تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نزب]:

صفحة 429 - الجزء 2

  ونَسَبَهُ، يَنْسِبُهُ بالكسر، نَسَباً مُحَرَّكَةً، هكذا في سائر النُّسَخ، وسقَطَ من نُسْخَةِ شيخِنا، فاعترض على المُصَنِّف، ونَسَبَ القُصُور إِليه، حيثُ قال: إِنْ أَجرَيْنَاهُ على اصطلاحه في الإِطلاق وضَبْطِه بالفتح، بقِيَ عليه المُحرَّكُ؛ وإِن حرَّكْناه بناءً على الشُّهْرة، ولم يُعْتَبَرِ الإِطْلاقُ، بقِيَ عليه المفتوحُ.

  وبما ذَكَرْنَاهُ من التَّفصيل يَنْدَفِع ما استَشكلَه شيخُنَا. على أَن النَّسْبَ، كالضَّرْبِ، من مصادِر الباب الأَول، كما هو في الصَّحاح مضبوطٌ، والّذي في التّهْذِيب ما نَصُّهُ: وقد اضْطُرَّ الشّاعرُ فأَسْكَنَ السِّينَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعْرابيِّ:

  يا عَمْرُو يا ابْنَ الأَكْرَمينَ نَسْبَا ... قد نَحَبَ المجْدُ عليكَ نَحْبَا

  أَي: نَذْراً. ونِسْبَةً، بالكَسْر: ذَكَرَ نَسَبَهُ.

  ونَسَبهُ: سأَلَهُ أَنْ يَنْتَسِبَ. ونَسَبْتُ فلاناً، أَنْسُبُه، بالضَّمّ، نَسْباً: إِذا رَفْعتَ في نَسَبِه إِلى جَدِّه الأَكبرِ.

  وفي الأَساس: من المَجَاز: جَلَسْتُ إِليه، فنَسَبَنِي، فانتسبْتُ له⁣(⁣١).

  وفي الصَّحاح: انْتَسَبَ إِلى أَبِيه: اعْتَزَى. وفي الخبر: «إِنَّهَا نَسَبَتْنا، فانْتَسَبْنا لها».

  رواه ابْنُ الأَعْرَابيّ.

  ونَاسَبهُ: شَرِكَهُ في نَسبِه.

  ونَسَب الشّاعرُ بالمَرْأَةِ، وفي بعضٍ: بالنِّساءِ⁣(⁣٢)، يَنْسِبُ بالكسر، كذا في الصَّحاح، ويَنْسُب بالضَّمّ، كذا في لسان العرب. قلتُ: والأَخيرُ نقَلَهُ الصّاغانيّ عن الكِسَائيّ نَسَباً محركة، ونَسِيباً كَأَمِيرٍ، ومَنْسِبَةً بالفتح، أَي: مع كسر السّين، وكذلك: مَنْسِباً، كمَجْلِس، كما نقله الصّاغانيُّ: شَبَّبَ بها⁣(⁣٣) في الشِّعْر، وتَغزَّلَ، وذلك في أَوّل القصيدة، ثم يَخرُجُ إِلى المديح، كذا قاله ابْنُ خَالَوَيْه. وقال الفِهْرِيّ، في شرح الفصيح: نَسبَ بها: إِذا ذكَرَهَا في شِعره، ووصَفَها بالجمال والصِّبا وغيرِ ذلك. وقال الزَّمْخَشْرِيُّ: إِذا وَصَفَ مَحَاسِنَها، حقّاً كان أَو باطلاً. وقال صاحبُ الواعي: النَّسِيبُ، والنَّسَبُ: هو الغَزَلُ في الشِّعْر، قال: والنَّسِيبُ في الشِّعر: هو التَّشبيبُ فيه، وهي المَناسيبُ والواحِدُ مَنسوبٌ. وقال ابن دُرُسْتَوَيْه: نَسَبَ الشّاعِر بالمَرْأَةِ، ونَسَبَ الرَّجُلَ: هما جميعاً من الوصْف لأَنّ من نَسَبَ رجُلاً، فقد وَصَفَه بأَبيه أَو ببلده أَو نحوِ ذلك، ومن نَسَبَ بامْرَأَةٍ، فقد وصَفَها بالجَمال والصَّبا والجَوْدَة وغيرِ ذلك. قال شيخُنا: وكذلك يُطْلَقُ النَّسيبُ على وصْف مَرابعِ الأَحباب ومنازلهم، واشتياقِ المُحِبِّ إِلى لقائهم ووِصالهم، وغير ذلك ممّا فصَّلوه، وسَمَّوه التَّشبيبَ؛ لأَنّه يكونُ غالباً في زمن الشَّبابِ، أَو لأَنّه يَشتمِلُ على ذِكْر الشَّبَاب والغَزَل لِما فيه من المُغَازَلَة والمُنَادَمَة.

