[قضى]:
  لَقدْ طالَ مَا لبَثْتَني عن صَحابَتي ... وعَن حِوَجِ قِضَّاؤُها من شِفائِيا
  قالَ ابنُ سِيدَه: هو عنْدِي من قَضَّى ككِذَّابٍ من كَذَّبَ، قالَ: ويحْتملُ أَن يريدَ اقْتِضَاؤها فيكونَ مِن بابِ قِتَّالٍ كما حكَاهُ سِيْبَوَيْه في اقْتال(١).
  وقَضَى عليه عَهْداً: أَوْصاهُ وأَنْفَذَهُ، ومَعْناه الوَصِيَّة، وبه يُفَسَّرُ قولُه تعالى: {وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ}(٢) أَي عَهِدْنا.
  وقَضَى إليه: أَنْهاهُ، ومنه قولُه تعالى: {وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ}(٣)، أَي أَنْهَيْناهُ إليه وأَبْلَغْناهُ ذلكَ.
  وقَضَى غَرِيمَهُ دَيْنَهُ: أَدَّاهُ إليه.
  قالَ صاحِبُ المِصْباح: القَضاءُ بمعْنَى الأدَاءِ لُغَةٌ، ومنه قولُه تعالى: {فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ}(٤)، {فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ}(٥)، واسْتَعْمَل العُلماءُ القَضاءَ في العِبادَةِ التي تُفْعَل خارِجَ وَقْتها المَحْدُود شَرْعاً، والأداءَ إذا فُعِلَتْ في الوَقْت المَحْدودِ، وهو مُخالِفٌ للوَضْعِ اللُّغَوي، ولكنَّه اصْطِلاحي للتَّمييزِ بينَ الوَقْتَينِ.
  واسْتَقْضَى فلاناً: طَلَبَ إليه أن يَقْضِيَهُ.
  وفي المِصْباحِ: طَلَبَ قَضاءَهُ.
  وتَقاضاهُ الدَّينَ: قَبَضَهُ منه، هكذا في المُحكم، وأَنْشَدَ:
  إذا ما تَقاضَى المَرْءَ يومٌ ولَيلةٌ ... تَقاضاهُ شيءٌ لا يَمَلُّ التَّقاضِيا
  أَرادَ: إذا ما تَقاضَى المرءَ نَفْسه يومٌ وليلةٌ.
  قالَ الشَّهاب في شرْحِ الشفاء: أَصْلُ التَّقاضِي الطَّلَبُ، ومنه قولُ الحماسي:
  لحى اللهُ دَهْراً شَرّه قَبْل خَيْره ... تَقاضَى فلم يُحْسِن إلينا التَّقاضِيا
  قالَ شُرَّاح الحماسَةِ: أَي طَالبنا ومِثْله كثير. فقولُ شيْخنا المقدسي في الرمز: التّقاضِي مَعْناهِ لُغَةُ القَبْض لأنَّه تَفاعلٌ من قَضَى، يقالُ: تَقاضَيْت دَيْني، واقْتَضَيْته بمعْنَى أَخَذْته، وفي العُرْف الطَّلَب لا وَجْه له، والذي غرَّهُ قُصُور كَلامِ القاموس فظنَّه غَيْر لُغَوي بل مَعْنًى عُرْفيًّا وهو غَرِيبٌ منه، انتَهَى.
  قالَ شيْخُنا: هو كلامٌ ظاهِرٌ لا غُبارَ عليه، والنور المَقْدسِي كثيراً ما يَغْتَر بكَلامِ المصنِّفِ في مَوادّ كثِيرةٍ، واللهُ أَعْلَم.
  * قُلْت: هذا الذي ذَكَرَه المصنِّف هو بعَيْنِه نَصّ المُحْكم كما أَسْلَفْناه، فلا يتوجه على المَقْدسي مَلام، فتأَمَّل.
  ورجُلٌ قَضِيٌّ، كغَنِيٍّ: سَرِيعُ القَضاءِ يكونُ في قَضاءِ الدَّينِ الذي هو أَدَاؤُه، وفي قَضاءِ الحُكُومَةِ الذي هو أحْكَامُها وإمْضاؤُها.
  والقُضاةُ، بالضَّمِّ: جِلْدَةٌ رَقيقَةٌ تكونُ على وجْهِ الصَّبيِّ حينَ يولَدُ، نقلَهُ ابنُ سِيدَه.
  والقِضَةُ، كعِدَةٍ: نَبْتَةٌ سُهْلِيَّةٌ وهي مِن الحَمْض، مَنْقوصَة، والهاءُ عِوَضٌ، ج قِضًى، بالكَسْرِ مَقْصوراً.
  وقالَ الأَصْمعي: من نَباتِ السّهْل الرِّمْثُ والقِضَةُ، ويقالُ في جَمْعِهِ قِضاتٌ(٦).
  وقالَ ابنُ السِّكِّيت جَمْعُهُ قِضُون(٧).
  وتقَضَّى الشَّيءُ: فَنِيَ وذَهَبَ وانْصَرَمَ، كانْقَضَى، قالَ الرَّاجزُ:
  وقَرَّبُوا للبَيْن والتَّقَضِّي ... من كلِّ عَجَّاجٍ تَرى للغَرْضِ
(١) في اللسان: افْتِتال.
(٢) سورة الإسراء، الآية ٤.
(٣) سورة الحجر، الآية ٦٦.
(٤) سورة البقرة، الآية ٢٠٠.
(٥) سورة النساء، الآية ١٠٣.
(٦) في القاموس: وقِضاةُ.
(٧) في اللسان والتهذيب: قِضِينَ.