تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هبب]:

صفحة 482 - الجزء 2

  وفي الأَساس، ريحٌ هابَّةٌ، وهَبَّت هُبُوباً، وأَهَبَّها الله، واسْتَهَبَّها. وجعل هَبَّ من نومه: انْتَبهَ، من المَجَاز.

  ومنهُ أَيضاً، الهَبُّ: ال نَّشاطُ ما كانَ. ورَوَى النَّضْرُ بنُ شُمَيْل بإِسناده في حديثٍ رواه عن رَغْبَانَ⁣(⁣١) قال: «لقد رأَيتُ أَصحابَ رسولِ الله، ، يَهُبُّونَ إِلَيْهِما⁣(⁣٢) كما يَهُبُّونَ إِلى المكتوبة»، يعني: الرَّكْعَتَيْنِ قبل المَغْرِب. أَي: يَنْهَضُونَ إِليهما⁣(⁣٣). قال النَّضْرُ: قولُهُ يَهُبُّونَ، أَي: يَسْعَوْن.

  وكُلُّ سائرٍ. هَبَّ، يَهِبّ، بالكَسْرِ، هَبّاً، وهُبُوباً: نَشِطَ.

  وهُبُوبُه: سُرْعَتُه، كالهِبَابِ، بالكَسْرِ: النَّشاط. وهَبَّتِ النّاقةُ في سَيرها، تَهُبُّ، بالضّمّ⁣(⁣٤)، هِبَاباً: أَسْرَعَت، وحكى اللِّحْيَانيّ: هَبَّ البعيرُ، مثلُه، أَي نَشِطَ، قال لَبِيدٌ:

  فَلَها هِبابٌ في الزِّمامِ كأَنَّها ... صَهْباءُ راحَ مع الجَنُوب جَهَامُها

  وإِنَّه لَحَسَنُ الهِبَّة، بالكَسْرِ يُرَادُ به الحالُ.

  والهِبَّةُ: القِطْعَةُ من الثَّوْبِ.

  والهِبَّةُ: الخِرْقَةُ. ج هِبَبٌ كعِنَبٍ؛ قالَ أَبو زُبَيْدٍ:

  غَذاهُمَا بدِمَاءِ القَوْمِ إِذْ شَدَنا ... فما يَزالُ لِوَصْلَىْ راكِبٍ يَضَعُ

  على جَنَاجِنِهِ من ثَوْبِهِ هِبَبٌ ... وفيه مِن صائكٍ مُسْتَكْرَهٍ دُفَعُ

  يَصِفُ أَسداً أَتى لِشِبْلَيْهِ [بوَصْلَىْ راكبٍ]⁣(⁣٥) والوَصْلُ: كلُّ مَفْصِل تامٍّ، مثّل مَفْصِلِ العَجُزِ من الظَّهْر. والهاءُ في «جَنَاجِنِه» تعودُ إِلى الأَسد؛ وفي «ثوبِه» إِلى الرّاكب.

  وَيَضَعُ: يَعْدُو. والصّائِكُ: اللّاصِقُ.

  ومن المَجَاز: الهِبَّةُ: مَضاءُ السَّيْفِ في الضَّرِيبَةِ، وهِزَّتُهُ. وفي الصَّحاح: هَزَزْتُ السَّيْفَ والرُّمْحَ، فهَبَّ هَبَّةً؛ وهَبَّتُهُ: هِزَّتُهُ، ومَضَاؤُه في الضَّرِيبَة. وحَكى اللِّحْيَانيُّ: اتَّقِ هَبَّةَ السَّيْفِ، وهِبَّتَه. وسيف ذو هَبَّةٍ: أَي مضاءٍ في الضَّرِيبة؛ قال:

  جلا القَطْرُ عن أَطْلالِ سَلْمَى كأَنَّما ... جَلا القَيْنُ عن ذي هَبَّةٍ داثِرَ الغِمْدِ

  وإِنَّهُ لَذُو هَبَّةٍ: إِذا كانت له وقعة شديدة.

