تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لقي]:

صفحة 159 - الجزء 20

  * قُلْت: ولم يُبَيِّن الثلاثَةَ التي لم يَذْكُرها المصنِّف وأنا قد تَتَبَّعْت فوَجَدْت ذلكَ، فمن ذلكَ: اللَّقْيةُ واللَّقاةُ، بفَتْحِهما، كِلاهُما عن الأزْهرِي وقالَ في الأخيرِ: إنَّها مُولَّدةٌ ليسَتْ بفَصِيحةٍ، واللُّقاةُ، بالضم، ذَكَرَه ابنُ سِيدَه عن ابنِ جنِّي، قالَ: واسْتَضْعَفَها ودَفَعَها يَعْقوبُ فقالَ: هي مُولَّدةٌ ليسَتْ من كَلامِهم فكملَ بهذه الثلاثَةِ أَرْبَعة عَشَرَ على ما ذَكَرَه شيْخُنا، ولكن يقالُ: إنَّ عَدَمَ ذِكْرِ الأخيرَيْن لِكَوْنِهما مُولَّدين غَيْر فَصِيحَيْن، فلا يكونُ تَرْكُهما قُصُوراً من المصنِّفِ كما لا يَخْفَى، وعلى قَوْلِ مَنْ قالَ إنَّ التّلْقاءَ مَصْدرٌ كما سَيَأْتي عن الجَوْهرِي فيكونُ مَجْموعُ ذلكَ خَمْسَة عَشَر.

  وحَكَى ابنُ درستويه: لَقًى وَلقاه مثْلُ قَذًى وقَذاةٍ، مَصْدرُ قَذِيَت تَقْذَى.

  وقال شيْخُنا: وقوْلُه في تفْسِيرِ لَقِيَه: رآهُ، ممَّا نقدُوه وأَطالُوا فيه البَحْثَ ومَنَعُوه وقالوا: لا يلزمُ مِن الرُّؤْيةِ اللّقَى ولا مِن اللّقْي الرُّؤْيَةِ، فتأَمَّل، انتَهَى.

  وفي مهماتِ التَّعاريفِ للمَناوِي: اللّقاءُ اجْتِماعٌ بإقْبالٍ، ذَكَرَه الحرالي.

  وقال الإمامُ الرَّازي: اللِّقاءُ وُصُولُ أَحَد الجِسْمَيْن إلى الآخرِ بحيثُ يُماسّه شَخْصه.

  وقال الرَّاغبُ: هو مُقابلَةُ الشيءِ ومُصادَفَتُه معاً، ويُعبَّر به عن كلِّ منهما، ويقالُ ذلكَ في الإدْراكِ بالحسِّ والبَصَرِ⁣(⁣١)، انتَهَى.

  وقال ابنُ القطَّاع: لَقِيتُ الشيءَ: صادَفْتَه.

  وقال الأزْهرِي: كلُّ شيءٍ اسْتَقْبَل شيئاً فقد لَقِيَه وصادَفَه؛ كتَلَقَّاهُ والْتَقَاه؛ عن ابنِ سِيدَه.

  والاسْمُ التِّلْقاءُ، بالكسْر، وليس على الفِعْل إذ لو كانَ عليه لفُتِحَتِ التاءُ، وقيلَ: هو مَصْدرٌ نادِرٌ لا نَظِيرَ له غَيْرُ التّبْيانِ، هذا نَصّ المُحْكم، وبه تَعْلَم ما في كَلامِ المصنِّفِ مِن خَلْطِ اسْمِ المَصْدَر والمَصْدَر بالفِعْل، فإنَّ قوْلَه أَوّلاً والاسْمُ دلَّ على أنَّه اسْمُ المَصْدَر، وَتَنْظِيره بالتِّبْيانِ ثانياً دلَّ على أنَّه مَصْدرٌ بالفِعْل.

  قال شيخُنا: ولا قائِلَ في تِبْيان أنَّه اسْمُ مَصْدرٍ، انتَهَى.

  ولكن حيثُ أَوْرَدْنا سِياقَ ابن سِيدَه الذي اخْتَصَر منه المصنِّفُ قَوْله هذا ارْتَفَع الإشْكالُ.

  وفي العِنايَةِ أثْناءَ الأعْراف: تِلْقاء مَصْدَر وليسَ في المَصادِرِ تِفْعال بالكسْر غيرُه وتِبْيان.

  وقال الجَوْهرِي: والتِّلْقاءُ أَيْضاً مَصْدرٌ مِثْلُ اللّقاءِ؛ وقالَ:

  أَمَّلْتُ خَيْرَكَ هل تَأْتِي مَواعِدُه ... فاليَوْمَ قَصَّرَ عَنْ تِلْقائِه الأَمَلُ⁣(⁣٢)

  ومِن المجازِ: تَوَجَّه تِلْقاءَ النَّارِ⁣(⁣٣) وتِلْقاءَ فلانٍ؛ كما في الأساس.

  وفي الصِّحاح: جَلَسْتُ تِلْقاءَهُ أَي حِذَاءَهُ.

  وقالَ الخفاجي: قد توَسَّعُوا في التِّلْقاءِ فاسْتَعْملُوه ظَرْفَ مَكانٍ بمعْنَى جهَةِ اللَّقاءِ والمُقابَلَةِ ونَصَبُوه على الظَّرْفيةِ.

  وتَلاقَيْنا والْتَقَيْنا بمعْنًى واحِدٍ.

  ويومُ التَّلاقي: القيامَةُ لتَلاقِي أَهْلِ الأرْضِ والسَّماءِ فيه؛ كما في المُحْكم.

  واللَّقِيُّ، كغَنِيٍّ: المُلْتَقِي، بكسْرِ القافِ⁣(⁣٤)، وهما لَقِيَّانِ للمُلْتَقِيَيْن؛ كما في المُحْكم.

  ورجُلٌ لَقًى، كفَتًى، كما في النُّسخِ وضُبِطَ في نسخةِ المُحْكم كغنِيٍّ وهو الصَّوابُ، ومُلْقًّى، كمُكْرَمٍ، ومُلَقًّى، كمُعَظَّمٍ، ومَلْقِيٌّ، كمَرْمِيٍّ، ولَقَّاءٌ، كشَدَّادٍ، يكونُ ذلك في الخَيْرِ والشَّرِّ، وهو في الشَّرِّ أَكْثَرُ؛ كما في المُحْكم.


(١) زيد في المفردات: وبالبصيرة.

(٢) البيت للراعي كما في اللسان، وهو في ديوانه ط بيروت ص ١٩٨ برواية: «... عن تلقائك الأمل» وانظر تخريجه فيه.

(٣) في الأساس: تلقاء البلد.

(٤) في القاموس بفتح القاف.