تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لغو]:

صفحة 155 - الجزء 20

  فقالَ: أَنْشِدني شِعْرَك في المَرَئيِّ، فأَنْشَدَه، فلمَّا بَلَغَ هذا البَيْتَ قالَ لهُ الفَرَزْدقُ: حَسِّ أَعِدْ عليَّ، فأَعادَ، فقالَ: لاكَها والله مَنْ هو أَشدُّ فَكَّين منك.

  ومعْنَى قَوْله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ {بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ}⁣(⁣١). أَي لا يُؤَاخِذُكُم بالإِثْمِ في الحَلِفِ إذا كَفَّرْتُم؛ كما في المُحْكم.

  وفي النهايةِ: اللَّغْوُ سُقوطُ الإِثْمِ عن الحالِفِ إذا كفَّرَ يَمِينَه.

  وفي الصِّحاح: اللَّغْوُ في الأَيْمانِ ما لا يُعْقَدُ عليه القَلْب كقوْلِ الرَّجُل في كَلامِه: بَلَى واللهِ ولا واللهِ.

  وفي التهذيبِ حَكَاه الفرَّاء عن عائِشَةَ، رضِيَ الله تعالى عنها قال: وهو ما يَجْرِي في الكَلامِ على غيرِ عَقْدٍ، قالَ: وهو أَشْبَه ما قيل فيه مِن كلامِ العَرَبِ.

  وقالَ الحرالي: اللَّغْوُ ما تسبقُ إليه الألْسِنَة مِن القَوْلِ على غَيْرِ عَزْم قصدَ إليه.

  وقال الرَّاغِبُ: اللَّغْوُ مِن الكَلامِ ما لا يُعْتَدُّ به، وهو الذي لا يُورَدُ عن رَوِيَّةٍ وفَكْرٍ، وهو صَوْتُ العَصافِيرِ ونحوِها مِن الطُّيورِ. ولَغا الرَّجُلُ: تكلَّم باللَّغْوِ، وهو اخْتِلاطُ الكَلامِ، ويُسْتَعْملُ اللَّغْوُ فيمَا لا يُعْتدُّ به، ومنه اللّغْوُ في الأَيْمانِ أَي ما لا يَعْقِدُ عليه القَلْب⁣(⁣٢) وذلكَ ما يَجْرِي وَصْلاً للكَلامِ بضَرْبٍ مِن العادَةِ كَلا واللهِ وبَلَى واللهِ. قالَ: ومن الفرقِ اللطيفِ قولُ الخليلِ: اللَّغْطُ كَلامٌ بشيءٍ ليسَ من شأْنِك والكذِبُ كَلامٌ بشيءٍ تغرُّ به، والمحالُ كلامٌ بشيءٍ مُسْتَحيلٍ، والمُسْتقيمُ كلامٌ بشيءٍ مُنْتَظمٌ، واللّغْوُ كلامٌ بشيءٍ لم تُرِدْه، انتَهَى.

  وفي التهذيبِ: قالَ الأصْمعي: ذلك الشيء لكَ لَغْواً ولَغاً ولَغْوَى، وهو الشيءُ الذي لا يُعْتَدُّ به.

  وقالَ ابنُ الأعْرابي: لَغَا إذا حَلَفَ بيمينٍ بِلا اعْتِقادٍ.

  وفي الصِّحاح: لَغَا يَلْغُو لَغْواً، أَي قالَ باطِلاً. يقالُ: لَغَوْتُ باليمينِ.

  وقالَ ابنُ الأثير: قيلَ لَغْوُ اليمينِ هي التي يَحْلفُها الإنْسانُ ساهِياً أو ناسِياً، أو هو اليَمِينُ في المَعْصِيَةِ، أَو في الغَضَبِ، أَو في المِراءِ، أَو في الهَزْلِ.

  ولغَى في قوْلِه، كسَعَى ودَعا ورَضِيَ، يَلْغو لَغْواً ويَلْغَى، الأُوْلى عن الليْثِ، لَغاً ولاغِيةً ومَلْعْاةً: أَي أَخْطَأَ؛ أَنْشَدَ ابنُ برِّي لعبدِ المسيحِ بنِ عسلة:

  باكَرْتُه قَبْلَ أن تَلْغَى عَصافِرُه ... مُسْتَحْفِياً صاحِبي وغيره الحافِي⁣(⁣٣)

  قالَ: هكذا رُوِي تَلْغَى، وهو يدلُّ على أنَّ فِعْلَه لَغا⁣(⁣٤) إلَّا أن يقالَ فُتِح لحرْف الحَلْق، فيكونُ ماضِيَه لَغا ومُضارِعُه يَلْغُو ويَلْغَى، فاللَّاغِيَةُ هنا مَصْدَرٌ بمعْنَى اللّغْوِ كالعاقِبَةِ، والجَمْعُ اللَّواغِي، كَراغِيَةِ الإِبِلِ ورَواغِيها.

  وفي الحديثِ: «والحَمُولَةُ المائِرةُ لهم لاغيةٌ»، المائِرَةُ: الإِبِلُ التي تَحمِل المِيرةَ، ولاغِيةٌ: أَي مُلْغاة لا يُلْزَمون عليها صَدَقَة.

  وفي حديثِ سَلْمان: «إيَّاكُم ومَلْغاةَ أَوَّلِ الليلِ»، يريدُ السَّهَر فيه فإنَّه يَمْنَعُ مِن قِيامِ الليلِ؛ مَفْعَلَةٌ من اللَّغْوِ بمعْنَى الباطِلِ.

  وقُرِئَ: {وَالْغَوْا فِيهِ}⁣(⁣٥). والغُوا فيه، بالفَتْح والضم.

  وكلمةٌ لاغِيَةٌ: أَي فاحِشَةٌ؛ ومنه قوله تعالى: {لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً}⁣(⁣٦): قالَ ابنُ سِيدَه: وأُراهُ على النَّسَبِ، أَي ذات لَغْوٍ؛ وإِلَيْه ذَهَب الجَوْهرِي وقالَ: هو مثْلُ تامِرٍ ولابنٍ لصاحِبِ التمْرِ واللَّبَنِ.

  وقالَ الأزْهرِي: كلمةٌ لاغيةٌ، أي قَبيحةٌ أَو فاحِشَةٌ.

  وقالَ قُتادَةُ في تفْسِيرِ الآيةِ: أَي باطِلاً⁣(⁣٧)؛ وقالَ مجاهدٌ: أَي شَتْماً.

  واللَّغْوَى، كسَكْرَى: لَغَطُ القَطَا؛ وأَنْشَدَ ابنُ سِيدَه للرَّاعي:


(١) سورة البقرة، الآية ٢٢٥؛ وسورة المائدة، الآية ٨٩.

(٢) في المفردات: اللغو في الأيمان أي ما لا عقد عليه.

(٣) اللسان وكتب مصححه: قوله: مستخفياً كذا بالأصل ولعله مستخفياً، والخافي، بالخاء المعجمة فيهما أو بالجيم فيهما.

(٤) اللسان: لَغِي.

(٥) سورة فصلت، الآية ٢٦.

(٦) سورة الغاشية، الآية ١١.

(٧) في التهذيب: باطلاً ومأثماً.