تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عجو]:

صفحة 657 - الجزء 19

  وظاهِرُ سِياقِه أنَّ العَجْوةَ هنا بهذا المَعْنى مَفْتوحُ العَيْنِ؛ ونصُّ المُحْكم بضمِّها⁣(⁣١)، وهو اسْمٌ من المُعاجاةِ، وفيه أنَّ المُعَاجاة أنْ لا يكونَ للأُمِّ لَبَنٌ يُرْوِي صَبِيَّها فتُعاجِيه بشيءٍ تعلِّلُه به ساعةٍ، وكذا إنْ وَلِيَ منه ذلكَ غيرُها.

  وقيلَ: عاجَيْتُه إذا أَرْضَعْته بلبنِ غَيْر أُمِّه أَو مَنَعْتَه اللَّبَنَ وغَذَّيْتَه بالطَّعامِ؛ وأَنْشَدَ الجوهرِيُّ للجَعْدي:

  إذَا شِئتَ أَبْصَرْتَ من عَقْبِهِمْ ... يَتامَى يُعاجَوْنَ كالأَذْؤُبِ⁣(⁣٢)

  وأَنْشَدَ الليْثُ في صفَةِ أَوْلادِ الجرادِ:

  إذا ارْتَحَلَتْ من مَنْزِلٍ خَلَّفَتْ بهِ ... عَجايا يُحاثي بالتُّرابِ صغيرُها⁣(⁣٣)

  وقد عَجَتْه أُمُّه: سَقَتْه اللَّبَن؛ كما في الصِّحاح، تَعْجُوه عَجْواً.

  وفي المُحْكم: أَخَّرَتْ رَضاعَهُ عن مَواقِيتِه.

  وقيلَ: عَجَتْه دَاوَتْه بالغِذاءِ حتى نَهَضَ، فهو عُجِيٌّ، كصُلِيِّ، أَصْلُه عجوى، وهي عُجِيَّةٌ؛ ولم يَقُلْ: وهي بهاءٍ وكأنَّه نَسِيَ اصْطِلاحَه؛ وقيلَ: الذكَرُ والأُنْثَى بِلا هاءٍ؛ ج عُجايا، بالضَّمِّ والفَتْح، والفَتْح أَقْيَس.

  والعَجِيُّ، كغَنِيِّ: فاقِدُ أُمِّهِ من الإِبِلِ ومِنَّا، والجَمْعُ عُجايا.

  وفي الحديثِ: «كنتُ يَتِيماً ولم أَكُنْ عَجِيًّا».

  قالَ الجوهرِيُّ: العَجِيُّ هو الذي تموتُ أُمُّه فيُرَبِّيه صاحِبُه بلَبَنِ غيرِها.

  وفي النهايَةِ: هو الذي لا لَبَنَ لأُمِّه، أَو ماتَتْ أُمُّه فعُلِّلَ بلبَنِ غيرِها، أَو بشيءٍ آخَر فأَوْرَثَه ذلكَ وَهْناً.

  وفي المُحْكم: وذلكَ الوَلَدُ الذي يُغَذَّى بغيرِ لَبَنِ أُمِّه عَجِيُّ؛ فهؤلاء أَقْوالُهم كُلُّها مُتَّفِقَة على مَعْنى العَجِيِّ مِنَّا؛ وأَنْشَدَ الجوهرِيُّ:

  عَداني أنْ أَزُورَكَ أَنَّ بَهْمِي ... عَجايا كلُّها إلَّا قَلِيلاً⁣(⁣٤)

  فقد اسْتَعْمَلَه الشاعِرُ في البهمِ، ولم أَرَ مَنْ فَرَّقَ بينَ العَجِيِّ والعُجِيّ إلَّا المصنِّف وهو غَريبٌ فتأمَّل.

  وعَجا البَعيرُ يَعْجُو عَجْواً: رَغَا.

  وعَجا فَاهُ: إذا فَتَحَهُ.

  وعَجا وَجْهَه: زَواهُ وأَمالَهُ.

  وفي التهْذِيبِ: عَجا شِدْقَه: لَواهُ، وقيلَ: فَتَحَهُ وأَمالَهُ؛ كَعَجَّاهُ بالتَّشْديدِ.

  وعَجا البَعيرُ: شَرِسَ خُلُقُهُ.

  وقالَ الأصْمعي: العُجاوَةُ والعُجايَةُ⁣(⁣٥) لُغَتانِ وهُما قدْرَ مُضْغةٍ من لَحْمٍ تكونُ مَوْصولةً بعَصْبة تَنْحدِرُ من رُكْبةِ البَعيرِ إلى الفرْسِنِ.

  والعَجْوَةُ بالحِجازِ: التَّمْرُ المَخْشِيُّ، وهي أُمُّ التَّمْرِ الذي إليه المَرْجِعُ كالشِّهْرِيزِ بالبَصْرَةِ، والتَّيِّيّ بالبَحْرَيْن، والجُذامِيِّ باليَمامَةِ.

  وأَيْضاً: تمْرٌ بالمَدِينَةِ. يقالُ: هو ممَّا غَرَسَهُ النبيُّ ، بيدِهِ.

  قالَ ابنُ الأثيرِ: هي أكْبَرُ مِن الصُّيْحانيّ يَضْربُ إلى السَّوادِ.

  وقالَ الأزْهري: العَجْوَةُ التي بالمدينَةِ هي الصَّيْحانِيَّةُ، وبها ضروبٌ من العَجْوةِ ليسَ لها عُذُوبة الصَّيْحانِيَّة ولا رِيُّها وامْتِلاؤُها؛ وقيلَ: نَخْلَتُها تسمَّى لِينَةً.

  وقيلَ لأُحَيْحة بنِ الجُلاحِ: ما أَعْدَدْتَ للشِّتاءِ؟ فقالَ: ثلثَمائةٍ وسِتِّينَ صاعاً من عَجْوةٍ تُعْطِي الصبيَّ منها خَمْساً فيردُّ عليك ثلاثاً.

  والعُجَى، كهُدَى: الجُلُودُ اليابسَةُ تُطْبَخُ وتُؤْكَلُ الواحِدَةُ عُجْيَةٌ، بالضَّمِّ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للبرَّاءِ بنِ ربعي الأسدِي:


(١) ومثله في التهذيب واللسان.

(٢) اللسان والصحاح منسوباً للجعدي، وبدون نسبة في التهذيب وفي المقاييس ٤/ ٢٤٣ نسبه لذي الإصبع.

(٣) اللسان والتهذيب والمقاييس ٤/ ٢٤٣ بدون نسبة.

(٤) اللسان والصحاح بدون نسبة.

(٥) في القاموس: «والعُجايةُ» وفي نسخة مؤسسة الرسالة: «العجاية» بدون واو، كالأصل.