فصل السين المهملة مع الواو والياء
  الجَحْد، نَصَّ عليه أَبو جَعْفرٍ النّحوي في شرْحِ المُعَلَّقات، وابن يَعِيش وصاحِب البَارع.
  وقالَ السَّخاوي عن ثَعْلب: مَنْ قالَهُ بغَيْرِ اللَّفْظ الذي جاءَ به امْرُؤُ القَيْس فقد أَخْطَأَ، يَعْني بغَيْر لا، لأنَّ لا وسِيَّما تركبا وصارَا كالكَلمَةِ الواحِدَةِ وتُساقُ لتَرْجِيح ما بَعْدها على ما قَبْلها فيكونُ كالمخرج عن مُساوَاتِه إلى التَّفْضِيل، فقَوْلهم تُسْتَحَبُّ الصَّدَقَة في شَهْر رَمَضان لا سِيَّما في العشْرِ الأَوَاخِر، مَعناه واسْتِحبابها في العشْره الأَوَاخِر آكدُ وأَفْضَل فهو مُفَضَّل على ما قَبْله.
  قالَ ابنُ فارِسَ: ولا سِيَّما، أَي ولا مِثْل ما كأَنَّهم يُريدُون تَعْظِيمه.
  وقالَ السَّخاوي أَيْضاً: وفيه إِيذانٌ بأَنَّ له فَضِيلَةً ليسَتْ لغيرِه إذ تقرَّرَ ذلكَ، فلو قيلَ سِيَّما بغَيْرِ نَفْيٍ اقْتَضَى التَّسْويَة وبَقِي المَعْنى على التَّشْبيه، فيَبْقى التَّقديرُ يُسْتَحبُّ الصَّدَقَةُ في شَهْرِ رَمَضان مِثْل اسْتِحْبابِها في العشْرِ الأَوَاخِر ولا يَخْفَى ما فيه. وتَقْدِيرُ قَوْل امْرئِ القَيْسِ: مَضَى لنا أَيَّام طَيِّبَة ليسَ فيها يَوْم مِثْل دارَةِ جُلْجُل، فإنَّه أَطْيَب من غيْرِه، ولو حُذِفَت لا بَقِي المَعْنَى مَضَت لنا أَيَّام طَيِّبَة مِثْل يَوْم دَارَةِ جُلْجُل، فلا يَبْقى فيه مَدْحٌ، ولا تَعْظِيم. وقد قالوا: لا يجوزُ حَذْف العَامِل وإبْقاء عَمَله، ويقالُ: أَجابَ القومُ لا سِيَّما زَيْد، والمَعْنى فإنَّه أَحْسَن إجابَة فالتَّفْضِيل إنَّما حَصَلَ مِنَ التَّرْكِيب فصارَتْ لا مع سِيَّما بمنْزِلَتِها في قوْلِكَ لا رجُلَ في الدَّارِ، فهي المُفِيدَةُ للنَّفْي، ورُبَّما حُذِفَتْ للعِلْم بها، وهي مُرادَةٌ، لكنَّه قَليلٌ ويقربُ منه قَوْلُ ابنِ السَّراج وابنِ بابْشَاذ، وبعضُهم يَسْتَثْنِي بسِيَّما، انتَهَى.
  ويُخَفِّفُ الياءُ؛ نقلَهُ صاحِبُ المِصْباح، قالَ: وفَتْح السِّين مع التَّثقِيل لُغَةٌ أَيْضاً.
  وحَكَى اللحْياني: ما هو لكَ بسِيِّ، أَي بنَظِيرٍ، وما هُمْ لكَ بأَسْواءٍ، ولا سِيِّ لِمَا فُلانٍ، ولا سِيَّكَ ما فُلانٌ، ولا سِيَّةَ فُلانٍ، وهذه لم يَذْكُرْها اللَّحْياني؛ ثم قالَ: ويقولون: لا سِيَّكَ إذا فَعَلْتَ ذاكَ، ولا سِيَّ لمَنْ فَعَلَ ذلكَ. وفي المُؤنَّث: لَيْسَتِ المَرْأَةُ لكَ بسِيِّ، وما هُنَّ لكَ بأَسْواءِ: كُلُّ ذلكَ بمَعْنى المِثْل والنَّظِير؛ وقولُ أَبي ذُؤيْب:
  وكانَ سِيَّان أَلَّا يَسْرَحُوا نَعَماً ... أَو يَسْرَحُوه بها واغْبَرَّتِ السُّوجُ(١)
  وَضَعَ أَو هنا مَوْضِعَ الواوِ كَرَاهِية الخَبْنِ، وسَواءٌ وسِيَّان لا يُسْتَعْملان إلَّا بالواوِ؛ ومثْلُه قَوْلُ الآخِرِ:
  فسِيَّان حَرْبٌ أَو تَبُوءَ بمثْله ... وقد يَقْبَلُ الضَّيْمَ الذَّليلُ المسَيَّرُ
  ومَرَرْتُ برجُلِ سَواءٍ والعَدمُ، ويُكْسَرُ؛ ومَرَرْتُ برجُلٍ سُوًى، بالكسر والضَّمِ، والعَدَمُ: أَي سَواءٌ وجُودُهُ وعَدَمُهُ.
  وحكَى سِيْبَوَيْه: سَواءٌ هو والعَدَمُ.
  وقالوا: هذا دِرْهَمٌ سَواءٌ، بالنَّصْبِ على المَصْدرِ كأَنَّكَ قلْت اسْتواءً، والرَّفْع على الصِّفَة كأَنَّك قلْتَ مُسْتَوٍ.
  وقولُه تعالى: {سَواءً لِلسّائِلِينَ}(٢)؛ وقُرِئَ: سَواءَ على الصِّفَة.
  وقولُه تعالى: {مَكاناً سُوىً}(٣)، هو بالكسْر والضَّمِّ.
  قالَ الفرَّاءُ: وأَكْثَرُ كَلامِهم بالفَتْحِ إذا كانَ بمعْنَى نَصَفٍ وعَدْلٍ فَتَحُوه ومَدُّوه، والكسْرُ مع الضمِّ عَرَبِيَّان وقُرئَ بهما.
  وقالَ الرَّاغبُ: مَكانٌ سِوىً وسُوىً مُسْتَوٍ طَرَفاهُ، يُسْتَعْمل وَصْفاً وظَرْفاً، وأَصْلُ ذلك مَصْدرٌ.
  وقال ابنُ سِيدَه: أَي مَعْلَمٌ، وهو الأثَرُ الذي يُسْتدلُّ به على الطَّريقِ، وتَقْديرُه ذُو مَعْلَمٍ يُهْتَدَى به إليه؛ قالَهُ شْخُنا.
  وهو لا يُساوِي شيئاً: أَي لا يُعادِلُه.
  وفي المِصْباح: المُساوَاةُ: المُمَاثلةُ والمُعادَلةُ قدْراً
(١) ديوان الهذليين ١/ ١٠٧ برواية:
وقال ماشيهم: سيان سيركم ... وأن تقيموا به واغبرت السوح
والمثبت كرواية اللسان وفيه «السوح» فالبيت من قصيدة حائبة.
(٢) سورة فصلت، الآية ١٠.
(٣) سورة طه، الآية ٥٨.