيَ، كرَضِيَ، جَلَا، والنَّعْتُ أَجْلَى وجَلْواءُ. وفي صفَتِه : «أَنَّه أَجْلَى الجَبْهةِ؛ وقد جاءَ ذلِكَ في صفَةِ الدجَّالِ أيْضاً.

  وقالَ أَبو عبيدٍ: إذا انْحَسَرَ الشَّعَرُ عن نصفِ الرأْسِ ونحوِهِ فهو أَجْلَى، وأَنْشَدَ:

  مع الجَلا ولائِحِ القَتِيرِ⁣(⁣٦)

  وجَبْهَةٌ جَلْواءُ واسِعَةٌ.

  وسَماءٌ جَلْواءُ: مُصْحِيَةٌ، كجَهْواء؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ عن الكِسائي. وكَذلِكَ لَيْلَةٌ جَلْواءُ إذا كانتْ مُصْحِيَةٌ مُضِيئَةٌ.

  وقيل: الأَجْلَى الحَسَنُ الوجهِ الأنْزعُ.

  ومِن المجازِ: ابنُ جَلَا الوَاضِحُ الأَمْرِ؛ قالَ سُحَيْم بنُ وَثِيل الرّياحِي:

  أَنا ابنُ جَلا وطَلَّاعُ الثَّنايا ... مَتى أَضَعُ العِمامَةَ تَعْرِفُوني⁣(⁣٧)

  وقدِ اسْتَشْهَدَ الحجَّاجُ بقوْلِه هذا وأَرادَ: أَي أَنا الظاهِرُ الذي لا أَخْفى وكلُّ أَحدٍ يَعْرِفُني. يقالُ ذلكَ للرَّجُلِ إذا كانَ على الشرف بمكانٍ لا يَخْفى؛ ومِثْلُه قَوْلُ القُلاخ:

  أَنا القُلاخُ بنُ جَنابِ بنِ جَلا ... أَخو خَناسِيرَ أَقُودُ الجَمَلا⁣(⁣٨)

  وقالَ سِيْبَوَيْه: جَلا فِعْل ماضٍ، كأنَّه بمعْنَى جَلا الأُمورَ أَي أَوْضَحَها وكَشَفَها.

  وفي الصِّحاحِ: قالَ عيسَى بنُ عُمَر إذا سُمِّي الرجلُ بقَتَلَ أَو ضَرَبَ ونحوِهِما لا يُصْرَف واسْتَدَلّ بهذا البيتِ.

  وقالَ غيرُهُ: يَحْتَمِل هذا البيت وَجْهاً آخَرَ، وهو أنّه لم يُنوِّنه لأنَّه أَرادَ الحِكايَةَ، كأنَّه قالَ: أَنا ابنُ الذي يقالُ له جَلا الأُمور وكَشَفَها فلذلِكَ لم يَصْرِفْه.

  وقالَ ابنُ بَرِّي: قوْلُه لم يُنوِّنْه لأنَّه فِعْلٌ وفاعِلٌ.

  كابنِ أَجْلَى؛ ومنه قوْلُ العجَّاج:

  لاقَوْا بهِ الحجاجَ والإِصْحارَا ... به ابن أَجْلَى وافَقَ الإسْفارَا⁣(⁣٩)

  به أَي بذلك المَكانِ، وقوْلُه الإصْحارَ: أَي وَجَدُوه مُصْحِراً. ووَجَدُوا به ابنَ أَجْلَى كما تقولُ: لَقِيْت به الأسَدَ.

  وابنُ جَلا: رجُلٌ م مَعْروفٌ من بَني لَيْث كان صاحِبَ فتْكٍ يَطْلعُ في الغاراتِ مِن ثَنِيَّةِ الجَبَلِ على أَهْلِها، سُمِّي بذلِكَ لوُضُوح أَمْرِه.


(١) ديوانه ط بيروت ص ١٤٧ واللسان والصحاح.

(٢) كذا نظر لها الشارح والمثبت ضبط القاموس موافقاً لما في اللسان.

(٣) اللسان.

(٤) اللسان.

(٥) في القاموس بالكسر، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى نصبها.

(٦) ديوانه ص ٢٦ واللسان والتهذيب والمقاييس ١/ ٤٦٨.

(٧) اللسان والصحاح والتهذيب والمقاييس ١/ ٤٦٨.

(٨) اللسان وفيه: أبو خناثير.

(٩) اللسان.