فصل الحاء المهملة مع الثاء المثلثة
  وكلُّ فَتِيٍّ من النّاسِ والدَّوابِّ والإِبِلِ حَدَثٌ، والأُنْثَى حَدَثَةٌ، واستعملَ ابنُ الأَعْرَابِيّ الحَدَثَ في الوَعلِ، قَالَ: فإِذا كانَ الوَعِلُ حَدَثاً فَهُوَ صَدَعٌ، كذا في اللّسان.
  قلتُ: والذي قاله المصنّف صرَّحَ به ابنُ دُرَيْد في الجَمْهَرَة، ووافقَه المُطَرِّزِيّ في كتابه غريب أَسماءِ الشّعراءِ، وابنُ عُدَيْس، كما نَقَلَه اللَّبْلِيُّ عنه من خَطِّه، والذي قاله الجَوْهَرِيّ صَرّحَ به ثَعْلَبٌ في الفصيح، واللِّحْيَانيّ في نَوادِرِه.
  ونقل شيخُنَا عن ابنِ دُرُسْتَوَيه: العامَّة تقول: هو حَدَثُ السِّنِّ، كما تقول: حَدِيثُ السِّنّ، وهو خطَأٌ؛ لأَن الحَدَثَ صِفَةُ الرّجُلِ نفْسهِ، وكان في الأَصل مصدَراً فوُصِفَ به، ولا يُقَال للسِّنّ حَدَثٌ، ولا للضِّرْس حَدَثٌ، ولا لِلنَّابِ، ولا تَحْتَاجُ معه إِلى ذِكْرِ السِّنِّ، وإِنّما يقال للغُلامِ نفْسِه: هو حَدَثٌ، لا غيرُ، قال: فأَمّا الحَدِيثُ، فصِفَةٌ يُوصَفُ بها كلُّ شيْءٍ قريبِ المُدَّةِ والعَهْدِ به، وكذلك السِّنّ الحَدِيثَةُ النَّبَاتِ، والحَدِيثُ السِّنِّ من الناسِ: القريبُ السِّنّ والمَوْلِدِ، ثم قال: وعليه أَكثرُ شُرّاحِ الفَصِيحِ.
  قلت: وبه سُمّيَ الحَدِيث وهو: الجَدِيدُ من الأَشياءِ.
  والحَدِيثُ: الخَبَرُ، فهما مُترادِفانِ، يأْتي على القَلِيل والكثيرِ كالحِدِّيثَى، بكسرٍ وشدِّ دالٍ، على وزن خِصِّيصَى، تقول: سَمِعْتُ حِدِّيثَى حَسَنَةً، مثل خِطِّيئَى، أَي حَدِيثاً.
  وج أَحَادِيثُ، كقَطِيعٍ وأَقَاطِيعَ، وهو شاذٌّ على غيرِ قِياسٍ وقيل: الأَحادِيثُ جمع أُحْدُوثَة، كما قاله الفَرّاءُ وغيرُه، وقيل: بل جمعُ [الحديث](١) أَحْدِثَة، على أَفْعِلَة؛ ككَثِيبٍ وأَكْثِبَةٍ.
  وقد قَالُوا في جَمْعه: حِدْثانٌ بالكسر، ويُضَمّ، وهو قليل، أَنشد الأَصمعيّ:
  تُلَهِّي المَرْءَ بالحُدْثانِ لَهْواً ... وتَحْدِجُه كما حُدِجَ المَطِيقُ(٢)
  ورواه ابنُ الأَعْرَابِيّ: بالحَدَثانِ محرّكَة، وفسّره فقال: إِذا أَصَابَه حَدَثَانُ الدَّهْرِ من مصائِبِه ومَرازِئه(٣) أَلْهَتْهُ بِدَلِّها وحَدِيثِها [عن ذلك](٤).
  ورجلٌ حَدُثٌ بفتح فضمّ وحَدِثٌ بفتح فكسر وحِدْثٌ بكسر فسكون وحِدِّيثٌ كسِكِّينٍ، زاد في اللّسَان ومُحَدِّث، كلّ ذلك بمعنًى واحدٍ، أَي كَثِيرُه حَسَنُ السِّيَاقِ له، كلّ هذا على النَّسَبِ ونحوه، هكذا في نسختنا، وفي أُخرى: رَجُلٌ حَدُثٌ، كنَدُسٍ، وكَتِفٍ وشِبْرٍ، وسِكِّيتٍ، وهذا أَوْلَى؛ لأَنّ إِعْرَاءَ الكلماتِ عن الضَّبْطِ غيرُ مناسبٍ، وضبطَهَا الجوهريّ فقال: ورجل حَدُثٌ وحَدِثٌ، بضم الدال وكسرها، أَي حَسَنُ الحديثِ، ورجلٌ حِدِّيثٌ مثلُ فِسِّيقٍ، أَي كثيرُ الحَدِيثِ، ففرّق بين الأَوَّلَيْن بأَنَّهُمَا الحَسَنُ الحديثِ، والأَخِيرُ: الكثيرُه(٥).
  قال شيخُنا: وفي كلام غيرِه ما يَدُلُّ على تَثْلِيثِ الدَّالِ، وقال صاحِبُ الواعي، الحَدِث: من الرجال، بضمّ الدّال وكسرها، هو الحَسَنُ الحَدِيثِ، والعامَّة تقول الحِدِّيث، أَي بالكسر والتَّشْدِيد، قال، وهو خَطَأٌ، إِنما الحِدِّيثُ: الكثيرُ الحَدِيثِ.
  والحَدَثُ: محرّكةً: الإِبْداءُ، وقد أَحْدَثَ، من الحَدَثِ.
  ويقال: أَحْدَثَ الرَّجُلُ؛ إِذا صَلَّعَ وفَصَّعَ(٦) وَخَضَفَ، أَيَّ ذلك فَعَلَ، فهو مُحْدِثٌ. وأَحْدَثُه: ابْتَدَأَهُ وابْتَدَعَهُ، ولم يَكُنْ قَبْلُ.
  والحَدَثُ: د، بالرُّومِ، وفي اللسان: موضِعٌ متَّصل ببِلادِ الرُّومِ، مُؤَنَّثَةٌ، زاد الصّاغانيّ: وعندَهُ جَبَلٌ يقال له: الأُحَيْدِبُ، وقَدْ ذُكِرَ في موضِعِه.
  والحَدِيثُ: ما يُحْدِّثُ به المُحَدِّثُ تَحْدِيثاً، وقد حَدَّثَهُ الحَدِيثَ، وحَدَّثَهُ بهِ.
  وفي الصّحاح: المُحَادَثَةُ والتَّحَادُثُ والتَّحَدُّثُ والتَّحْدِيثُ مَعروفاتٌ.
(١) زيادة اقساها السياق.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله كما حدج المطيق قال في اللسان: هو مثل، أي تغلبه بدلها وحديثها حتى يكون من غلبتها له كالمحدوج المركوب الذليل من الجمال».
(٣) عن اللسان، وبالأصل «ومرازيه».
(٤) زيادة عن اللسان.
(٥) وفي التهذيب: ورجل حِدْثٌ أي كثير الحديث، وعن اللحياني قال: رجل حَدَثٌ وحِدْثٌ إذا كان حسن الحديث.
(٦) عن اللسان، وبالأصل «قصع».