تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أحح]:

صفحة 3 - الجزء 4

بَابُ الخاء

  قال الخليلُ: الحَاءُ حرفٌ مَخْرَجُه من الحَلْق. ولو لا بُحّة فيه لأَشْبَه العَيْن. قال: وبعد الحاءِ الهاءُ، ولم يأْتلِفا في كَلمةٍ واحدةٍ أَصليّةِ الحُروف. وقَبُح ذلك على أَلسنِة العَرَب، لقُرْبِ مَخْرَجَيهما، لأَنّ الحاءَ في الحَلق بِلزْقِ العَيْن، وكذلك الحاءُ والهاءُ، ولكنهما يَجتمعانِ في كَلمتين، لكُلِّ واحدةٍ معنًى على حِدَةٍ، كقول لَبيد:

  يَتَمَارَى⁣(⁣١) في الَّذِي قُلتُ لَهُ

  ولَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلِي: حَيَّ هَلْ

  وكقولِ الآخَرِ: هَيْهَاهْ وحَيْهَلَه، وإنّمَا جَمَعَها من كلمتينِ [حيَّ، كلمةٌ على حدة ومعناه هلمَّ، وهل، حِثّيثَى، فجعلهما كلمة واحدة]⁣(⁣٢). وكذلك ما جاءَ في الحديث: «إِذا ذُكِر الصّالحون فحَيَّهَلاً بعُمَرَ»: أَي فَأْتِ بذِكْرِ عُمَرَ.

  قال: وقال بعضُ النّاس: الحَيْهَلَة: شَجَرَةٌ. قال: وسَأَلْنا أَبا خَيْرَة وأَبا الدُّقَيشِ وعِدَّةً من الأَعرابِ عن ذلك، فلم نَجدْ له أَصلاً ثابتاً نَطَق به الشُّعراءُ أَو روايةً مَنسوبة مَعروفةً، فعلمنا أَنها كلمةٌ مولَّدَةٌ وُضِعَت للمُعاياةِ. قال ابنُ شُمَيل: حَيَّ هَلَا: بَقْلَةٌ تُشْبِه الشُّكَاعَى، يقال: هذه حَيَّ هَلَا،⁣(⁣٣) كما تَرَى لا تُنوَّن، مثل خَمْسةَ عشرَ، كذا في التّهذيب واللِّسان.

فصل الهمزة مع الحاءِ المهملة

  [أجح]: الإِجَاحُ، مثلَّثة الأَوّلِ، إِنما أَتَى بلفظ الأَوّل مع كونه مخالفاً لاصطلاحِه لئلّا يَشْتَبِه بوَسطِ الحُروف وآخرِها، لأَنّ كُلًّا منهما يَحتمِل التَّثليثَ، ومعناه السِّتْرُ. وسيأْتي في «وجح» فالهمزة مبدلَة منه.

  [أحح]: أَحَّ الرَّجُلُ يَؤُحّ أَحّاً: إِذا سَعَلَ قال رُؤبةُ بنُ العَجّاجِ يَصف رَجُلاً بَخيلاً إِذا سُئِل تَنَحْنَحَ وَسَعَلَ:

  يَكَادُ من تَنَحْنُحٍ وأَحٍّ

  يَحْكِي سُعَالَ النَّزِقِ الأَبَحِّ

  والأُحَاحُ، بالضّمّ: العَطَشُ، والغَيْظُ. وقيل: اشتدادُ الحُزْنِ أَو العَطَشِ. وسمِعْت له أُحَاحاً، إِذا سَمِعْتَه يتوَجَّع من غَيْظٍ أَو حُزْن. قال:

  يَطْوِي الحَيَازِيمَ على أُحَاحٍ

  والأُحَاحُ: حَزازَةُ الغَمِّ، كذا بخطّ الجوهريّ بزاءَينِ، وفي نُسخة: براءَينِ⁣(⁣٤) كالأَحِيحَةِ والأحِيحِ والأُحَّةِ.

  ويقال: أَحْأَحَ زَيدٌ من باب أَفْعَل: أَكْثَرَ من قوله: يا أُحَاحُ بالضّمّ.

  وأَحَّ الرَّجلُ وأَحَّى، إِذا تَوجَّعَ أَو تَنَحْنَحَ. وقيل: أَحَّ، إِذا ردَّدَ التَّنَحْنُحَ في حَلْقه، [وقيل]⁣(⁣٥) كأَنّه تَوجُّعٌ⁣(⁣٦) مع تَنَحْنُح وأَصْلُهُ، أَي أَحَّى، أَحَّحَ، كتَظَنَّى أَصْلُه تَظنَّن، قُلِبت حاؤُه ياءً.

  وقال الفرَّاءُ: في صدْرِه أُحاحٌ وأَحِيحَة من الضِّغْن، وكذلك من الغَيْظ والحِقْدِ. وبه سُمِّيَ أُحَيْحَةُ مصغَّراً رجلٌ من الأَوْس، وهو ابنُ الجُلَاحِ، بالضَّمّ، الأنصاريّ.

  وفي الموعب: أَحَّ القَومُ يَئِحّون أَحًّا، إِذا سَمِعْتَ لهم حَفيفاً عند مَشْيِهم، وهذا شاذٌّ.

  * واستدرك شيخُنا أَبا أُحَيحةَ سَعيد بن العَاصِ بن أُمَيّةَ،


(١) عن الديوان وبالأصل «يتمادى».

(٢) أشار إلى هذه الزيادة بهامش المطبوعة المصرية، وما أثبت زيادة عن اللسان.

(٣) في اللسان: «حَيَّهَلا».

(٤) مثلها في اللسان حرارة الغم.

(٥) زيادة عن اللسان.

(٦) عن اللسان وبالأصل «من».