  والهَبَّةُ، أَيضاً: السّاعَةُ تَبْقَى من السَّحَرِ، رواه الجوهريُّ عن الأَصمعيّ.

  ومن المجاز: عِشنا بذلك هِبَّةً، وهي الحِقْبَةُ من الدَّهْرِ، كما يقال: سَبَّةً، كذا في الصَّحاح، وهو المَرْوِيُّ عن أَبي زيدٍ، ويُفْتَحُ فِيهِما، أَي: في اللَّذَيْن ذُكِرَا قريباً. وهذا غيرُ مشهورٍ عندَ أَئمّةِ اللُّغَة، وإِنّما الوَجْهَانِ في الهَبَّة بمعنى هَزِّ السَّيْف ومَضائِهِ، كما أَسلفناه آنِفاً. وأَمّا ما عداه، فلم يُذْكَرْ فيه إِلّا الكسرُ فقط⁣(⁣٦).

  وهَبَّهُ السَّيْفُ، يَهُبّ، هَبّاً، وهَبَّةً بالفتح، وهِبَّةً بالكسر.

  وهذا كلامه يؤيّد⁣(⁣٧) ما قلناه. وعن شَمِر: هَبَّ السَّيْفُ، وأَهْبَبْتُ السَّيْفَ: إِذا هَزَزْتَهُ، فاهْتَبَّهُ، وهَبَّهُ، أَي: قَطَعَهُ.

  ومن المَجَاز: الهِبَّةُ، بالكسر: هِياجُ الفَحْلِ.

  وهَبَّ التَّيْسُ، يهِبُّ بالكسر، وعليه اقتصر الجَوْهَرِيّ، وهو القياس، وَيَهُبُّ بالضَّمِّ شُذُوذاً، وهو غيرُ معروفٍ في دَواوينِ اللُّغَة، ولكنّا أَسلفنا النّقل عن أَبي جعفرٍ اللَّبْلِيّ أَنّه من جملة الأَفعال الثّمانية والعِشْرِين، وبه صرَّحَ ابْنُ مالك.

  ثمّ رأَيْتُ الصّاغانيَّ نقله عن الفَرَّاءِ⁣(⁣٨). فقولُ شيخِنا: في كلام المصنف نَظَرٌ، لا يخلُو من تَأَمُّلٍ. هَبِيباً، وهِبَاباً، وهِبَّةً بالكسر فيهما: هاجَ، نَبَّ لِلسِّفادِ، كاهْتَبَّ، وهَبْهَبَ. وقيلَ: الهَبْهَبَةُ: صوتُهُ عندَ السِّفاد. وفي المحكم: وهَبَّ الفَحْلُ من الإِبِل وغيرِها، يَهِبُّ، هِبَاباً، وهَبِيباً، واهْتَبَّ: أَرادَ السِّفادَ.

  وهَبَّ السَّيْفُ، يَهُبُّ، هَبَّةً، وهَبّاً: اهْتَزَّ. الأَخيرَةُ عن أَبي زيد. وأَهَبَّهُ: هَزَّهُ، عن اللّحيانيّ. وقال الأَزهريّ: السَّيْفُ يَهُبُّ، إِذا هُزَّ، هَبَّةً. وقد تقدَّمَ.


(١) عن اللسان، وبالأصل «زعبان».

(٢) عن التهذيب، وفي الأصل «إليها».

(٣) في الأصل «إليها» وما أثبتناه عن التهذيب والتكملة.

(٤) ضبط اللسان: تَهِبُّ ضبط قلم.

(٥) زيادة عن اللسان.

(٦) ضبطت في التهذيب هبة بالفتح ضبط قلم. وفي اللسان أيضاً ضبط قلم بالكسر والفتح.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: قوله كلامه يؤيد لعله كله مؤيد.

(٨) وفي اللسان ضبطت يَهِبُّ ضبط قلم بالكسر والضم.