تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهاء

صفحة 483 - الجزء 2

  ومن المَجَاز يقال: هَبَّ فُلانٌ حيناً، ثمّ قَدمَ، أَي: غابَ دَهْراً ثمّ قَدمَ، وهذا عن يُونُسَ. وناسٌ يقولون غابَ فلانٌ ثم هَبَّ، وهو أَشْبَه، قال الأَزهريّ: وكأَنّ الّذِي حُكِيَ عن يُونُسَ أَصلُه من هَبَّة الدَّهْرِ⁣(⁣١). وقال ابن الأَعْرَابيّ: هُبَّ، بالضَّمّ: إِذا نُبِّهَ، وهَبَّ، بالفتح، في الحَرْبِ: إِذا انْهَزَمَ.

  ومن المجاز: هَبَّ فلانٌ يَفْعَلُ كَذَا، كما تقولُ: طَفِقَ يَفعَل كذا.

  ووقع بعض الأَحاديثِ «هَبَّ التَّيْسُ» أَي: هاجَ للسِّفادِ، وقد تقدَّم.

  وهَبَبْتُ بِهِ:(⁣٢) دَعَوْتُهُ لِيَنْزُوَ، فَتَهَبْهَبَ: تَزَعْزَعَ، وقَوْلُ الجَوْهَرِيّ: هَبَبْتُهُ، خَطَأٌ. والّذي نقله المصنّف عن الصَّحاح، هو الصَّحِيح؛ ونَصُّه: هَبَبْتُهُ، لا هَبَبْتُ به، والنُّسْخة الّتي نقلت منها هي بخطّ ياقوت صاحبِ المُعْجَم، موثوقٌ بها؛ لأَنَّها قُوبِلَتْ على نسخة أَبي زَكَرِيّا التِّبْرِيزِيّ وأَبِي سَهْل الهَروِيّ. فقول شيخِنا: فيه نَظرٌ، دلَّ على أَنّ كلامَهُ هو الخطأُ. فإِنّ هذا اللَّفظَ، لم يَثْبُتْ في الصَّحاح، ولا قاله الجوهريُّ، وكأَنّ نُسخَتَهُ مُحرَّفةٌ، فبَنَى⁣(⁣٣) على التَّحريف، وخَطَّأَ بِناءً على التَّوْهِيم، والجوهريّ هو العالم العَرِيف بأَنواع التَّصْرِيف، فإِنّه إِنَّما قال: هَبْهَبْته، بهاءَيْنِ وباءَيْن، وهو الصَّواب، انتهى، مَحَلُّ تَأَمُّلٍ ونَظَرٍ. فإِنّ الصَّحيحَ ما ذكرناه منقولاً؛ على أَنِّي رأَيتُ الصّاغانيَّ حدَّدَ سَهْمَ مَلامِه على الجَوْهَرِيِّ، ونقل عنه مثلَ ما ذهبَ إِليه شيخُنا: وهَبْهبْته: دَعَوته، هكذا في التكملة. والعجب من كلام شيخنا، فيما بعد، ما نَصَّه: فالمصنف، ¦، زنّى، فحدَّ. وإِلا فنسخنا المصححَة وغيرُها من نُسَخ راجعناها كثيرة، كُلّها خالية عن دعواه، انتهى، وحَقيقٌ أَن ينشَد:

  فَكَمْ من عائِبٍ قولاً صَحيحاً ... وآفَتُه من النُّسَخِ السَّقِيمَهْ

  والهَبْهَبَة؛ السُّرْعةُ.

  و: ترقْرُقُ السَّرَابِ، أَي: لمعانُهُ. وقد هبْهَبَ هَبْهَبَةً.

  والهَبْهَبَة: الزَّجْرُ، والفِعْلُ منه: هَبْ هبْ، وبعضُهُم خَصَّهُ بالخَيْل، وسيأْتي في: هاب، وهو في روض السُّهيْليّ الّذي استدركه شيخنا ناقلاً عنه. وفي لسان العرب: وهَبْهَبَ: إِذا زَجَرَ، فكيف يَدَّعِي أَنّ المصنِّف غَفَلَ عنه تقصيراً؟ يا للهِ لِلْعَجَبِ.

  والهَبْهَبَةُ الانْتِبَاهُ من النَّوْم.

  والهَبْهَبَةُ الذَّبْحُ، يقال: هَبْهَبَ: إِذا ذَبَحَ.

  والهَبْهَبِيُّ: الرَّجُلُ الحَسَنُ الحُدَاءِ.

  وهو أَيضاً الحَسَنُ الخِدْمَةِ، وكُل مُحْسِنِ مهْنَةٍ⁣(⁣٤): هَبْهَبِيٌّ. وخصَّ بعضُهم به الطَّبّاخَ والشَّوَّاءَ. وعن ابنِ الأَعْرَابِيِّ: الهبْهَبِيُّ القَصّاب، وكذلك الفَغْفَغِيّ.

  والهَبْهَبِيُّ السَّرِيعُ، والاسمُ الهَبْهَبَةُ، وقد تقدّم، كالهَبْهَبِ، والهَبْهَابِ، بالفتح فيهما. والهَبْهَبِيُّ الجَمَلُ الخَفِيفُ⁣(⁣٥)، وهي بهاءٍ، يقال: ناقةٌ هَبْهَبِيَّةٌ: سريعةٌ خَفِيفةٌ؛ قال ابْنُ أَحْمَرَ:

  تَمَاثِيلَ قِرْطاسٍ علَى هَبْهَبِيَّةٍ ... نَضَا⁣(⁣٦) الكُورُ عن لَحْمٍ لها مُتَخَدِّدِ

  أَراد بالتّماثِيل: كُتُباً يَكْتُبُونَها، كذا في لسان العرب.

  وفي الصحاح: الهَبْهَبِيُّ: رَاعِي الغَنَمِ⁣(⁣٧)، واقتَصر على ذلك، أَوْ تَيْسُها. وقد قدّمه ابْنُ منظور، وأَنشد:

  كَأَنَّهُ هَبْهَبِيٌّ نامَ عن غَنَمٍ ... مُسْتَأْوِرٌ في سَوادِ اللَّيْلِ مَذْؤُوبُ

  والهَبْهابُ: الصَّيَّاحُ، كَكَتَّان.

  والهَبْهابُ: اسْمٌ من أَسماءِ السَّرابِ، وفي المحكم: الهَبْهَابُ: السَّرَابُ.

  وهَبْهَبَ السَّرابُ، هَبْهَبَةً: إِذا تَرَقرقَ.


(١) لم يرد في التهذيب، وأثبته عن الأزهري في اللسان والتكملة.

(٢) في الصحاح واللسان: وهبهبته: دعوته ... ومثله في التكملة عن الصحاح، قال الصاغاني: والصواب: وهبهبت به: دعوته.

(٣) في الأصل «فبقى» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله فبقى لعله فبنى بدليل ما بعده.

(٤) عن اللسان، وبالأصل «بهنة».

(٥) في اللسان: والهبهب والهبهبي: الجمل السريع.

(٦) كذا بالأصل واللسان والتكملة، وفي التهذيب: جلا.

(٧) في الصحاح: الراعي.