تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الغين المعجمة مع الواو والياء

صفحة 33 - الجزء 20

  وتَغاوَوْا عليه: أَي تَجَمَّعُوا عليه وتَعاوَنُوا عليه، وأَصْلُه في الشَّرِّ لأنَّه مِن الغَيِّ والغَوايَةِ.

  وقوْلُه فقَتَلُوه: هو مِن حديثِ قَتْلةِ عُثْمان: «فتَغاوَوْا عليهِ واللهِ حتى قَتَلُوه»، ومنه قوْلُ أُختِ المُنْذرِ بنِ عمْرِو الأنصارِي فيه حينَ قَتَلَه الكفّارُ:

  تَغاوَتْ عليه ذِئابُ الحِجازِ ... بَنُو بُهْثةٍ وبَنُو جَعْفرِ⁣(⁣١)

  أَو جاؤُوا من ههنا ومن ههنا⁣(⁣٢) وإن لم يَقْتُلُوهُ، نقلَهُ ابنُ سِيدَه، ويُرْوَى العَيْن أَيْضاً وقد تقدَّمَ.

  وقالَ الزَّمَخْشري: تَغاوَوْا عليه تَأَلَّبُوا عليه تَأَلّب الغُواةِ.

  وغَوِيَ الفَصِيلُ وكذا السَّخْلَةُ، كرَضِيَ ورَمَى، مِثْل هَوِيَ وهَوَى الأُوْلى لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ، غَوًى، مَقْصورٌ، فهو غَوٍ، مَنْقوصٌ: بَشِمَ من اللَّبَنِ، أَي شَرِبَه حتى اتَّخَمَ وفسَدَ جَوْفُه، أَو إذا أَكْثَرَ منه حتى اتَّخَم.

  وقالَ ابنُ السِّكِّيت: الغَوى هو أَن لا يَشْرَبَ مِن لِبَا أُمِّه ولا يَرْوى مِن اللّبَنِ حتى يَموتَ هُزالاً، نقلَهُ الجَوْهرِي.

  أَو غَوِيَ الجَدْيُ مُنِعَ الرَّضاعَ حتى يَضُرَّ به الجُوعُ فهُزِلَ، نقلَهُ أَبو زَيْدٍ في نوادِرِه.

  وفي التَّهذيبِ: إذا لم يُصِبْ رِيًّا من اللّبَنِ حتى كادَ يَهْلِكُ.

  وقالَ ابنُ شُمَيْل: الصَّبيُّ والفَصِيلُ إذا لم يَجِدا من اللّبَنِ غُلْقَةً فلا يَرْوَى⁣(⁣٣) وتراهُ مُخْتَلًّا.

  قالَ شمِرٌ: هذا هو الصّحِيحُ عنْدَ أَصْحابنا، وشاهِدُ الغَوى قولُ عامِرٍ المَجْنون يَصِفُ قوْساً وسَهْماً:

  مُعَطَّفَةَ الأثْناءِ ليسَ فَصِيلُها ... برازِئِها دَرًّا ولا مَيِّتٍ غَوَى⁣(⁣٤)

  أَنْشَدَه الجَوْهرِي وهو من اللُّغْزِ. قُلْت: وعلى اللُّغَةِ الثانِيَةِ نَقَلَ الزَّمَخْشري عن بعضٍ في قوْلِه تعالى: {وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى}⁣(⁣٥)، أَي بَشِمَ من كَثْرةِ الأكْلِ.

  قالَ البَدْر القرافي: هذا وإن صَحَّ في لُغةٍ لكنَّه تَفْسِيرٌ خَبِيثٌ.

  * قُلْت: وأَحْسَنُ مِن ذلكَ ما قالَهُ الأزْهرِي والرَّاغبُ فَغَوى، أَي فَسَدَ عليه عَيْشُه، أَو غَوَى هنا بمعْنَى خابَ أَو جَهِلَ أَوْ غَيْرُ ذلكَ ممَّا ذَكَرَه المُفسِّرُونَ.

  ويقالُ: هو وَلَدُ غَيَّةٍ، بالفَتْح ويُكْسَرُ، قالَ اللِّحياني: وهو قَليلٌ، أَي وَلَدُ زَنْيَةٍ كما يقالُ في نَقِيضِه وَلَدُ رَشْدَةٍ.

  ويقولونَ إذا أَخْصَبَ الزَّمانُ: جاءَ الغاوِي والهاوِي، فالغاوِي الجَرادُ، والهاوِي: الذِّئْبُ، وسَيَأْتي له في هوى خِلافُ ذلكَ.

  وقولُه تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}⁣(⁣٦)، قيلَ: غَيٌّ: وادٍ في جهَنَّم، أَو نَهْرٌ أَعَدَّاهُ للغَاوِينَ، أَعاذَنا اللهُ من ذلكَ.

  وقالَ الرَّاغبُ: أَي يَلْقَوْن عَذاباً فسَمَّاه الغَيَّ لمَّا كانَ الغَيُّ هو سَبَبُه، وذلكَ تسْمِيَةُ الشيءِ بما هو من سَبَبِه كما يُسَمّون النَّباتَ نَدًى، وقيلَ: مَعْناه أَي⁣(⁣٧) سَوْفَ.

  وكَغَنِيٍّ وغَنِيَّةٍ وسُمَيَّةَ: أَسْماءٌ.

  وبَنُو غَيَّانَ: حَيٌّ من جُهَيْنَةَ وَفَدُوا على رَسُولِ اللهِ ، فسَمَّاهُمْ: بَني رَشْدانَ، وهُم بَنُو غَيَّان بنِ قَيْسِ بنِ جُهَيْنَة، منهم: بَسْبَسُ بنُ عَمْرٍو، وكَعْبُ بنُ حمارٍ⁣(⁣٨)، وغنمةُ⁣(⁣٩) ابنُ عَدِيٍّ، ووديعةُ⁣(⁣١٠) بنُ عَمْرٍو، شَهِدُوا بَدْراً.

  والغَوْغاءُ: الجَرادُ، يُذكَّرُ ويُؤنَّثُ ويُصْرفُ ولا يُصْرَفُ هو أَوَّلاً: سَرْوَةٌ، فإذا تحرَّكَ فدَبًى، فإذا نَبَتَتْ أَجْنِحَتُه


(١) اللسان والتهذيب والأساس.

(٢) في القاموس: من ههنا وههنا.

(٣) العبارة في التهذيب: إذا لم يجدا إلّا علقة فلا يروى وتراه محثلاً.

(٤) اللسان والتهذيب والصحاح ولم ينسبوه.

(٥) سورة طه، الآية ١٢١.

(٦) سورة مريم، الآية ٥٩.

(٧) كذا بالأصل وفي نقله عن الراغب نقص، وتمام عبارة المفردات: وقيل معناه: فسوف يلقون أثر الغيّ وثمرته.

(٨) في جمهرة ابن حزم ص ٤٤٤ حِمَّان.

(٩) في ابن حزم: عَنَمَة.

(١٠) في ابن حزم: ربيعة.