تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حدث]:

صفحة 190 - الجزء 3

  وحِدْثانُ الأَمْرِ، بالكسْرِ: أَوَّلُه وابْتِداؤُه، كحَدَاثَتِهِ، يقال: أَخَذَ الأَمْر بِحِدْثَانِهِ وحدَاثَتِه، أَي بأَوَّلِهِ وابْتِدائِه، وفي حَديثِ عائِشَةَ، ^، «لو لا حِدْثانُ قَوْمِكِ بالكُفْرِ لَهَدَمْتُ الكَعْبَةَ وَبَنَيْتُها» والمُرادُ به قُرْبُ عَهْدِهم بالكُفْرِ والخُرُوجِ منه والدُّخُول في الإِسلامِ وأَنَّهُ لم يَتَمَكَّنِ الدِّينُ في قُلُوبِهِم، فإِن هَدَمْتُ الكَعْبَةَ وغيَّرْتُهَا رُبَّمَا نَفَرُوا من ذلك.

  وحداثَةُ السِّنِّ: كِنَايَةٌ عن الشَّبَابِ وأَوَّلِ العُمُرِ.

  والحدثانُ⁣(⁣١) من الدَّهْرِ: نُوَبُهُ وما يَحْدُثُ منه كحَوَادِثِه، واحِدُها حادِث، وأَحْدَاثِهِ واحِدُها حَدَثٌ.

  وقال الأَزْهَرِيّ: الحَدَثُ من أَحْدَاثِ الدَّهْرِ: شِبْهُ النَّازِلَةِ.

  وقال ابنُ منظور: فأَمّا قولُ الأَعْشَى:

  فإِمّا تَرَيْنِي وَلِي لِمَّةٌ ... فإِنّ الحَوَادِثَ أَوْدَى بِهَا

  فإِنه حذف للضَّرُورَة⁣(⁣٢) وذلك لِمَكَان الحَاجَةِ إِلى الرِّدْفِ.

  وأَمّا أَبُو عليٍّ الفَارِسِيّ، فذَهَبَ إِلى أَنه وَضَعَ الحَوَادِثَ مَوضِعَ الحَدَثَانِ، كما وَضَعَ الآخَرُ الحَدَثَانَ مَوْضعَ الحَوَادِثِ في قوله:

  أَلَا هَلَكَ الشِّهَابُ المُسْتَنِيرُ ... ومِدْرَهُنَا الكَمِيُّ إِذا نُغِيرُ

  ووَهَّابُ المِئِينَ إِذا أَلَمَّتْ ... بنا الحَدَثَانُ والحَامِي النَّصُورُ⁣(⁣٣)

  وقال الأَزهريّ: وربما أَنَّثَتِ العَرَب الحَدَثَانَ، يَذْهَبُونَ به إِلى الحَوادِث.

  وأَنشد الفَرّاءُ هذين البَيْتَيْنِ، وقال: تقولُ العَربُ: أَهْلَكَتْنَا⁣(⁣٤) الحَدَثَانُ، قال: فأَمّا حِدْثَانُ الشَّباب، فبكسرِ الحاءِ وسكون الدال.

  قال أَبو عمرٍو الشيبانيّ: [يقال]:⁣(⁣٥) أَتَيْتُهُ في رُبَّى شَبابِه ورُبَّانِ شَبَابِه، وحُدْثَى شَبَابِه، وحِدْثَانِ شَبَابِه، وحَدِيثِ شَبَابِه، بمعنًى واحِدٍ.

  قلت: وبمثل هذا ضبطَهُ شُرَّاحُ الحَمَاسَة، وشُرَّاح ديوانِ المُتَنَبّي، وقالُوا: هُو مُحَرَّكة: اسمٌ بمعنى حَوَادِثِ الدَّهْرِ ونَوَائِبِه، وأَنشدَ شيخُنا | في شرحه قول الحَمَاسِيّ:

  رَمَى الحَدَثَانُ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ ... بمِقْدَارٍ سَمَدْنَ له سُمُوداً

  فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضاً ... وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ البِيضَ سُودَا

  مُحَرَّكَة، قال: وكذلك أَنشَدَهما شَيْخَانا ابنُ الشّاذِلِيّ، وابن المسناوِيّ، وهُمَا في شرحِ الكافِية المالكيّة، وشُرُوح التَّسْهِيل، وبعضُهم اقْتَصَرَ على ما في الصّحاح من ضبطهِ بالكَسْرِ كالمُصَنّف، وبعضُهُم زاد في الصّحاح من ضبطهِ بالكَسْرِ كالمُصَنّف، وبعضُهُم زاد في التَّفَنُّنِ، فقال: حَدَثانِ: تَثْنِيةُ حَدَث، والمراد منهما: اللّيلُ والنّهَار، وهو كقولهم: الجَدِيدانِ، والمَلَوانِ، ونحو ذلك.

  والأَحْدَاثُ: الأَمْطَارُ الحادِثَةُ في أَوَّل السَّنة، قال الشاعر:

  تَرَوَّى من الأَحْدَاثِ حَتّى تَلاحَقَتْ ... طَوائِفُه واهْتَزّ بالشِّرْشِرِ المَكْرُ⁣(⁣٦)

  وفي اللسان: الحَدَثُ: مثلُ الوَلِيّ، وأَرْضٌ مَحْدُوثَةٌ: أَصابَها الحَدَثُ.

  وقال الأَزهريّ: شابٌّ حَدَثٌ: فَتِيُّ السِّنِّ، وعن ابن سيدَه: رَجُلٌ حَدَثُ السِّنّ، وحَدِيثُهَا، بَيِّنُ الحَدَاثَة والحُدُوثَةِ: فَتِيٌّ، ورجالٌ أَحْدَاثُ السِّنِّ وحُدْثَانُهَا، وحُدَثَاؤُهَا. ويقال: هؤلاءِ قَوْمٌ حُدْثَانٌ: جَمْعُ حَدَثٍ، وهو الفَتِيُّ السِّنِّ.

  قال الجَوْهَرِيّ: ورَجُلٌ حَدَثٌ، أَي شَابٌّ، فإِن ذَكَرْتَ السِّنَّ قلتَ: حَدِيثُ السِّنّ. وهؤلاءِ غِلْمَانٌ حُدْثَانٌ، أَي أَحْدَاثٌ.


(١) جاءت هنا معطوفة على التي قبلها «حدثان بكسر الحاء وسكون الدال. والصواب بالتحريك كما في التهذيب والتكملة والصحاح. وقد أشار بهامش اللسان إلى هذا الضبط.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله فإنه حذف الخ أي حذف التاء».

(٣) الأصل واللسان، وفي التهذيب: وحمال بدل ووهاب، والأنف بدل والحامي.

(٤) في التهذيب: أهلكنا.

(٥) زيادة عن التهذيب.

(٦) بالأصل طوائفه وما أثبت عن اللسان، وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله طوائفه، كذا بخطه والذي في اللسان في مادة شرر طرائقه».