تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مأي]:

صفحة 175 - الجزء 20

  مُؤُونَ، بضم الميمِ، ومِيءٌ، كمِعٍ، وأَنْكَرَ هذه سِيْبَوَيْه، لأنَّ بناتَ الحَرْفَيْن لا يُفْعل بها كذا، يَعْني أنَّهم لا يَجْمَعونَ عليها ما قد ذَهَبَ منها في الإفْرادِ ثم حذفَ الهاء في الجَمْعِ لأنَّ ذلكَ إجْحافٌ في الاسْمِ، وإنَّما هو عنْدَ أَبي عليٍّ مِئَيٌ؛ وقولُ الشاعِرِ:

  وحاتِمُ الطائِيُّ وهَّابُ المِئِي⁣(⁣١)

  إِنَّما أَرادَ المِئِيَّ فحذَفَ؛ وفي المُحْكم: فخفَّف؛ كما قالَ:

  أَلَمْ تكُنْ تَحْلِفُ باللهِ العَلِيّ ... إنَّ مطاياكَ لَمِنْ خَيْرِ المَطِي

  ومِثْلُه قولُ مُزَرّد:

  وما زَوّدُوني غيرِ سَحْقِ عَمامَةٍ ... وخَمْسِمِئٍ منها قَسِيٌّ وزائفُ⁣(⁣٢)

  أَرادَ: مُئِيٌّ فُعُول كحِلْيةٍ وحُلِيِّ.

  وقالوا: ثَلَثُمِائَةٍ أَضافُوا أَدْنَى العَدَدِ إلى الواحِدِ لدَلالتِهِ على الجَمْعِ كقولِهِ:

  في حَلْقِكُم عَظْمٌ وقد شَجِينا

  وهو شاذٌ. وقال سيبويه: يقالُ ثَلَثُمائةٍ، وكانَ حَقّه أَن يقالَ⁣(⁣٣): ثلاثٌ مِئاتٍ وثلاثُ مِئِينَ كما تقول ثلاثَةُ آلافُ، لأنَّ ما بينَ الثلاثَةِ إلى العَشرةِ يكون جماعَةً نحو ثَلاثَة رجالٍ وعَشرة رِجال ولكنَّهم شبَّهوه بأَحَد عَشَرَ وثَلاثَة عَشَر، كما نقلَهُ الجَوْهرِي.

  قالَ ابنُ سِيدَه: والأَوَّلُ أَكْثَرُ على شُذوذِهِ.

  قالَ الجَوْهرِي: ومَنْ قال مِئِينٌ ورَفَع النونَ بالتَّنْوينِ ففي تَقْديرِهِ قَوْلان: أَحَدُهما: فِعْلِينٌ مِثال غِسْلينٍ، وهو قولُ الأخْفَش وهو شاذٌّ؛ والآخَرُ: فِعِيل، كسرَ الفَاء لكَسْرةِ ما بَعْده، وأَصْلُه: مِئِيٌّ ومُئِيٌّ مِثالُ عِصِيٍّ وعُصِيٍّ، فأَبْدلَ من الياءِ نوناً. وأَمَّا قولُ الشاعِرَيْن: وهَّابُ المِئِي، وخَمْسِمِئٍ، فهما عنْد الأخْفَش مَحْذُوفانِ مُرَخَّمان.

  وحُكِيَ عن يونس: أنه جمعٌ بطَرْحِ الهاءِ مِثْل تَمْرةٍ وتَمْرٍ، وهذا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لأنَّه لو أَرادَ ذلكَ لقالَ مِأًى مِثالُ مِعًى، كما قالوا في جَمْع لِثةٍ لِثًى، وفي جَمْع ثُبةٍ ثُبًى، ا ه.

  والنِّسْبَةُ إلى المِائَةِ في قولِ سِيْبَوَيْه ويونس جمِيعاً فيمَنْ رَدَّ اللامَ مِئَوِيٌّ، كمِعَوِيِّ؛ ووَجْهُ أنَّ مِائَةٌ أَصْلُها، عنْدَ الجماعَةِ، مِئْيَة ساكِنَة العَيْن، فلمَّا حُذِفَتِ اللامُ تَخْفِيفاً جاوَرَتِ العَيْنُ تاءَ التَّأَنِيثِ فانْفَتَحَتْ على العادَةِ والعُرْفِ فقيلَ مائة، فإذا رَدَدْت اللامَ فمذْهَب سيبويه أَنْ تقرَّ⁣(⁣٤) العَيْنِ بحالِها متحرِّكةً، وقد كانتْ قَبْلَ الرَّدّ مَفْتوحةً فتَنْقَلِب لها اللام أَلِفاً فيَصِيرُ تَقْديرُها مِئاً كثِناً، فإذا أَضْفَت إليها أَبْدَلْت الألفَ واواً فقُلْت: مِئَويٌّ كثِنَويِّ.

  وأمَّا مَذْهب يونس فإنَّه كانَ إذا نَسَبَ فَعْلة أَو فِعْلة ممَّا لامَه ياءً أَجْراهُ مُجْرى ما أَصْلَه فَعِلة أَو فِعِلة، فيقول في الإضافَةِ إلى ظَبْيَة ظَبَوِيٌّ، ويحتجُّ بقولِ العربِ في النّسَبِ إلى بطْيَة بِطَويّ وإلى زِنْيَة زِنَوِيّ، فقِياسُ هذا أنْ يجري فِئَة⁣(⁣٥) وإن كانتْ فِعْلة مَجْرى فِعَلة فيقول منها مِئَوِيٌّ فيَتَّفِقُ اللَّفْظان من أَصْلَيْن مُخْتَلِفَيْن.

  وأَمْأَى القومُ: صارُوا مِائَةٌ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي؛ فَهُم مُمْؤُونَ، كمُعْطُون، أَصْلُه ممأوون؛ وأَمْأَيْتُهم أَنا: تَمَّمْتهم مِائَةً، وتقدَّمَ عن ابنِ الأَعْرابي الفَرْقَ بينَ مَأَى القَوْم وأَمْأَى.

  وقالَ الكِسائي: كانَ القومُ تِسْعَة وتِسْعِين فَامْأَيْتُهم، بأَلِفٍ مِثْل أَفْعَلْتُهم، وكذا في الألْف آلَفْتُهم، وكذا إذا صارُوا هم كَذلكَ قُلْت: أَمْأَوْا وآلَفُوا إذا صارُوا مِائَةً وأَلْفاً؛ نقلَهُ الأزْهري.

  وفي المُحْكم: أَمْأَتِ الدَّراهِمُ والإِبِلُ وسائِرُ الأنْواعِ: صارَتْ مِائَةً؛ وأَمْأَيْتُها: جَعَلْتُها مِائَةً.


(١) الصحاح واللسان ونسبه لامرأة من بني عقيل تفخر بأخوالها من اليمن، وقال أبو زيد إنه للعامرية، والتكملة، وقبله فيهما:

حيدة خالي ولقيط وعلي

(٢) الصحاح والتهذيب واللسان وفيه: سحق عباءة.

(٣) في القاموس بالرفع والنصب ظاهر.

(٤) في اللسان: أن تقرأ العين.

(٥) اللسان: مئة.