  والنَّسّابُ، والنَّسَّابَةُ: البَلِيغُ العالِمُ بالنَّسَبِ، وجمعُ الأَوّل: النَّسّابُونَ، وأَدخلُوا الهاءَ في نَسَّابَةٍ للمبالغة والمَدْح، ولم تُلحَق لتأْنيثِ الموصوفِ، وإِنّمَا لَحِقت لإِعْلامِ السّامعِ أَنّ هذا الموصوفَ بِما⁣(⁣٤) هي فيه قد بلَغَ الغايةَ والنِّهَايَةَ، فجعَلَ تأْنيثَ الصِّفَةِ أَمارَةً لِمَا⁣(⁣٤) أُرِيدَ من تأْنيثِ الغايةَ والمُبَالغة، وهذا القولُ مُسْتَقصًى في عَلّامةٍ.

  وتقول: عندي ثلاثةُ نَسَّاباتٍ وعَلَّاماتٍ، تريدُ ثَلاثةَ رِجالٍ، ثمّ جئتَ بِنَسّاباتٍ نعْتاً لهم. وفي حديثِ أَبي بكر، ¥: «وكان رَجُلاً نَسّابَةً».

  ويقال هذا الشِّعْرُ أَنْسَبُ أَي أَرَقُّ نَسِيباً وتشبيباً، وكأَنّهم قد قالُوا: نَسِيبٌ ناسِبٌ، كشِعْرٍ شاعِرٍ على المبَالغة، فبُنِيَ هذا منه.

  وأَنْسَبَتِ الرِّيحُ: إِذا اشْتَدَّتْ واسْتَافَتْ، أَي: شالتِ التُّرابَ والحَصَى من شِدَّتها.

  والنَّيْسَبُ، كحَيَدْرٍ: الطَّرِيقُ الطَّرِيقُ المسْتقيمُ الواضِحُ.

  وقيل: هو الطَّرِيقُ المُسْتدِقَّ، كالنَّيْسَبَانِ. وبعضُهُمْ يقولُ:


- كالضرب والطلب كما يستفاد الأول من الصحاح والمختار والثاني من المصباح، واقتصر عليه المجد ولعله أهمل الأول لشهرته واتكالا على القياس، هذا في نسب القرابات، وأما في نسيب الشعر فسيأتي أن مصدره النسب محركة والنسيب.

(١) عن الاساس، وبالأصل «إليه» ونبه إليه بهامش المطبوعة المصرية.

(٢) كذا في اللسان.

(٣) في اللسان: «بهن» على اعتبار قوله نسب بالنساء. وبهامشه: قوله: ومنسبة وشبب الخ عبارة التكملة المنسب والمنسبة (بكسر السين فيهما بضبطه) النسيب في الشعر. وشعر منسوب فيه نسيب والجمع المناسيب». وفي المصباح: نسب الشاعر بالمرأة ينسِب من باب ضرب نسيباً عرّض بهواها وحُبها.

(٤) في الأصل «مما ... كما أريد» وما أثبتناه عن اللسان. وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله مما الظاهر بما وقوله تأنيث الغاية والمبالغة كذا بخطه ولعل هنا كلمة ساقطة يدل عليها الكلام».