فصل الراء مع الحاء المهملة
  يقال: قال: ولَا يقال لشيْءٍ من الخَلْق رُوحانيّ إِلَّا للأَرْواح الّتي لا أَجسادَ لها، مثل الملائكةِ والجِنّ وما أَشبهها؛ وأَما ذواتُ الأَجسامِ فلا يُقال لهم: رُوحانِيُّون. قال الأَزهريّ: وهذا القولُ في الرُّوحانيِّين هو الصّحيح المعتمَد، لا ما قاله ابنُ المُظَفِّر أَنّ الرُّوحانِيّ [الجسد](١) الّذِي نُفِخَ فيه الرُّوحُ.
  والرِّيح م وهو الهَواءُ المُسخَّرُ بين السّماءِ والأرض؛ كما في المصباح، وفي اللسان: الرِّيح: نَسيمُ الهواءِ، وكذلك نَسيمُ كلِّ شيْءٍ، وهي مؤنّثة. ومثله في شرح الفَصِيح للفِهْريّ. وفي التَّنْزِيل: {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ}(٢) وهو عند سيبويه فِعْل، وهو عند أَبي الحسنِ فعْل وفُعْل(٣). والرِّيحة: طائفة من الرِّيح؛ عن سيبويه. وقد يجوز أَن يَدُلَّ الوَاحدُ على ما يَدُلُّ عليه الجمعُ. وحكَى بعضُهم رِيحٌ رِيحَةٌ. قال شيخنا: قالوا: إِنما سُمِّيَت رِيحاً لأَنّ الغالبَ عليها في هُبوبها المَجيءُ بالرَّوْح والرّاحَة، وانقطاعُ هُبوبِهَا يُكْسِب الكَرْبَ والغَمَّ والأَذَى، فهي مأْخوذة من الرَّوْح؛ حكاه ابنُ الأَنباريّ في كتابة الزاهر، انتهَى.
  وفي الحديث: كان يقول إِذا هاجَتِ الرِّيحُ «اللهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحاً ولا تَجْعَلْهَا رِيحاً». العرب تقول لا تَلْقَحُ السّحَابُ إِلّا من رياحٍ مختلفة، يريد اجْعَلْهَا لَقَاحاً للسَّحاب ولا تَجْعَلْهَا عَذاباً. ويُحَقِّق ذلك مَجيءُ الجَمْعِ في آياتِ الرَّحْمَة، والوَاحد في قِصَص العَذابِ: ك {الرِّيحَ الْعَقِيمَ}(٤)، و {رِيحاً صَرْصَراً}(٥). ج أَرْواحٌ.
  وفي الحديث: «هَبَّتْ أَرْوَاحُ النَّصْر».
  وفي حديث ضِمَامٍ «إِني أُعالجُ من هذَه الأَرواحِ»، هي هنا كِناية عن الجِنّ، سُمُّوا أَرْوَاحاً لكَوْنِهم لا يُرَوْن، فهم بمنزلة الأَرواحِ وقد حُكِيَت: أَرْياحٌ وأَرايِيح(٦)، وكلاهما شاذٌّ.
  وأَنكر أَبو حاتم على عُمارة بن عَقِيل جمعَه الرّياح(٧) على الأَرْياح قال: فقلت له فيه: إِنما هو أَرْواح. فقال: قد قال الله تبارك وتعالى {وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ}(٨) وإِنما الأَرْوَاحُ جمع رُوحٍ. قال فعلمتُ بذلك أَنه ليس ممن يُؤخذ عنه. وفي التهذيب: الرِّيح ياؤُها واوٌ، صُيِّرت ياءً لانْكِسَار ما قبلها، وتَصْغِيرُهَا رُوَيْحةٌ، وجمعها رِياحٌ وأَرْوَاح، وريَحٌ كعِنَب، الأَخيرُ لم أَجِدْه في الأُمَّهات. وفي الصّحاح: الريحُ واحدةُ الرِّياح(٩) وقد تُجْمع على أَرْوَاحٍ، لأَن أَصْلَها الواو، وإِنما جاءَتْ بالياءِ لانكسار ما قبلها، وإِذا رَجعوا إِلى الفتح عادت إِلى الواو، كقولك أَرْوَحَ الماءُ.
  جج، أَي جمْع الجمْعِ أَراوِيحُ، بالواو وأَرايِيحُ، بالياءِ، الأَخيرةُ شاذَّةٌ كما تقدم.
  وقد تكون الرِّيح بمعنى الغَلَبَة والقُوَّةِ. قال تَأَبَّط شَرًّا، وقيل: سُلَيكُ بنُ السُّلَكةِ:
  أَتَنْظُرانِ قليلاً رَيْثَ غَفْلَتِهِمْ
  أَو تَعْدُوانِ فإِنّ الرِّيحَ للعَادِي
  ومنه قوله تعالى: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}(١٠) كذا في الصّحاح. قال ابن بَرِّيّ: وقيل: الشّعر لأَعْشَى فَهْمٍ.
  والرِّيح: الرَّحْمَةُ، وقد تَقدّمَ الحديث: «الرِّيح من رَوْح الله» أَي من رَحْمَة الله. و في الحديث: «هَبَّت أَرْوَاح النَّصْرِ». الأَرواح: جمع رِيح.
  ويقال: الرِّيح لآلِ فلان، أَي النُّصْرةُ والدَّوْلَةُ. وكان لفلانٍ رِيحٌ. وإِذا هَبَّت رِياحُك فاغْتَنِمْهَا. ورجل ساكنُ الرِّيح: وَقُورٌ، وكلّ ذلك مجاز؛ كما في الأَساس.
  والرِّيح: الشَّيءُ الطَّيِّبُ.
  والرَّائِحَة: النَّسِيمُ، طَيِّباً كان أَو نتنِاً، والرائِحَةُ: رِيحٌ طَيِّبةٌ تَجِدُهَا في النَّسِيم. تقول: لهذه البَقْلةِ رائحةٌ طَيِّبةٌ.
  ووجدتُ رِيحَ الشيْءِ ورائحته، بمعنًى.
  ويَوْمٌ رَاحٌ: شَديدُهَا، أَي الرِّيحِ، يجوز أَن يكون فاعلاً ذَهَبتْ عَينُه، وأَن يكون فَعْلاً. وليلة راحَةٌ. وقد رَاحَ يَومُنا يَرَاحُ رِيحاً(١١)، بالكسر: إِذا اشتَدَّتْ رِيحُه.
  وفي الحديث
(١) زيادة عن التهذيب.
(٢) سورة آل عمران الآية ١١٧.
(٣) ضبطت في اللسان عند سيبويه: فَعْلٌ، وعند أَبي الحسن: فِعْلٌ وفَعْلٌ.
(٤) يريد الآية الكريمة: وفي عاد إِذ أرسلنا عليهم الريح العقيم.
(٥) سورة فصلت الآية ١٦.
(٦) في اللسان: أرايح.
(٧) في اللسان: الريح.
(٨) سورة الحجر الآية ٢٢.
(٩) في الصحاح: واحدة الرياح والأرياح.
(١٠) سورة الأنفال الآية ٤.
(١١) في اللسان ريحا بفتح الراء ضبط قلم. وفي التهذيب ضبطت كالأصل.