تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين المهملة مع الحاء

صفحة 79 - الجزء 4

  المُؤرِّجُ: هو الفَرَاغُ والجِيئةُ والذَّهابُ. قال أَبو الدُّقَيْش: ويكون السَّبْح أَيضاً فَرَاغاً باللَّيْل. وقال الفرَّاءُ: يقول: لك في النّهَار ما تَقْضِي حوائجَك. وقال أَبو إِسحاقَ: مَنْ قَرَأَ سَبْخاً فمعناه قَريبٌ من السَّبْح وقال ابنُ الأَعْرَابيّ: السَّبْح: الاضطراب والتَّصرُّف في المَعاش. فمَنْ قرَأَه أَرادَ به ذلك، ومن قرأَ سَبْخاً أَرادَ رَاحةً وتَخْفيفاً لِلأَبْدان.

  والسَّبْحُ الحَفْرُ. يقال: سَبَحَ اليرْبوعُ في الأَرْضِ، إِذا حَفَرَ فيها. وقيل في قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً} أَي فراغاً للنَّوْم. وقد يكون السَّبْح باللَّيْل. والسَّبْح أَيضاً: النَّوْمُ نفْسُه. والسَّبْح أَيضاً: السُّكُون. والسَّبْحُ: التَّقلُّبُ والانْتشارُ في الأَرض والتَّصرُّفُ في المَعَاشِ، فكأَنّه ضِدُّ. والسَّبْح: الإِبْعادِ في السَّيْرِ. قال ابن الفَرَج: سمعتُ أَبا الجَهْمِ الجَعْفَريَّ يقول: سَبَحْتُ في الأَرْضِ، وسَبَخْتُ فيها، إِذا تَبَاعَدْت فيها. والسَّبْح: الإِكْثَارُ من الكَلامِ. وقد سَبَحَ فيه، إِذا أَكْثَر.

  وعن أَبي عَمْرٍو: كِسَاءٌ مُسبَّحٌ، كمُعَظَّمٍ: قَوِيٌّ شَديدٌ.

  وعنه أَيضاً: كساءٌ مُسَبَّحٌ: أَي مُعرَّضٌ، وقد تقدّم في الجيم.

  والسَّبّاحُ ككَتّانٍ: بَعيرٌ، على التَّشْبيه. والسَّبّاح: جَوادٌ مَشْهُورٌ.

  وسَبَاحٌ كسَحَابٍ: أَرْضٌ عند مَعْدِن بني سُلَيمٍ مَلْسَاءُ؛ ذكَرَه أَبو عُبَيدٍ البَكريّ في مُعْجَمه⁣(⁣١).

  ومن المجاز: السَّبُوح كصَبورٍ فَرَسُ رَبيعةَ بنِ جُشَمَ، على التَّشبيهِ. وفي شَواهد التَّلْخِيص:

  وتُسْعِدني في غَمْرةٍ بعدَ غَمْرةٍ

  سَبُوحٌ لها مِنْها عليها شَواهِدُ

  وسَبُوحَةُ بفتح السِّين مخفَّفة: مَكَّةُ المشرَّفةُ، زِيدت شَرَفاً، أَو وَادٍ بعَرَفات⁣(⁣٢)، وقال يَصف نُوقَ الحَجِيجِ:

  خَوارِجُ من نَعْمانَ أَو مِن سَبُوحَةٍ

  إِلى البيْتِ أَو يخْرُجْنَ مِن نَجْدِ كَبَكَبِ

  والمُسَبِّح، كمُحَدِّث، اسمٌ وهو المُسَبِّحُ بنُ كعبِ بنِ طَرِيفِ ابن عُصُرٍ الطائيّ، وولده عَمْرٌو أَدرك النّبيّ ÷، وكان مِن أَرْمَى العربِ، وذَكَرَه امرؤُ القَيْس في شِعْرِه:

  رُبَّ رامٍ من بنِي ثُعَلٍ⁣(⁣٣)

  وبنو مُسَبِّح: قبيلةٌ بواسِطِ زَبِيدَ يُواصِلُون بَنِي النّاشرِيّ؛ كذا في أَنساب البشر.

  والأَمير المُخْتَار عِزّ المُلْكِ محمّد بن عُبيدِ اللهِ بن أَحمد المُسَبِّحيّ الحرّانيّ⁣(⁣٤): أَحد الأُمراءِ المِصريّين وكُتّابِهم وفُضلائهم، كان على زِيِّ الأَجْنَادِ، واتَّصل بخِدْمة الحاكمِ، ونال منه سعادةً. ولهُ تَصَانيفُ عَديدةٌ في الأَخبارِ والمُحَاضرةِ والشُّعراءِ. من ذلك كتابُ التَّلويح والتَّصْريح في الشِّعر، مائةُ كُرَّاس⁣(⁣٥)؛ ودَرْك البُغْيةِ في وَصْفِ الأَديانِ والعِبَادَاتِ، في ثلاثةِ آلافٍ وخَمْسِمائةِ وَرقَةٍ؛ وأَصْنافُ الجِمَاع، أَلفٌ ومائتا ورقة، والقضايا الصّائبة في معاني أَحْكامِ النُّجُوم، ثلاثةُ آلافِ وَرَقَة؛ وكتاب الرّاح والارتياح، أَلْفٌ وخمسمائةِ ورَقَةٍ؛ وكتاب الغَرَقِ والشَّرق فيمن مات غرقاً أَو شرقاً⁣(⁣٦)، مائتا ورَقَةٍ؛ وكتاب الطعام والإِدام، أَلْف ورقةٍ؛ وقِصَص الأَنبياءِ $، أَلفٌ وخَمسمائةِ وَرَقَةٍ؛ وجُونَة المَاشطة، يَتضمَّنن غرائبَ الأَخبارِ والأَشعارِ والنَّوادر، أَلْفٌ وخَمسمائةِ وَرَقَةٍ؛ ومُخْتار الأَغاني ومعانيها، وغير ذلك. وتولّى المِقْيَاسَ⁣(⁣٧)، والبَهْنَسا من الصّعيد. ثم تَولَّى دِيوَانَ التَّرْتيب. وله مع الحاكم مَجالسُ ومُحاضرات.

  وُلد سنة ٣٦٦ وتوفي سنة ٤٢٠.

  وأَبو محمد بركَةُ بن عَلّي بن السّابِحِ الشُّرُوطِيّ، الوكيل، له مُصَنَّف في الشُّرُوط، تُوُفِّي سنة ٦٥٠؛ وأَحمد بن خَلفٍ السَّابحُ، شيخٌ لابن رِزْقوَيْهِ؛ وأَحمد بن خَلَفِ بنِ محمّد أَبو العبّاس، روَى عن أَبيه، وعن زكَريّا بن يحيى بن يعقوب


(١) لم ترد في معجم ما استعجم، وأثبتها صاحب معجم البلدان.

(٢) كذا بالأصل والقاموس والصحاح واللسان ومعجم البلدان، وفي معجم ما استعجم: سَبُوحة: وادٍ قِبَلَ اليمن.

(٣) ديوانه وعجزه فيه:

متلج كفيه في قُترِهُ

(٤) حراني الأصل، مصري المولد.

(٥) في وفيات الأعيان ٤/ ٣٧٨ ألف ورقة.

(٦) في وفيات الأعيان: وشرقاً.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله المقياس، الذي في ابن خلكان القيس، كذا بهامش المطبوعة. قال المجد: وقيس كورة بمصر.» وعند ابن دقماق: القيس من القرى الاطفيحية. ولعل القيس هي الفيوم.