فصل السين المهملة مع الواو والياء
  وحُكِىَ عن أَبي القَمْقامِ: سَواسِيَة، أَرادَ سَواءَ ثم قال سِيَة.
  ورُوِيَ عن أَبي عَمْروٍ أَنَّه قالَ: ما أَشَدَّ ما هَجَا القائلُ:
  سَواسِيَةٌ كأَسْنانِ الحِمارِ(١)
  وذلكَ أَنَّ أَسْنانَه مُسْتَوِيَةٌ، انتَهَى.
  قالَ ابنُ سِيدَه: وسَواءٌ تَطْلُبُ اثْنَيْنِ تقولُ: سَواءٌ زَيْدٌ وعَمْرٌو، أَي: ذَوَا سَواءِ زَيْدٌ وعَمْروٌ، لأنَّه مَصْدرٌ فلا يجوزُ له أَنْ يُرْفَعَ ما بعْدها إلَّا على الحَذْفِ، تقولُ: عَدْلٌ زيْدٌ وعَمْرٌو، والمَعْنى ذَوَا عَدْلٍ، لأنَّ المَصادِرَ ليسَتْ بأَسْماءِ الفاعِلِينَ وإنَّما يَرْفَعُ الأَسْماءَ أَوْصافُها، فأمَّا إذا رَفَعَتْها المَصادِرُ فهي على الحذْفِ.
  واسْتَوَيا وتَساوَيا: أَي تَماثَلا، فهذا فِعْلٌ أُسْنِدَ إليه فاعِلانِ فصاعِداً، تقولُ: اسْتَوى زيْدٌ وعَمْروٌ وخالِدٌ في كذا، أَي تَساوَوْا؛ ومنه قوْله تعالى: {لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ}(٢).
  وسَوَّيْتُهُ به تَسْوِيَةً وسَوَّيْتُ بَيْنهما: عَدَّلْت وساوَيْتُ بَيْنهما مُساواةً؛ مِثْله يقالُ: ساوَيْتُ هذا بذاكَ إذا رَفَعْته حتى بَلَغَ قَدْرَه ومَبْلَغَه؛ وقوْلُه تعالى: {حَتّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ}(٣)؛ أَي سَوَّى بَيْنهما.
  وأَسْوَيْتُهُ به وساوَيْتُ؛ ومنه قوْلُ القناني في أَبي الحَجْناء:
  فإنَّ الذي يُسْويكَ يَوْماً بواحِدٍ ... مِنَ الناسِ أَعْمى القَلْبِ أَعْمى بَصائِرهْ
  وهما سَواءَانِ وسِيَّانِ، بالكسْر: أَي مِثْلانِ، الواحِدُ سَواءٌ وسِيٌّ، والجَمْعُ أَسْواءٌ كنَقْضٍ وأَنْقاضٍ؛ وأَنْشَدَ الجوهريُّ للحُطَيْئة، وقيلَ لذي الرُّمّة:
  فإِيَّاكُمْ وحَيَّةَ بَطْنِ وادٍ ... هَمُوزَ النَّابِ ليْسَ لَكُمْ بسِيِّ(٤)
  يريدُ تَعْظِيمه.
  ولا سِيَّما: كلمةٌ يُسْتَثْنى بها، وهو سِيٌّ ضُمَّ إليه ما.
  في المُحْكَم: قالَ سِيْبَوَيْه: سأَلْته عن قَوْلهم لا سِيَّما زَيْدٍ فزَعَم أَنَّه مِثْلُ: لا مِثْلَ زيْدٍ، وما لَغْوٌ، قالَ: ويَرْفَعُ زيْدٌ فيُقالُ: لا سِيَّما زَيْدٍ مِثْلَ دَعْ ما زَيْدٌ وكَذلِكَ قوْلُه تعالى: {مَثَلاً ما بَعُوضَةً}(٥).
  وفي الصِّحاحِ: الاسْمُ الذي بَعْدَ «ما» لَكَ فيه وَجْهان؛ إنْ شِئْتَ جعلْتَ ما بمنْزِلةِ الذي وأَضْمرْت مُبْتَدأ ورَفَعْت الاسْمَ الذي تَذْكُرُه لخبَرِ المُبْتَدأ، تقولُ: جاني(٦) القَوْمُ لا سِيَّما أَخُوكَ أَي ولا سِيَّ الذي هو أَخُوكَ؛ وإنْ شِئْتَ جررْتَ ما بَعْدَه على أنْ تَجْعَل ما زائِدَةً وتجُرَّ الاسْمَ بسِيِّ لأنَّ مَعْنى سِيِّ مَعْنى مِثْلٍ، ويُنْشدُ لامْرئِ القَيْسِ:
  أَلا رُبَّ يومٍ لكَ مِنْهُنَّ صالِحٍ ... ولا سِيَّما يومٌ بدَارَةِ جُلْجُلِ(٧)
  مَجْروراً ومَرْفوعاً. وتقولُ: اضْرِب القومَ ولا سِيَّما أَخيكَ، أَي ولا مثْلَ ضَرْبةِ أَخِيكَ، وإنْ قلْتَ ولا سِيَّما أَخُوكَ، أَي ولا مثْلَ الذي هو أَخُوكَ، تَجْعَل ما بمعْنَى الذي وتضْمِرُ هو وتَجْعلُه مُبْتَدأ وأَخُوكَ خَبَره.
  قالَ الأخْفَش: قَوْلهم إنَّ فُلاناً كرِيمٌ ولا سِيَّما إن أَتَيْته قاعِداً، فإنَّ ما ههنا زائِدَةٌ ولا تكونُ مِن الأَصْل، وحذفَ هنا الإضْمار وصارَ ما عِوَضاً منه كأَنَّه قالَ ولا مِثْله إنْ أَتَيْتَه قاعِداً، انتَهَى.
  وفي المِصْباح عن ابنِ جِنِّي: ويجوزُ النَّصْب على الاسْتِثْناء وليسَ بالجيِّد، قالوا: ولا يُسْتَعْمل إلَّا مع
(١) اللسان بدون نسبة وصدره:
شبابهم وشيبهم سواء
وعجزه في التهذيب منسوباً للفرزدق.
(٢) سورة التوبة، الآية ١٩.
(٣) سورة الكهف، الآية ٩٦.
(٤) ديوان الحطيئة ط بيروت ص ١٣٩ والصحاح «سيا» واللسان منسوباً للحطيئة أيضاً والمقاييس ٣/ ١١٢.
(٥) سورة البقرة، الآية ٢٦.
(٦) الصحاح «سيا»: جاءني.
(٧) من معلقته، واللسان والتهذيب والصحاح «سيا».