[هبب]:
  وويْبِ غَيْرِهِ بكسره، مع الإِضافة للمُنْفَصِل(١)، وهاتان عن أَبي عَمْرٍو(٢)، ووَيْبَ زَيْدٍ بكسر الباءِ وفتحها معاً، ووَيْبِ فُلانٌ بكَسْرِ الباءِ على البِناءِ ورَفْعِ فُلان مبتدأً أَو خَبَراً.
  وهذا عن ابنِ الأَعْرَابيِّ، وقال: إِلّا بني أَسَدٍ، لم يزد على ذلك، ولا فَسَّرَه، وهو استعمالٌ غريب، وقد نقله البَكْرِيُّ في شرح أَمالي القالي، ويُفْهَمُ من قوله: إِلّا بنِي أَسدٍ، أَي: فإِنهم يَفتَحُون الباءَ ومَعْنَى الكُلِّ: أَلْزَمَهُ اللهُ تعالَى وَيْلاً نُصبَ نَصْبَ المصادر، وهو المشهور. ودَعْوَى الفِعْلِيَّة فيها شاذٌّ. وقد وقَعَ في بعض حواشي شرحِ الرَّضِيّ، فليُنْظَرْ.
  وفي اللّسَان: فإِن جئْتَ باللَّامِ، رَفَعْتَ، فقُلْتَ: وَيْبٌ لِزَيْدٍ، ونَصبتَ مُنَوّناً، فقلت: وَيْباً(٣) لِزَيْدٍ. فالرفعُ مع اللَّام على الابتداءِ أَجْوَدُ من النَّصب، والنَّصْبُ مع الإِضافة أَجْوَدُ من النَّصب، والنَّصْبُ مع الإِضافة أَجْوَدُ من الرَّفْع. قال الكِسائيّ: من العرب مَنْ يقولُ: وَيْبَكَ، ووَيْبَ غَيْرِك؛ ومنهم من يقولُ: وَيْباً لِزَيْد، كقولك: وَيْلاً لِزَيْدٍ. وفي حديث إِسلامِ كَعْبِ بن زُهَيْرٍ:
  أَلا أَبْلِغا عنِّي بُجَيْراً رِسَالَةً ... على أَيِّ شَيْءٍ وَيْبَ غَيْرِكَ دَلَّكَا
  قال ابنُ بَرِّيّ: في حاشية الكتاب بيتٌ شاهدٌ على ويْب، بمعنى وَيْل، لِذي الخِرَقِ الطُّهَوِيّ يُخَاطِب ذئباً تَبِعَهُ في طريقه:
  حَسِبْتَ بُغامَ راحِلَتِي عَنَاقاً ... وما هِيَ ويْبَ غَيْرِكَ بالعَنَاقِ
  فلو أَنِّي رَمَيْتُكَ من قَرِيبٍ ... لَعاقَكَ عن دُعَاءِ الذِّئْبِ عَاقِ
  قوله: عَنَاقاً، أَي: بُغامَ عَناقٍ(٤). وحكَى ثعلب: وَيْب فُلانٍ، ولم يَزِدْ(٥). والمصنِّف زاد على ما ذَكرُوه عُمُومَ استعماله بالمُوَحَّدة الجارَّة بدل اللّام، وإِضافتَهُ للغائب في وَيْبَه، كما أُضِيفَ في اللُّغَة العامَّة إِلى ضمير المتكلِّم، وإِضافتُه إِلى الظّاهر مشهورٌ، كوَيْل. قاله شيخُنا. ووَيْباً لِهَذَا الأَمْرِ: أَيْ عَجَباً له، ووَيْبهُ: كَوَيْلَهُ.
  والوَيْبَةُ، على وَزْن شَيْبَةٍ. اثنانِ أَوْ أَرْبعَةٌ وعِشْرُونَ مُدًّا.
  والمُدُّ يَأْتي بيانه في م ك ك لم يذكُرْه الجوهريُّ ولا ابنُ فارسٍ، بل توقَّفَ فيه ابْنُ دُرَيْدٍ. والصَّحِيحُ أَنَّهَا مُوَلَّدَة، استعملها أَهْلُ الشّامِ ومِصْرَ وإِفْرَيقَيَّةَ.
فصل الهاء
  [هبب]: الهَبُّ، والهُبُوبُ، بالضم: ثَوَرَانُ الرِّيحِ، كالهَبِيبِ. في المحكم: هَبَّت الرِّيحُ، تَهُبُّ هُبُوباً، وهَبِيباً: ثارَتْ، وهاجَتْ. وقال ابن دُرَيْد: هَبَّ هَبًّا، وليس بالعَالي في اللغَة، يعني: أَنّ المعروفَ إِنّما هو الهُبُوب، والهَبِيبُ.
  قلتُ: فالمُصَنِّفُ قدّمَ غيرَ المعروف على ما هو مستعملٌ معروف. وفي بغية الآمال، لِأَبي جعفر اللَّبْلِيّ: أَنَّ القِيَاس في فَعَلَ المفتوحِ اللازم المُضَاعَف أَن يكونَ مُضَارِعُهُ بالكسر، إِلّا الأَفعالَ الثّمانيةَ والعشرينَ، منها: هَبَّتِ الرِّيحُ.
  والهَبّ، والهُبُوبُ، والهَبِيبُ: الانْتِباهُ مِنَ النَّوْمِ، هَبَّ، يَهُبُّ. وأَنشد ثعلبٌ:
  فَحَيَّتْ فحَيَّاهَا فهَبَّ فحَلَّقَت ... مَعَ النَّجْمِ رُؤْيَا في المَنَامِ كَذُوبُ
  وأَهَبَّ اللهُ الرِّيحَ، وأَهَبَّهُ من نَوْمِه: نَبَّهَهُ، وأَهْبَبْتُه أَنا.
  قال شيخُنَا: هَبَّ من نَوْمِهِ، من الأَفعال الّتي استعملَتها العربُ لازِمَةً كما هو المشهور، ومتعدِّيةً أَيضاً، يقال: هَبَّ من نَوْمِهِ، وهَبَّه غَيْرُهُ؛ واستدلُّوا لذلك بقوله تعالَى في قراءَةٍ شاذَّةٍ: قالُوا يا وَيْلَنَا مَنْ هَبَّنا من مَرْقَدِنا بدل قوله تعالى في المُتَواتِرَة {مَنْ بَعَثَنا}(٦) وقالوا: هَبَّنا معناه: أَيْقَظَنا وبَعَثَنا، وأَنّه يُقَال: هَبَّنا ثُلاثِيًّا متعدّياً، كأَهَبَّنا رُباعِيًّا.
  والقراءَةُ نقلها البيضاويُّ وغيرُه، وجعلوا الثُّلاثيَّ والمَزيدَ بمعنًى. ولكِنَّ ابْنَ جِنِّي في المُحْتَسب أَنكر هذه القِراءَة، وقال: لم أَرَ لهذا أَصْلاً، إِلّا أَن يكونَ على الحذف والإِيصال، وأَصلُهُ هَبَّ بنَا، أَي: أَيْقَظَنَا. انتهى.
(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله الإضافة للمنفصل لعل مراده بالمنفصل ما عدا الضمير المتصل فيشمل لفظ غير».
(٢) في التكملة: أبي عمر.
(٣) اللسان: ويلاً.
(٤) أراد أنه حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه. وقوله: عاق، أراد: عائق.
(٥) قال ابن جني: لم يستعملوا من الويب فعلا، لما كان يعقب من اجتماع اعلال فائه كوعد، وعينه كباع.
(٦) سورة يس الآية ٥٢.