تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نأو]:

صفحة 213 - الجزء 20

  ويقالُ: نَبَتْ بي تِلْكَ⁣(⁣١): أَي لم أَجِدْ بها قراراً.

  ومِن المجازِ: نَبَا جَنْبُه عن الفِراشِ: إذا لم يَطْمَئِنَّ عليه، وهو كقولهم: أقض عليه مَضْجَعَه.

  ومن المجازِ: نَبَا السَّهْمُ عن الهَدَفِ نَبْواً: قَصَّرَ.

  والنَّابِيَهُ: القَوْسُ التي نَبَتْ عن وَتَرِها، أَي تجافَتْ، عن ابن الأعرابي.

  والنَّبِيُّ، كغَنِيٍّ: الطَّريقُ الواضِحُ والأَنْبياءُ طُرُقُ الهُدَى؛ قالَهُ الكِسائي. وقد ذَكَرَه المصنِّفْ أيْضاً في الهَمْزةِ.

  والنَّبِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: سُفْرَةٌ مِن خُوصٍ؛ كلمةٌ فارِسِيَّةٌ مُعَرَّبُها النَّفِيَّةُ بالفاءِ، وتقدَّمَ في «ت ف ف».

  ونَصُّ التكملةِ: قال أبو حاتمٍ: وأَمَّا أَهْلُ البَصْرةِ فيقولونَ النَّبِيَّةُ بالفارِسِيَّةِ، فإن عَرَّبْتها قلْتَ النَّفِيَّة بالفاءِ، أَي السُّفْرَةُ المَنْسوجةُ مِن خُوصٍ، انتَهَى.

  قلْتُ: تقدَّمَ له هنالك أنَّها سُفْرَةٌ من خُوصٍ مُدوَّرَة، ومُقْتضاهُ أَنَّه بتَشْديدِ الفاءِ، ثم قالَ في آخرِه ويقالُ لها أَيْضاً نَفِيَّة جَمْعُه نَفي، كنَهيَّةٍ ونِهى، أَي بالكَسْر، وأَحالَهُ على المُعْتل، وسَيَأْتي له في «ن ف ي» النَّفْيَةُ، بالفتح، وكغَنِيَّ سُفْرَةٌ من خُوصٍ، يشررُ عليها الأقِطُ، وفي كَلامِه نَظَرٌ مِن وُجُوهٍ.

  الأول: التَّخالفُ في الضَّبْط فذِكُرُه في «ن ف ف» دلَّ على أنَّه بتَشْديدِ الفاءِ، وقَوْله في الآخر: ويقالُ إلى آخره، دلَّ على أنَّه بالكَسْر ثم ضَبَطَه في المُعْتل بالفَتْح، وقال هنا كغَنِيَّة، واقْتَصَرَ عليه، ولم يَتَعرَّض لفَتْح ولا لكَسْر، فإذا كانتِ الكَلِمةُ مُتّفِقَةَ المَعْنى فما هذه المُخالَفَة.

  الثَّاني: اقْتِصارُه هنا على سُفْرةٍ مِن خُوصٍ، وفي الفاءِ سُفْرَة تُتَّخَذُ من خُوصٍ مُدوَّرَة؛ وقوْلُه فيمَا بَعْد: سُفْرَة مِن خُوص يشررُ عليها الأقِطُ، فلو أَحالَ الواحِدَة على ما بَقيَ مِن لُغاتِها كانَ أَجْودُ لصَنْعتِه.

  الثَّالث: ذكره هنا في هذا الحَرْف تِبْعاً للصَّاغاني، وقيلَ هو النثِّيَّة، بالثاءِ المُثَلَّثَةِ المُشَدَّدة المَكْسُورة، كما قالَهُ أبو تُرابٍ، والفاءُ تُبْدَل عن ثاءٍ كثيراً. وفاتَهُ من لُغاتِه النُّفتة بالضم والتَاءِ الفَوْقِيَةِ نقلَهُ الزَّمَخْشري عن النَّضْر، وسَيَأْتي لذلكَ مَزِيد إيْضاح في «ن ف ي»، فتأمَّل ذلكَ حَقّ التأمّل.

  والنَّباوَةُ: ما ارْتَفَعَ من الأرضِ كالنَّبْوةِ والنَّبِيِّ، كغَنِيٍّ؛ ومنه الحديثُ: «فأُتِي بثلاثَةِ قِرَصةٍ فوُضِعَتْ على نَبِيٍّ»، أَي على شيءٍ مُرْتَفِعٍ مِن الأرضِ. وفي حديثٍ آخَر: «لا تُصَلُّوا على النَّبِيِّ أَي على الأرضِ المُرْتفِعَةِ المُحْدَوْدبةِ؛ ومن هنا يُسْتَظْرف ويقالُ: صَلّوا على النَّبِيءِ ولا تُصَلُّوا على النّبِيِّ، وقد ذُكِرَ ذلكَ في الهَمْزِ.

  ويقالُ: النَّبِيُّ: عَلَمٌ من أَعْلامِ الأرضِ التي يُهْتدَى بها؛ قالَ بعضُهم: ومنه اشْتِقاقُ النَّبيَّ لأنَّه أَرْفَع خَلْقِ الله ولأنّهُ يُهْتَدى به؛ وقد تقدَّمَ في الهَمْزةِ.

  وقال ابنُ السِّكِّيت، فإن جَعَلْت النَّبِيَّ مَأْخوذاً من النَّباوَةِ أَي أنَّه شُرِّفَ على سائِرِ الخَلْق،. فأَصْله غَيْر الهَمْزة، وهو فَعِيل بمعْنَى مَفْعولٍ، تَصْغيرُه نُبَيٌّ، والجَمْعُ أَنْبياءُ؛ وأَمَّا قولُ أَوْسِ بنِ حجرٍ يَرْثِي فُضالَةَ بنِ كلْدَةَ الأسَديّ:

  على السَّيِّدِ الصَّعْبِ لو أَنَّه ... يَقُومُ على ذِرْوةِ الصَّاقِبِ

  لأَصْبَح رَتْماً دُقاقَ الحَصَى ... مَكانَ النَّبيِّ من الكاثِبِ⁣(⁣٢)

  قال النَّبِيُّ: المَكانُ المُرْتَفِعُ؛ والكاثِبُ: الرمْلُ المُجْتمِعُ؛ وقيلَ: النَّبِيُّ ما نَبَا مِنَ الحِجارَةِ إذا نَحَلَتْها الحَوافِرُ، ويقالُ: الكاثِبُ جَبَلٌ وحَوْله رَوابٍ يقالُ لها النَّبيُّ، الواحِدُ نابٍ مثْل غازٍ وغَزِيِّ، يقولُ: لو قامَ فُضالَةُ على الصاقِبِ، وهو جَبَلٌ، لَذَلَّلَهُ وتَسَهَّل له حتى يَصِيرَ


(١) كذا، وفي اللسان: تلك الأرض.

(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٠ برواية:

على الأروع السقب لو أنه

وفيه «كمتن» بدل «مكان» والمثبت كرواية اللسان والصحاح والثاني في التهذيب.