(فصل النون) مع الباء
  للمسلمينَ» فتحها عِياضُ بْنُ غُنْمٍ الأَشْعَرِيُّ. وقال ابْنُ عتْبَانَ(١):
  لقَدْ لَقِيَتْ نَصيبِين الدَّوَاهِي ... بِدُهْمِ الخَيْلِ والجُرْد الوِرَاد
  وقال بعضُهُم يذكُر نَصِيبِينَ: وظَاهِرُهَا مليحُ المنظرِ، وباطِنُها قبيحُ المَخْبر.
  [وقَال آخَرُ يذُمّ نَصِيبينَ](٢).
  نَصِيبُ نَصِيبِينَ مِنْ رَبِّها ... وِلَايةُ كُلِّ ظلُومٍ غَشُومِ
  فباطِنُهَا مِنْهُمُ في لَظًى ... وظَاهِرُهَا من جِنَانِ النَّعِيمِ
  نُسِبَ إِليهَا أَبو القاسِم الحسَن بْنُ عليّ بْنِ الوثاق النَّصِيبِيّ الحافظ. رَوى، وحَدَّث.
  وفيه للعرب مَذهبانِ: منهم من يَجْعلُهُ اسْماً واحداً، ويُلزِمُهُ الإِعْرَابَ، كما يُلْزمُهُ(٣) الأَسماءَ المفردةَ الّتي لا تنصرفُ، فتقول: هذه نَصِيبِينُ، ومررتُ بنَصِيبِينَ، ورأَيتُ نَصيبِينَ. والنِّسْبَةُ إِليه: نَصِيبِينِيٌّ، يعني: بإِثبات النّون في آخره، لأَنّها كالأَصْل وفي نسخة الصَّحاح الموثوق بها، وهي بخطّ ياقوت الرُّوميّ: بحذف النّون، وهكَذا وُجِد بخطّ المؤلِّف. قال في هامشه: وهو سهوٌ، وبالعكس فيما بعدَهُ. ومن هُنا اعترضَ ابْنُ برِّيّ في حواشيه، وسلَّمه ابْنُ منظور الإِفريقيّ.
  ثمّ قال الجوهريُّ: ومنهم مَنْ يُجْريهِ مُجْرى الجمعِ، فيقولُ: هذِه نَصِيبُونَ، ومررتُ بِنَصِيبِينَ، ورأَيتُ نَصِيبِينَ.
  وكذلك القولُ في يَبْرِينَ، وفِلَسْطينَ، وسَيْلَحينَ، وياسِمِينَ، وقِنَّسْرِينَ. والنّسْبَة إِليه، على هذا القَوْلَ نَصِيبِيٌّ، أَي: بحذف النُّون؛ لأَنّ علامةَ الجمع والتَّثْنية تُحْذَفُ عندَ النِّسْبَة، كما عُرِف في العربيّة. ووجد في نُسَخِ الصِّحاح هنا بإِثبات النُّون، وهو سهوٌ كما تقدّم. وثَرًى مُنَصَّبٌ، كمُعَظَّمٍ: مُجَعَّدٌ، كذا في النُّسَخ، وصوابُهُ: جَعْدٌ.
  والنَّصْبُ على ما تقدَّم: هو إِقامة الشَّيْءِ، ورَفْعهُ. وقال ثعلب: لا يكون النَّصْبُ إِلّا بالقيام، وقال مَرَّةً: هو نُصْبُ عَيْني، هذا - كذا عبارة الفصيح - في الشَّيْءِ القائم الّذي يخفَى عليَّ، وإِنْ كان مُلْقًى. يعني بالقائم في هذه الأَخِيرَةِ الشَّيءَ الظَّاهرَ. وعن القُتَيْبِيّ: جعلْتُهُ نُصْبَ عيْنِي، بالضَّمِّ.
  ومنهم من يروي فيه الفتحَ، أَو الفتحُ لَحْنٌ. قال القُتَيْبيّ: ولا تَقُلْ: نَصْبَ عَيني، أَي: بالفتح، وقيل: بل هو مسموعٌ من العرب. وصرَّح المطرِّزيّ بأَنّهُ مصدرٌ في الأَصل، أَي بمعنى مفعول، أَي منصوبها، أَي: مَرْئِيّها، رؤيَةً ظاهرةً بحيثُ لا يُنْسَى، ولا يُغْفَلُ عنه، ولم يُجْعَلْ بظَهْرٍ، قاله شيخُنا.
  وثَغْرٌ مُنَصَّبٌ، كمُعَظَّمٍ: مُسْتَوِي النِّبْتَة، بالكسر، كأَنَّه نُصِبَ فَسُوِّيَ.
  وذاتُ النُّصْب، بالضَّمّ: ع قُرْبَ المَدِينَة، على ساكنها أَفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، بينَهُ وبينَها أَربعةُ أَميالٍ(٤)، وفي حديث مالكِ بْنِ أَنَس: [أَنّ عبدَ الله بْنَ عُمَرَ](٥) رَكبَ إِلى ذاتِ النُّصْبِ، فقَصَرَ الصَّلاةَ».
  وقيل: هي من معادن القَبَليَّة. كذا في المعجم.
  * ومِمّا يُسْتَدرَكُ على المؤلِّف في هذه المادّة: قال اللهُ تَعَالَى: {فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}(٦) قالَ قَتادةُ: إِذا فرغتَ من صلاتك، فانْصَب في الدُّعاءِ. قال الأَزهريّ: هو من نَصِب، يَنْصَب، نَصباً: إِذا تَعِبَ. وقيلَ: إِذا فَرَغْت من الفَرِيضة فانْصَبْ في النّافِلَةِ.
  واليَنْصُوبُ: عَلَمٌ يُنْصَبُ في الفَلاة.
  والنّاصِبَةُ في قول الشاعر:
  وَحَبَتْ له أُذُنٌ يُرَاقِبُ سَمْعَها ... بَصَرٌ كنَاصِبَةِ الشُّجاعِ المُرْصَدِ(٧)
(١) هو عبد الله بن عبد الله بن عتبان، وفي رواية أنه هو الذي قدم إليها وافتتحها صلحاً.
(٢) زيادة عن معجم البلدان.
(٣) في الصحاح: كما يُلزم.
(٤) في النهاية: أربعة يُرُد.
(٥) زيادة عن معجم البلدان.
(٦) سورة الشرح الآية ٧.
(٧) قوله المرصد بفتح الصاد، صوابه المرصد بكسرها. والبيت في اللسان نصب بدون نسبة وفي مادة شجع ونسبه لابن أحمر.